مشاهدة النسخة كاملة : حجرة الذكريات والهروب
لأنتَ من دخلتَ إلى فؤادي
إلى أغوارِهِ، وسَمَـت بعيني
شمائلُك الحـسان نهبنَ قلبي
وروحُك بالجمالِ لها حنيني
ومنكَ تَـعَّـلَـمَ الصَّـبُ المُعَنَّى
معاني الحُبِّ من غيمٍ هتينِ
يـا بـُلـبُـل الدَّوحِ لا تــبـرحْ بَـوَادِيـنا
غَرَّد؛ فشدوُكَ في الأغصانِ يُشجِينا
شَنِّفْ بحرفٍ جميلٍ مِنكَ مسمَعَنا
هَـيِّـجْ بِـهِ الدَّمعَ يجري مِن مآقِينا
أصـداءُ شَــدوِكَ بالأشـعـارِ تُـطـرِبُـنا
في الذِّهنِ ترتَدُّ، تدوي في نَوَاحِينا
تغـدو القصائِدُ من إبداعِكُم شَجَرَاً
تُـؤتِي الثِّـمَـارَ، وتستهوي المَلَايينا
إن كانَ للنَّاسِ في أفقِ الدُّجى قَمَرُ
يـغـيـبُ في الشَّهـرِ أيَّـامَاً ويـنـدَثِـرُ
ففي سَمَا القلبِ بدرٌ، لا يُفَارِقِنِي
إشـعـاعُـهُ ليلةً، يأتي بِـهِ السَّحَرُ
يــزورني نـــازِلاً مِــن عِـلــوِهِ مَـلَـكَـاً
في الحُسنِ يرفُلُ، يحلو قُربَهُ السَّمَرُ
فلا أرى موضِعَاً بي للجُلوسِ لَـهُ
إلا على عرشِ قلبٍ، فرشُهُ الدُّرَرُ
أو بينَ أجفانِ عينٍ، كم تتوقُ بأنْ
تـضـمَّـهُ كـلُّـمـا يـرنُـــو لَـهُ النَّـظــرُ
أو جوفَ أنفاسٍ صدرٍ؛ كي يُخامِرُهُا
ما فـاحَ بالطيـبِ مِسكَـاً ثوبُـهُ العَطِرُ
ما كـلُّ خِلٍّ كخِلِّي بالوفـاءِ، لَـهُ
في كلِّ خالِجَةٍ مِن مُهجَتِي أَثَرُ
شفاءُ روحِيَ قطرٌ مِن سَحَائِبِهِ
في كـلمـةٍ مِنـهِ بالإسعادِ تنهَمِرُ
لأجلك أعفسُ الجمرا
وأعصرُ من دمي خمرا
وأقطفُ ورد أيامي
لأجلك أخضع القمرا.
يقول الجاحظ في الببان والتبيين :
كلّ زائدٍ ناقص، وكلّ قرينٍ مفارق، وكلّ غنيٍّ محتاج وإن عصفت به الخيلاء، وأبطره العجب، وصال على الأقران.
(أَحارِ تَرى بَرقاً أُريكَ وَميضَهُ
كَلَمعِ اليَدَينِ في حَبِيٍّ مُكَلَّلِ
يُضِيءُ سَنَاهُ أو مصابيحُ رَاهبٍ
أَمَالَ السَّليطَ بالذُّبالِ المُفَتَّلِ)
امرؤ_القيس
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــ
يشبه البرق في السماء النازل من غيم كثيف ملتف، بالسراج الذي أمال صاحبه فتيلته الموقدة، ليضيء أكثر.
انظر إلى جودة التشبيه في قوله أمال، وإلى ميول النار مع ميول البرق وشعاعه.
الفتيلة مائلة موقدة بالنار، مع شعاع البرق النازل من السماء.
لتعرف أي عين بصيرة كانت عين امرئ القيس، وأي نفس تتبع دقائق البيان. وهذا من أسباب تفوقه
ما كلُّ ذي لبٍّ .. لبيبٌ كيّسٌ
أو كلّ ذي قلبٍ .. يرقّ ويرحمُ
لقائلها
ويل للمهموم من الليل الطويل .
واكذب النفس إذا حدثتها
إن صدق النفس يزري بالأمل
" لبيد بن ربيعه العامري "
ستسهرُ اللّيـل؛ لا تـدري لِـمَ السَّهَـرُ
وتذرِفُ الشِّعرَ طُولَ الجُرحِ تَنتظِرُ
ومَن رحَلتَ إليهِ في القصيدةِ لن
يـفُـزَّ من نـومِـهِ الكهفِيِّ يـا مَطـرُ
ليـتَ الذي فيـه من اللوعـاتِ
ومن الشجونِ، وحرقةِ الآهاتِ
بي لا بهِ، عنـهُ أُناوِبُ حِملَهُ
عن قلبِه..ذاكَ النديُّ الشاتي
انظري من أنـت، ما أحلاكِ
أي أنثى قد شابهت معناكِ؟!
يا أرق النساء في الارض طرا
يا نسيم الصباح، ما أنقاكِ؟!
هذا هذيان الليل ياسادة
فلا عتب ولا عجب
مثل الآية التي حكم الله فيها على بني إسرائيل بالتيه،
لا أدري !! هذا الإحساس يصعب علي وصفه .
يا حجرة الموت الشهي سلامي
إني رضيت رضيت بالإعدام
" تلك إذا قسمة ضيزى "
إي وربي
إن مــرَّ ذكــــرُكــــمُ أنــــا أتَقَطَّعُ
وتضُجُ مِن فـرطِ الحنينِ الأضلُعُ
نفسي الفداءُ لسائلٍ عن حالِهِ
أمُعَذَّبٌ أم في النَّـعِـيــمِ يُرَتَّعُ
قد ذُبتُ وجدًا إذ بدا لي طيفُهُ
بخيالِهِ قــلــبٌ يــذوبُ ويفزَعُ
كم هَزَّني التوديعُ يا حُبَّاً مضى
مِن هجـرِهِ أبــدًا أخافُ وأجزعُ
أضحى مذاقُ العيشِ مُرَّاً بعدَكُم
ولكـلِّ مُــرٍّ في الحــشــايا مدمَعُ
أشهى الكوؤسِ نذوقُها في لِذَّةٍ
بأرقِّ مِـن صفــوٍ يقضُهُ مضجَعُ
يا للحيـاةِ كـأنَّـها مِــن مُهجتي
أضحت مباهِجُها تَضُرُّ وتُوجِعُ
لو كنتَ تذكُرُ حينَ كُنتُ مُوَدِّعاً
لأتيتني في خاطــري أو ترجَعُ
أو كُنتَ تذكرُ لهفتي ومحبتي
لرحِمتَني فـأنــا بذِكــرِكَ مُولَعُ!
ما للزُّهورِ جفونُها قــد أغمضت
حتى خيوطِ النَّجمِ ليست تلمَعُ؟!
الشوق يُوقِظُني ورَبِّي عالِمٌ
أنِّي إلى عـهـدِ المحبةِ أطمَعُ
جــورٌ لَــــهُ كَــــفٌّ تُقَطِّعُ خافقي
جمرٌ كوجهِ الشَّمسِ بل هوَ أفظَعُ
اللهُ قَــسَّــــمَ للخلائِقِ رزقَهُم
والحُبُّ دومًا كلُّ وقـتٍ يطلَعُ
إن كانّ بعضُ النَّاسِ ترجو قناعةً
فأخــو الهَــوَى بالبُــعـدِ لا لا يقنَعُ!!
هذا أنتَ عندي ...
ولأنتَ عندي أجمل من معانِ الطبيعة، وأبهي من فن الحسن، وأذكى من طيب المسك، إذا مس شيء علق به شاء أم أبى، فلا يستطيع أن يخلص منه، ولا يصح أن يخلص منه، وكأن بنات العطر قد خُلقن من ضلعك،
_ وتاللَّهِ _ لأنَّ حديثكَ له وقع في قلبي كإشراق الضحى، وأنفاس الصبح، فلا أدري بأي وصف أصفه !! ولا أي تعبير أعبر به !! ، غير أني أرى معناكَ في نفسي لغة حيَّةً تلد الحياة بمعانيها الحقيقية، تجيء في صورة لا يراها إلا محب قد علم أنه موجود في الوجود ذاته، وليس لأنه كائن حيَّ موجود والسلام،
_ لهذا يا حبيبي _ أتخيل معانيك بلاغة مصورة تترجم نعيم الجنة ولذة الخلود .
اسْمَعْ حَدِيثِي فَإِنَّ النَّفسُ تَخْتَنِقُ
أنَا الجَرِيِحُ وَقَلْبِي مُرَّهُ يَذِقُ
فَفِي ضَمِيرَي سُبُل الْغَرَام آسَى
وَفِي فُؤَادِي دَمْعٌ ردَّه الْغَرَق
إنِّي وَجَدْتُك بَعْد الْحُبّ أُمْنِيَةً
كَمَا وَجَدْتُكَ دَوْمًا هَالَة الشَّفَق
تفرين صَدْرِي وَمَا تَدْرِين فاجعتي
فمهجتي بِسِهَام الشَّوْق تَصْطَفِقُ
أرنو إلَى حُبِّ رُوْحٍ لَا أفارقها
أشتاقها بَرْدًا أُطفي بِهَا حرقي
أُرِيدُهَا مِثْل نُور الصُّبْح طَاهِرَةً
ترَدَّد الطُهْر فُرْقَانا عَلَى أُفُقِي
صبُّ لَهُ فِي الْهَوَى نَفْس مُقَسَّمَة
نِصْفٌ لَدَيْهَا وَنِصْفٌ راجف قلق
يَا أَيُّهَا الصَّبُ هَل أعطيكَ أجوبتي
أُعْطِيكَ إيَّاهُ فِي يُسْرٍ بِلَا رَهِق
يَا أنتَ هَلْ فِي بِلَادِ اللَّهِ مِنْ رَجُل
يُفْجُر الْحُبّ بركانا بِلَا نزَق
لَوْ قِيلَ لِي ذَاتَ يَوْمٍ هَا هُنَا أَمَل
لَا يَصْلُحُ المضنيانَ، الْخَوْفُ والأرقُ
حُبَّاً وكرامة لصمتٍ مخبوءٍ في قلبِكَ أقول:
للنُّجلِ عِـطـرٌ بالجوارحِ يعبُقُ
لكأنَّ أوصـالي نـسـيـمٌ يخفُقُ
النُّجـلُ نـورٌ في الفُـؤادِ مُهَيمِنٌ
كالبدرِ تسري في عُروقي تبرُقُ
ورحيقُـها شـمـسٌ تـدورُ بأضلُعِي
فمتى ذهبتُ ففي ضميري تشرُقُ
فكأنَّها موجٌ يُسافِرُ في دَمِي
وأكـادُ مِـن نورِ المَوَدَّةِ أغرَقُ
بالحُسنِ لا بالحرفِ يُكتَبُ إسمُها
بالقلبِ لا بـالـثَّـغـرِ شـوقـاً يُنطَقُ
صمتي حديـثُ التيهِ في حَرَمِ التي
أنــا في عَــوَالِـــمِ عـيـنِـهـا أتَـفَــرُّقُ
وأضِـيـعُ مني إن أتـاني طـيـفُـها
وأرى انسدالَ الجفنِ نعساً يطبُقُ
أفلا يجيءُ النُّجـلَ همسُ مَوَاجِدي
بالتَّوقِ يكـوي في الضُّلُوعِ ويُحرِقُ؟!
جُودِي بوَصلٍ يا الحبيبةُ إنَّني
حتى بقُربي مِنكِ نبضي شَيِّقُ!!
شعر: #نجلاء_فتحي
vBulletin® v3.8.11, Copyright ©2000-2024, TranZ by Almuhajir