![]() ![]() |
قبس من نور ( إبحار رأي، ومقال تسكبه حروفكم ) ( يمنع المنقول ) |
( إبحار رأي، ومقال تسكبه حروفكم )
( يمنع المنقول )
![]() |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
|||||||||||
|
|||||||||||
![]()
راودتني نفسي ــــــ للمرة الثالثة ــــــ أن أعيد تجربتي مع تربية الأغنام ، خاصة وأن المخاوف من ذلك الجرب اللعين الذي أصاب إحدى أغنامي قد تبددت ، فقدت مرت عليها أربع سنوات بسلام ، ولم أستطع مقاومة تلك الرغبة الجامحة خاصة وأنا أداوم بابنتي ـــــ يوميا ــــــ إلى قرية الخضراء الجنوبية ؛ بسبب تعيينها معلمة للغة الإنجليزية ـــــ هناك ـــــ مما أتاح لي المرور كل أربعاء على سوق الغنم في أبي عريش الواقع على طريق مشواري ، والاستمتاع بحركة البيع والشراء في ذلك السوق حتى التاسعة صباحا ، وكنتُ كلما أعجبتني إحدى الأغنام اشتريتها ووضعتها في ( الزريبة ) التي أنشأتها خلف منزلنا الجديد ، حتى أصبح لدي أحد عشر رأسا من الأغنام ، أقوم بتربيتها والعناية بها ، وقضاء أوقات فراغي معها ، جالبا لها أفضل أنواع البرسيم ، وقصب الذرة ( الوجيم= ) ، والخبز الجاف ، حتى استوتْ وسمنت ، وبدأتْ في التكاثر ذات أربعاء من عام 1432ه مررتُ على ذلك السوق ، وأثناء تجوالي بين الباعة لفتت نظري إحدى تلك الأغنام من نوع ( الماعز ) بشكلها الجذاب ، وتلك البقع السوداء التي تنتشر على مساحة جلدها الأبيض ، وبطنها الممتلئ الذي ينبئك بأن داخله اثنان من صغار المعز ، فاصلتُ صاحبها ( البائع ) في السعر فاستغل لهفتي عليها رافعا سعرها إلى ثمانمائة ريال ، لكني اشتريتها ، وعدتُ بها إلى منزلي ، ثم وضعتها بين بقية أغنامي ، وأوليتها عناية خاصة ، وعندما أحسستُ بقرب وضاعها عزلتها عن البقية في مكان خاص ؛ حتى لا تتعرض للنطح الجائر فيموت ما في بطنها أو تتعرض للتعسر .
اكتملتْ الأيام ، وبدأتْ لحظات الوِضاع ، لكني لاحظتُ أنها متعسرة ؛ إذ تقدمتْ رجلا الصغير خروجا من الفرج ، وهذا دليل على تعسر يجعلها تطلق أنين الاستغاثة ، عزمتُ على مساعدتها ؛ كي لا تنفق ، ألبستُ يديَّ بقفازين ( جاونتي ) وتدخلتُ حتى ولدتْ بسلام ، لكن الغريب أنها ولدت صغيرا واحدا فقط ( سخلة = ) ، وكنتُ حين اشتريتها أعتقد أنها ستلد اثنين أو أكثر . خرج ذلك الصغير إلى الحياة بنبيبه اللطيف ( مأمآته ) ، وقمتُ بإرضاعه عن طريق ( الرضَّاعة ) الصناعية بالحليب المتوفر لدينا في المنزل ( نيدو ) لمدة أربع وعشرين ساعة ؛ ريثما ينزل حليب الأم إلى ضِرعها ، تربى ذلك الصغير حتى أصبح ( جديا ) لطيفا ، حاملا أوصاف أمه في اللون والشكل والجمال . المشكلة أن ذلك الجدي ألفني وتعلق بي أكثر من أمه ، فكنتُ كلما دخلتُ إلى المنزل أجده في وجهي هاشا باشا مرحبا بصوته الصغير الجميل ( مااااااء ) ، وإن جلستُ على سريري في فضاء الحوش يأتي ؛ كي يشتمُّ رائحتي ثم يصعد على ذلك السرير ويتكئ بجانبي ، وإن ذهبتُ لغرفتي في الدور الأرضي ذهب ورائي ، وإن صعدتُ إلى الدور العلوي صعد خلفي حتى ضاقت به زوجتي ذرعا ، ولا أخفيكم بأنني أحببتُ هذا الجدي وجعلته مثل ابن لي ؛ خاصة وأني لم أرزق بأبناء من الذكور ، بل وأسميته ( زكيا ) ، ثم واصلتُ تربيته والعناية به حتى أصبح ( تيسا ) رشيقا جميلا ذا حركات بهلوانية ممتعة . في أحد الأيام من تلك الفترة قدم إلينا أحد الضيوف الأعزاء من مدينة جدة ، فلم يكن أمامي إلا أن أتحول إلى حاتم جازان الطائي وأقدم ولدي ( زكيا ) تكريما لذلك الضيف ، نعم ذبحتُ ولدي ( زكي ) وأكلتُ لحمه مع المدعوِّين ، وأحسن الله عزاءك يالغيث . وسلامتكم *** ![]() ![]() ![]() ........................................... = سيقان الذرة التي تكون في حالة متوسطة بين الاخضرار والاصفرار . = صغير العنز ذكرا كان أم أنثى ، وفي منطقتنا نطلق على صغير النعجة سخلة وهو خطأ شائع . للمزيد من مواضيعي
المصدر: منتديات مدائن البوح
![]()
علمتني الحياة أن أبني جسرا من الأمل فوق أي بحر من الأحزان
آخر تعديل الغيث يوم
08-04-2022 في 05:27 PM.
|
![]() |
#2 |
![]() ![]() |
![]()
من الألف إلى الياء
سرد .. تشويق .. مفارقات .. ابتسامة وتحيّة لقلمك والفكر . طاب نبضكَ والقلم أيها الغيث النبيل |
![]() ![]() ![]() |
![]() |
#3 |
![]() ![]() ![]() |
![]()
حفظ الله لك
كل أفراد أسرتك ورزق برهم في الدنيا والأخرة وقمت بواجب الضيافة على أكملها لأنك منبع الكرم والجود للختم والتنبيه ومكافأة المنتدى |
![]() ![]() |
![]() |
#4 |
![]()
إبنةُ الأدبِ
![]() ![]() ![]() |
![]()
مقالٌ إبداعيُّ شاركْـتَنا به موافقَك الرائعةَ
المنكَّهةَ بطعمِ الفُكاهةِ شدَّتني بدايةُ المقالِ الى تلكِ الرحمةِ الانسانيةِ المتمثّلةِ باعتناءِك الرحومِ بهذا الجدي الصغيرِ الذي تعّلقتْ روحُه برداءِ روحِك السمحاءِ لأنها تبقى أرواحٌ خلقَها اللهُ عزّ وجلّ وان ميزَّنا اللهُ بالعقلِ والتفكيرِ ثُمَّ صدمَـتْني نهايةُ المقالِ حتّى أن حرفي ترقرقَ دمعُه فمسحتُ أدمعَه على ذبحِ ذلك الجدي الوديعِ ولا عجبَ من تأثُّرِك بتلك الروحِ البريئةِ فهكذا هي الأرواحُ الطـيّـبةُ تجرحُها نسمةٌ وترفقُ بكلِّ مخلوقاتِ اللهِ العزاءُ للقلوبِ الشفيفةِ الرحيمةِ أخي الاديب الـغيث سلمْتَ ونقاءَ القلبِ ودامَ الفكرُ نيرًا |
![]() ![]() الصَـمْتُ كانَ وَسِـيْلَـتِي فِيْما مَضَى لَكِنَّ بِـئْرَ الصَـمْتِ قَدْ جَـفَتْ وَلمْ تَرْوِ الغُصُوْن يا لَـهْـجَـةَ التَـنْـدِيْـدِ حِـيْـنَ يَـطَـالُـها رَعْدٌ يُسَابِقُ بِالأسَى مَطَرَ الجُفُوْن ![]() ![]() ![]() ![]() |
![]() |
مواقع النشر (المفضلة) |
الكلمات الدلالية (Tags) |
ذبحت , ومجد , وأكلته |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 3 ( الأعضاء 0 والزوار 3) | |
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|
|
![]() |
||||
الموضوع | كاتب الموضوع | المنتدى | مشاركات | آخر مشاركة |
آه يا حبيبي يا ولدي) رسالة على عجل) | واجدة السواس | سحرُ المدائن | 12 | 01-29-2022 09:10 PM |
قلة من يفهم أنّ جنون الربيع إنّما هو وليد حزن الخريف. | بُشْرَى | الصحة والجمال (كل ما يهم أناقة المرأة) | 9 | 11-04-2021 05:51 PM |
يوم عزّة ومجد وفخار | خواطر قلم | سحرُ المدائن | 10 | 09-16-2021 08:42 AM |
في عينايَ يا ولدي مسيرَ الف عام | سَقَمْ | سحرُ المدائن | 6 | 05-06-2021 07:30 PM |
![]() ![]() |