سحرُ المدائن شهدٌ مستفيضٌ من أقداح القلب نثراً وشعراً فصيحًا ( يمنع المنقول ) |
شهدٌ مستفيضٌ من أقداح القلب نثراً وشعراً فصيحًا
( يمنع المنقول )
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
|||||||||||||
|
|||||||||||||
رصاصة حلم
رجاءً: ابتعدوا عن هذا النص ، أو ليقرأ كل قارئ بعينين مغمضتين... : : ... كان صديقي وكنت الكُرسيّ الذي لا تتزحح أقدامه متى أراد أن يقضي عليه أيام مرضه .. لكن مرضه الأخير قسم ظهري وأسقط أقدام الكُرسيّ الذي صرته لأجله. لم تمر على أحلامنا معًا غير ثلاثة عقود .. كانت القسوة تحفّها من بداية تقويمها إلى آخرها. كان كل شيء فيها يشبه وفاءنا، أحلامنا، أمجادنا التافهة: كأن نشتري دراجةً حين نكبُر، وكبُرنا ولم نستطع شراءها. كأن نركب في حوض سيارة إلى مدارسنا ولكن معظم الأعوام التي مرّت فيها من جوارنا سيارات حوض لم نستطع ركوبها ، فظلّت أقدامنا عجلة سيرنا الوحيدة. كأن نسافر إلى مدينةٍ كبيرةٍ تبعد عنّا مسافة لا يمكننا بلوغها إلا بالطيران –ونحن بلا أجنحة- وحين عجزنا عن الوصول إليها قررنا أن نجعلها مدينة دراستنا الجامعية. اغتربنا لأجل أن ننعم بمدينة كانت مجرد أحد أحلامنا وصولها ليس إلّا. كأن نطوف ونسعى نيابةً عن كل الذين فقدناهم، أو أحببناهم ولم نحُز عليهم ويقين نمى داخلنا أنّ دعاء مكة خير الدعاء المستجاب .. ولكننا فقدناهم –بمعناها- لأننا لم نستطع الطواف قبل أن يُحسم الفقدان. ثمة دعوات تؤجّل الرحيل، وثمة ابتلاءات تفعل ذلك أيضًا .. ونحن حُزنا على كلا الأمرين ابتلاءات ورحيل .. وعسى الله أن يغيّر ما لنا وما علينا، ولو في آخر أعمارنا النزيهة!. أين تلك الخطوات المكسورة، والمجبورة، والمجبوبة، والمحفورة؟ أين عين صديقي، وعيون أحبابي، وأين أنصبتي وتركتي منهم؟ أي أرضّ انشقّت عليهم، أو ابتلعتهم؟ أيّ سنوات عجاف مرّت حتى اليوم، وأيها سيأتي؟ نحن مرضى ولن نٌشفى من حُب الحياة حتى ولو رفعت أكفّها وأياديها كاملةً لتدعو علينا، حتى لو طردتنا من حُضن سعادتها ورمت بنا في شوارع العناء .. تلك الشوارع التي قد نذهب إليها وخلفنا من ينتظرنا وقد لا نعود يومًا إليهم –لسبب أننا ذهبنا من أجلهم- من أجل أرزاقهم، وأحلامهم الأصغر من أحلامنا يوم كنّا صغارًا. نحن لا نريدُ الشفاء أصلًا ، ولا نريد غير أن نرى غيرنا سعداء. الأحلام هي التي تطلق رصاصاتها على ظهورنا ونحن أحياء وفي كامل يقظتنا لا تلك التي تقتلنا ونحن نيام .. وحين نستيقظ ننساها. في الأرصدة أيام كثيرةٌ من كل الذي مضى وكل الذي سيكرر نفسه ونحن أمام مقود العُمر يدوسنا ظرف قاهر، أو ليل ساهر لنفرغ بعدها شحناتنا على أوراقنا التي تعلّمنا على سطورها الكتابة كيما نُشفى. - ليتك يا صديقي لم تُعلّمني الكتابة وتمضي. ليتك لم تنصت إليّ وأنا أقرأ قصائدي الصغيرة التي كبُرت في نظرك –والتي توقفت عن كتابتها من بعدك-. ها أنا ذا كتبت، وتحققت نبوءتك في سطوري، ورواياتي .. ولكنني نسيت أن أسألك قبل رحيلك تساؤلات تلميذ في عامه الأخير!؟ - كيف يمكننا إيقاف إطلاق الرصاصات التي تُطلق على أحلامنا، وصدورنا، وقلوبنا؟ كيف يمكننا فتح قلوبنا بعد أن عطبتها سنين الإيذاء؟ كيف نعصب على نبضاتنا لنقول لها سيري في طريق المشاعر من جديد ولا تتألمي؟ كيف نستطيع أن نقيل قلوبنا من عثراتها وقد احتمت بالصمت والكتابة والقصيدة؟ كيف نستعيد صدورنا من الذين أصلوها في آبار الغياب والرحيل واللا عودة .. كيف؟ كيف يا صديقي ، ويا رصاصة حلمي التي نسيت أن تُطلق على صدري لتحملني معك إلى حيثُ حياتنا الأخرى !؟ للمزيد من مواضيعي
إلهي منحتني نعمة الكلام ، إلهي فاجعل آخره الشهادة...
آخر تعديل جابر محمد مدخلي يوم
05-15-2022 في 02:02 PM.
|
مواقع النشر (المفضلة) |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 2 ( الأعضاء 0 والزوار 2) | |
|
|