قناديـلُ الحكايــــا يعدو الربيــع بعد الربيــع ويكبر البوح.. ( يمنع المنقول ) |
يعدو الربيــع بعد الربيــع ويكبر البوح..
( يمنع المنقول )
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||||||||||
|
||||||||||||
الزهايمر
العمُّ أحمد : قبلَ أن تقرأَ قصتي
أحضِرْ قهوةً مرّةً مع منديلا ربُّما حين تقرأُها ستبكي !! يسيرُ بين طرقاتٍ مظلمةٍ يبحثُ بين تخومِ البيوتِ المتهالكة والشوارعِ المتآكلة بيتًا كان له من بينِ هذه البيوتِ ينظرُ بعينِ الاستغراب فكلُّ ما حوله قد تغير ولبسَ ثوبَ الحداثةِ المحلات.. الشوارع.. الجيران كلُّ شيءٍ في المحلةِ الشعبية قد تغير سوى تلكَ البيوت التي شاخت وهرِمَت جدرانها ... استمرَ في البحثِ عن بيته وطنِه الذي تغرَّبَ عنه قبلَ أن يُكَـبَّـلَ بقيودِ الأسرِ بحربٍ ضروسٍ احرقَتِ الاخضرَ واليابس يمشي بأقدامٍ مُتعبَةٍ يجرُّ أذيالَ الخيبة بظهرٍ أحنى الزمنُ عودَه وعينينِ جففَ سيلانَها القدرُ مرَّ من أمامِ محلٍ لبيعِ المُرطباتِ لمحَ على جانبهِ رجلاً مسنًا في يديهِ مسبحةٌ.. تلكَ الملامحُ ليست غريبةً عليه فهو يحاولُ أن يستجمعَ قوى ذاكرتِه.. إنّه جارُه العزيز ابو ياسر صافحه جلسَ قليلا يحتسي الشاي وينفث دخانَ سيجارتِه كأنّه ينفثُ الأحزانَ التي بداخلِه سألَه عن بيتِه الذي رحلَ عنه الى الأسرِ وبعدَ حديثٍ عن الماضي والحاضرِ عَلِمَ ذلك الاسيرُ أن زوجتَه قد تزوجتْ وأن أهلَه قد باعوا دارَه وتقاسموا التركةَ فما كانَ منه إلّا ان يتلقَ الطعنةَ بصدرٍ رحب وبعد ان عرفَ من جارِه ابي ياسرٍ محلَّ اقامتِهم الجديدَ انطلقَ بخطواتٍ يجرُّ أذيالَ الخيبةِ وقبائلا من ديدانِ التفكيرِ تنهش عقله* ؛ هل يتذكرونني أم أصابهم زهايمر الغدر ؟! تسمرّت قدماه على بابِ أهلِه دقَ البابَ فإذا بشابٍ يافعٍ يفتحُه قائلا : نعمْ تفضّلْ أرادَ أن يأخذَه بأحضانٍ يملؤها الاشتياقُ نظرَ اليه بعينين تملؤها الدهشةُ* : لقد كبُرْتَ نظرَ اليه الشابُ فرأى تجاعيدَ الغُربةِ خُطَتْ على جبينه وراسًا يشتعل شيبًا فقالَ له مستعطفًا* :* مَن انت يا عمُّ ؟ _ انا ابوك يا محمدّ لم يستوعبْ محمدٌ ما قالَه ذلك الرجلُ فضحِكَ قائلا : يبدو أنّك مستجدٍ .. اجابه بحنق* : لا.. بل انا ابوك _ ولكنّ ابي شهيدُ حربٍ _ لم أمتْ بكل كنتُ أسيراً وكنتُ ابعثُ برسائلي الى والدتك ولكنهم قطعوا خدمة المراسلات عنّا في الأسرِ وحين نادى محمدٌ امَّه سألَها* : هل ما يقولُه هذا الرجلُ حقّا _ هل هذا ابي حقًّا ؟ فأجابته امه بنظرةٍ يملؤها الخذلانُ* : .. ليس ابوك لقد مات شهيدا في الحربِ كانت كلماتُ زوجته أشدُّ من وقعِ رصاصةٍ تمنى أن تستقرَ في قلبه غُداةَ الحربِ ولم تنطقْها فقطْ لأنّها تزوجّتْ برجلٍ آخرٍ وخوفًا على حاضرِها مسحتْ ماضيه لقد نكروه ابًـا .. وزوجًـا..* واسيرًا وأغلقوا بوجهه بابُ الإحسانِ .. والأبوةِ لأجلِ مصالحِهم التي ستغدو أمامَ اللهِ هباءً منثورا وستحرقُهم بنارٍ كان شرُّها مستطيرًا عادَ ذلك الأسير من أسرِه يجرُّ أذيال الخيبةِ ويصُارعُ وحوشَ الوحدةِ ويتلقى بقلبٍ تملؤه الغربةُ طعناتِ الأحبةِ ولم يلقَ ملجئا سوى دارَ المُسنين* متسائلاً* : هل هؤلاءِ فلذات كبده أم أصابَه الزهايمر فأخطأَ العنوان ؟! الزهايمر قصة قصيرة من مجموعتي القصصية : حين يذبلُ الياسمينُ من مذكرات الحربِ عام 1981 الندى للمزيد من مواضيعي
المصدر: منتديات مدائن البوح
الصَّمتُ كان وسيلتي فيما مضى لكنَّ بئرَ الصَّمتِ قدْ جفَّت ولم تروِ الغصون يا لهجةَ التنديدِ حينَ يطالُها رعدٌ يسابقُ بالأسى مطرَ الجفون نـدى الحرف
آخر تعديل ندى الحروف يوم
02-22-2023 في 06:07 PM.
|
مواقع النشر (المفضلة) |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|