أُسلوبُ التشبيهِ في البلاغةِ

أُسلوبُ التشبيهِ في البلاغةِ

أولُ أُسلوبٍ من أساليبِ علمِ البيانِ هو :

أولًا : التشبيه :

التشبيه لغة : هو التمثيل* يقال : هذا شِبه هذا اي* : مثيله ويشبههُ.

والتشبيه اصطلاحًا : هو عقد مماثلة ومشابهة بين أمرين أو أكثر اشتراكا في صفةٍ واحدةٍ أو أكثر، بواسطة اداة التشبيه لغرض يقصده المتكلم.

وأركان التشبيه (أربعة) هي :

(١) الاسم المشبه: هو الاسم الذي يُراد تشبيهه باسم آخر غيره اشترك معه في نفس الصفة.

(٢) الاسم المشبه به : وهو الاسم الذي يشبه الاسم الذي قبله وهو ( المشبه ) اشترك مع (المشبه ) في نفس الصفة

(هذان الركنان اساسيان ولابدّ من وجودهِما في التشبيه ويُسميان طرفي التشبيه )

(٣) وجه الشبه: هو الوصف المشترك بين الطرفين المتماثلين فيه ويكون وجه الشبه في (المشبه به) أقوى منه في (المشبه) وقد يُذكر وجه الشبه في الكلام، وقد يُحذف منه.

(٤) أداة التشبيه : هي الكلمة التي يتمُّ بها التشبيه وتدلُّ على التشبيه وتربط (المشبه بالمشبه به) ، وقد تُذكر الأداة في جملة التشبيه وقد تُحذف منها

ادوات التشبيه :


1. تأتي حرفاً نحو : ك (الكاف، كأن)
مثلاً: عيناها كأنها السماء في صفائها.

2. تأتي اسماً نحو : ك (مثل، نظير، شبه)
مثلاً: (وَحُورٌ عِينٌ، كَأَمْثَالِ اللُّؤْلُؤِ الْمَكْنُونِ) {الواقعة، 22-23}


3. تأتي فعلاً نحو : ( يحاكي، يشابه، يضاهي) وأفعال اليقين أو الرجحان التي تحتوي على معنى التشبيه
مثل ( حسب وخال وظن وجعل)

كقوله تعالى: (وَجَعَلْنَا الليل لِبَاساً، وَجَعَلْنَا النهار مَعَاشاً) {النبأ، 11}

نحو : كان عمر في رعيته كالميزان في العدل، وكان فيهم كالوالد في الرحمة والعطف.


أنواع التشبيه* :

أولًا* : التشبيه من حيث ذكر (أداة التشبيه) في الجملة او (حذفها) :

ينقسمُ التشبيه من حيث ذكر (أداة التشبيه) في الجملة او (حذفها) منه الى (نوعين) هما* :

أ . التشبيه المرسل :

وهو التشبيه الذي يُذكرُ (فيه المشبّه والمشبّه به) ويُذكر فيه ( وجه الشبه) وتذكرُ فيه (اداة التشبيه) وتكون موجودة في جملته.

كقوله تعالى ( والذين كفروا أعمالهم كسرابٍ بقيعةٍ يحسبه الظمآن ماءً حتى إذا جاءَهُ لم يجدهُ شيئًا وَوَجَدَ اللهَ عندّهُ فوفّاهُ حسابه).

هنا يشبه الله عزّ وجلّ الذين اعمال الكافرين كالسراب البقيعة في الجفاف والضمأ.. حيث ذكرَ عزّ وجلّ المشبّه وهو ( اعمال الكافرين) والمشبّه به وهو ( السراب البقيعة) ووجه الشبه وهو ( الجفاف والضمأ) واداة التشبيه وهي ( الكاف)

ب . التشبيه المؤكد* :

وهو التشبيه الذي يُذكرُ فيه (المشبه والمشبه به) وتُحذفُ منه (أداة التشبيه) وتكون غير موجودة في جملته.

كقولِ قول الشاعر :

أنت نجمٌ في رفعةٍ وضياءٍ
تجتليك العيون شرقًا وغربا

هنا ذكرَ الشاعرُ المشبه وهو (انتَ) والمشبه به وهو (نجمٌ) وحذفَ اداة التشبيه وتقديرها ( كالنجمِ) وذكرَ وجه الشبه وهو ( الرفعه والنور)


ثانيًا* : التشبيه من حيث ذكر (وجه الشبه) في الجملة أو (حذفه)* :

ينقسمُ التشبيه من حيث ذكر ( وجه الشبه) في الجملة او (حذفه) منها الى (نوعين) هما* :

أ. التشبيه المفصّل :

وهو التشبيه الذي ذُكر فيه وجه الشبه بمعنى* : أنّ وجه الشبه مذكور وموجود في الجملة.

كقول الشاعر :
سرنا في ليلٍ بهيم .. كأنّهُ البَحرُ ظلامًا وإِرْهابا.

هنا يشبه الشاعر الليل بالبحر ووجه الشبه شدّة الظلام وإثارة الرعب في النفس

ب. التشبيه المُجمل* :

وهو التشبيه الذي يُذكر فيه ( المشبّه والمشبّه به) وتُذكر فيه ( أداة التشبيه) ويحُذِفّ منه (وجه الشبه) بمعنى* : أنّ وجه الشبه غير مذكور وغير موجود في جملة التشبيه.

كقول الشاعر :

وكأنّ الشمسَ المنيرةَ دينارٌ
جَلَتهُ حدائدُ الضَّرّابِ.

هنا يشبّه الشاعر الشمس المنيرة كالدينار حيث ذكرَ المشبّه وهو ( الشمس المنيرة) والمشبّه به وهو ( دينار) واداة التشبيه وهي
( كأنّ) ولكنه حذفَ وجه الشبه من الجملة وهو ( التجلِّي والوضوح)

ثالثًا: التشبيه من حيث ذكر ( أداة التشبيه) و ( وجه الشبه) معًا او حذفهما معًا من الجملة* :

ينقسمُ التشبيه من حيث ذكر ( أداة التشبيه) و ( وجه الشبه) معًا او حذفهما معًا من الجملة الى ( أربعةِ) أنواعٍ هي* :

أ. التشبيه المُرسل المفصّل او ( التشبيه التام)* :

وهو التشبيه الذي يُذكر فيه (المشبّه والمشبّه به) وتذكرُ فيه (أداة التشبيه) و (وجه الشبه) معًا في الجملة. وتكون فيه كلّ أركان التشبيه مذكورة وموجودة لهذا سُمي تشبيه تام ليس فيه نقص.

قال البحتري :

قصورٌ كالكواكِبِ لامعات .. يكَدنَ يُضِئنَ للسّاري الظلاما

هنا يشبّه البحتريّ القصور كالكواكب اللامعات في الضياء والنور التي تضيء للماشي في الظلام.. حيث ذكرَ المشبه وهو ( القصور) والمشبّه به وهو ( الكواكب اللامعات) فجميعُ أركان التشبيه مذكورة في الجملة لهذا سُّمّيَ ( تشبيه تام)

ب. التشبيه المُرسل المُجمل* :

وهو التشبيه الذي يُذكر* فيه (المشبّه والمشبّه به) وتذكرُ فيه (أداة التشبيه) ويحُذِف منه ( وجه الشبه) فقطْ.

نحو* : وصفَ أعرابي رجلًا فقال :

كأنه النهار الزاهر والقمر الباهر الذي لا يخفى على كل ناظر.

حيث شبّه الاعرابي الرجل وهو ضمير ( الهاء) العائد على الرجل كالنهار الزاهر وكالقمر الباهر حيث ذكرَ المشبّه وهو (ضمير الهاء في كأنّه العائد على الرجل وذكرَ المشبّه به وهو ( النهار الباهر والقمر الزاهر) وذكرَ اداة التشبيه وهي (كأنّ) وحذف وجه الشبه من الجملة وهو (النور وإشراقة الوجه)

ج. التشبيه المؤكد المفصّل :

هو التشبيه الذي يُذكرُ فيه( المشبّه والمشبّه به) ويُذكر فيه ( وجه الشبه) ويُحذف منه ( أداة التشبيه) فقطْ.

كقولِ الشاعر :

أنت نجمٌ في رفعةٍ وضياءٍ.. تجتَليكَ العيونُ شرقًا وغربا.

هنا يشبّه الشاعر الشخص الذي يكلّمه بأنه كالنجم حيث ذكرَ المشبّه وهو الضمير (انت) العائد على الشخص الذي يكلّمه الشاعر وذكرَ المشبّه به وهو ( النجم) وذكرَ وجه الشبه وهو ( الرفعة والضياؤ) ولكنه حذفَ اداة التشبيه من الجملة وتقديرها (كالنجم).

د. التشبيه المؤكد المُجمل أو ( التشبيه البليغ)* :

وهو التشبيه الذي يُذكر فيه( المشبّه والمشبّه به) وتُحذفُ منه (أداة التشبيه ووجه الشبه معًا) في الجملة.

قال المتنبي :

فلو خُلِقَ الناسُ من دهرِهم*..*لكانوا الظلامَ وكنْتَ النهارا

حيثُ شبّه المتنبي الناس كالظلام وشبّه الشخص الذي يحبه ويكلّمه وهو الضمير المتصل في ( كنْتَ) كالنهار ولكنه حذفَ اداة التشبيه ووجه الشبه معًا من الجملة وتقدير الكلام* :
لكانوا كالظلام وكنْتَ كالنهار في التجلي والنور وهو وجه الشبه

رابعًا : التشبيه من حيث إفراد ( وجه الشبه) او تركيبه في الجملة* :

ينقسمُ التشبيه من حيث إفراد ( وجه الشبه) او تركيبه في الجملة الى ( نوعين) هما* :

أ. تشبيه تمثيلي* :

وهو التشبيه الذي يُذكرُ فيه ( المشبّه والمشبّه به) يكون فيه وجه الشبه صورة مركبة من عدة عناصر حيث يكون وجه الشبه متعدد العناصر واكثر من واحد

كقولِ الشاعر :

قَدْ انْقَضَتْ دَولَةُ الصِّيامِ وَقَد
بَشَّرَ سُقْمُ الهِلالِ بالعيدِ
يتـلـو الثُّريا كـفاغـرٍ شـرِهٍ
يفـتحُ فاهُ لأكلِ عُـنقـودِ

هنا يشبّه الشاعر الهلال الذي اختفى لحلول العيد وانقضاء الصيام ونجوم الثريا حوله كالانسان الشره الجائع الفاتح فمه لاكل عنقود. حيثُ ذكرَ المشبه وهو ( سقم الهلال) والمشبه به وهو ( فاغر فاه) وذكرَ وجه الشبه بأكثر من صورة الجوع والشراهة

ب. تشبيه غير تمثيلي* :

وهو التشبيه الذي يذكرُ فيه (المشبّه والمشبّه به) وقد تُذكرُ او تُحذف فيه اداة التشبية اما وجه الشبه فلا يكون فيه صورة مركبة من عدة عناصر وانما يكون وجه الشبه عنصر واحد فقطْ

كقولِ الشاعر* :

وما الموتُ إلا سارقٌ دقّ شخصُهُ
يصولُ بلا كفٍّ ويسعى بلا رجلِ

هنا يشبّه الشاعر الموت كالسارق الذي ليس له كف ولا رجل يمشي بها في خفائه وعدم ظهوره.. حيث ذكرَ المشبه وهو ( الموت) والمشبه به وهو ( السارق) وحذفَ اداة التشبيه من الجملة فلم يذكرْها وذكرَ وجه الشبه بصورة واحدة هي الخفاء

للمزيد من مواضيعي

 

.

.

.

الله يا روح الأدب
تختالين جمالا في كل ما تجودين به
شكرا يا نبض المكان
دمت بروعتك

ندى الحروف معجب بهذا

طبتِ يا ندى الصفاء ونبض البيان المعرفيّ

بُشْرَى ,ندى الحروف معجبون بهذا

شكرا للانتقاء المفيد
ريحانة ود لجهدك

بوركت ندى الأديبة

بُشْرَى ,ندى الحروف معجبون بهذا

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة بُشْرَى

.

.

.

الله يا روح الأدب
تختالين جمالا في كل ما تجودين به
شكرا يا نبض المكان
دمت بروعتك

مرورٌ بطعم الياسمين
ضاعَ عطرُه وانتشر
حياكِ الله غاليتي بُشرى

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة الدّانة

طبتِ يا ندى الصفاء ونبض البيان المعرفيّ

مرورٌ أنيقٌ رشيقٌ
بطعم الهال العربيّ
حياكِ الله غاليتي الـدانة

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة فاطمة

شكرا للانتقاء المفيد
ريحانة ود لجهدك

بوركت ندى الأديبة

مرورٌ ساحرٌ
بالندى ماطرٌ
بطعم الخزامى
حياكِ الله غاليتي فـاطمة