المحور الأخير
* بين
الآداب العربية والغربية
،،
أيهما الأقرب لنفس أديبنا؟؟؟
- كل ما هو أدب يبقى أدبًا.. تتنازل اللغة عن عروشها بأكملها تجاه من يمنحها فخامتها، وقامتها. وكل اللغات لديها من المؤثرات ما لديها .. عدا اللغة العربية كما هو معلوم فإنها أم المؤثرات اللفيظة، واللسانية، والصوتية. وتعجز كل اللغات مجتمعةً عن الإتيان بإبداعاتها، وجمالياتها، وإحساسها الذي تصبّه فينا وتمنحنا إياه أثناء قراءتنا لأي صنف أدبي إبداعي. لهذا أميل إلى الأدب الإبداعي حيثما كان.
* مؤلفات الآداب الغربية تحتضنها دور النشر ،، كما أن الآداب الغربية القديمة تُحفظ كأرث تحرص على نشره وسرعة الوصول إليه،، كما تسعى لترجمته لوصول لأكبر عدد ممكن،، ورغم تفوق اللغة العربية على نظيرتها الإنجليزية إلا أن انتشار اللغة الإإنجليزية واعتبارها اللغة الأولى في العالم ساهم بسرعة انتشار تلك الآداب،،
* لماذا لا تذلل العقبات أمام المؤلفات العربية،، وتحظى بذات الاهتمام الغربي؟
- إن للآداب الغربية وتحديدًا الإنجليزية منها حاضنة تجارية قوية ؛ تتعامل مع الثقافة على أنها مصدر دخل وليس مصدر تثقيف فحسب؛ ولما كانت دور النشر العالمية تحدث صدىً عند كل إصدار كانت المثقفين العرب أول المنصتين والمستقبلين لدفوف هذا الصدى، ومصدره. لهذا نجد المُنتج له صداه حقًا وله قدرته الإبداعية التي عمل عليها كاتبها بجهد واجتهاد وجد وكد ليرينا جانبًا من الكتابة الجادة والحريصة على أن تؤثر بكل اللغات وليس لمن يمارسون القراءة الإنجليزية ويتعاملون معه على هذا الجانب. على سبيل المثال: رواية: "طعام صلاة حب إمرأة تبحث عن كل شئ" أو كما يسمونه في مصادرهم: "كتاب" وليست رواية فحسب... للكاتب اليزابيث جيلبرت عند صدوره أحدث صداه الأوسع، وظل القارئ العربي يستعجل طباعته بلغته كما لو أنه ينتظر رواية من دار تشكيل السعودية ، أو دار الساقي العربية. ثم إنّ الحواضن الأخرى للأدب الإنجليزي والآداب الغربية هي الشاشات، فالأفلام والمسلسلات تُعد لديهم هدفًا رابحًا على مستوى المؤسسات التي ترعى الكُتاب الصغار حتى يكبرون وتحافظ عليهم وعلى مصدر إلهامهم وثقافتهم وسكينتهم وراحتهم لترى فيهم مصدر دخل فيما بعد. هذا وسواه من عوامل هي التي أعطت القدرة الهائلة لهذا التأثير والانتشار السريع الذي لم يحالف أدبنا العربي حتى هذه اللحظة، وليته يحالفه قريبًا، أو بعيدًا المهم يتحرك في هذا المضمار ليرينا نوره، ونرى معه النور. وإني لمتفائل بهذا قرُب أم بعُد.
-كثير من مؤلفات الغرب أخذت اساس انطلاقها من الحضارة اليونانية " لغة لاتينية" حتى وصلت إلى الحضارة الإسلامية وقد ساهمت ترجمة اليهود الموجودين في المشرق الإسلامي وخاصة يهود الأندلس ممن أجادوا اللغة العربية وشكلوا رافد قويا لتدفق المؤلفات الإسلامية للغرب الأوروبي،، لأوروبا عبر ذاك، وكذلك لولوج العديد من المسيحين أنفسهم للأندلس دور هام في ذلك التواصل ، ،، وبما أنك ذكرت الأسفار على سبيل التشبيه ،، ومن باب الشيء بنظيره يُذكر،، نجد أن استكمال الشريعة اليهودية بإضافة أركان الإيمان في التلمود والميشنا أو الميثنا ،، جاء من قبل الطبيب اليهودي موسى بن ميمون مستفيدا من وجوده في العالم الإسلامي ،، كما نجد أن الكوميديا الإإلهية لدانتي كُتبت بتأثر من رحلة الإسراء والمعراج لأن التشابه فاق مجرد توارد خواطر ،،،
لكن دائما ما نجد النكران الغربي بفضل العالم الإسلامي والأستفادة من علومهم وتأثيرها حتى كان ذاك التلاقح بين الثقافات ،،،
ما هو تفسيرك لتنكر الغرب رغم أن الدلائل والبراهين المعتمدة على القراءة الزمنية لمسيرة التاريخ تشير لصحة التلاقي والتلاقح بين الحضارتين؟؟
- يمكننا القول بأنّ الحروب الصليبية -التي تمنيت أن تذكريها- وكذلك مداهمة المغول للعالم الإسلامي وقبل ذلك -الرواة المُحرّفين، والمزورين- ثم الصراعات الداخلية بين الدول المتتابعة ، وانهيارات متعددة صدمت الشاعر العربي، والمثقف، والمؤلف، وهاجر بإبداعه إلى حيثُ لا يعلم أي رض تقله ولا أي أرض تظله. ثم لنضف على ما ذكرته الترجمات الأولى للآداب -كما نقلت بعض المخطوطات- أن نزرٌ يسيرٌ جدًا تم ترجمته من الآداب الأخرى إلى العربية فيما حدثت ثورة هائلة لترجمة أدبنا العربي ، وإبداعنا الهندسي، والطبي، والإبداعي، والفني، والمعماري، والفلسفي، والإنساني، والاجتماعي إلى لغات أخرى حين كانت روما تملك نصف الأرض، وبريطانيا تملك النصف الآخر. وحين كانت الدولة العُثمانية يطرد الحاكم أخوه لأنه خرج عن أمره، وحين كان الأعرابي يهاجر من أرضه للتجارة الورقية والتدوينية وحين يعود على شاطئ البحر يخبره خادمه بأنّ حربًا قادمةً يدير سفينته ليعود من حيث أتى حاملاً معه الكثير من متاع الثقافة والحكايات، والمخطوطات. ثم يجيء إتلاف مكتبة الخليفة أبو جعفر المنصور في ساموراء، وبغداد، وما خلّفه من رميها في نهري دجلة والفرات وخلافه. ثم إحراق مكتبة الإسنكدرية كآخر عذاب ثقافي سيظل التاريخ العربي يذكره ويتذكره للأبد. ثم لنرسم آخر الخرائط الذهنية لتاريخ الجُبن الغربي، والقلق المعرفي الذي أرادوا محوه منذ قرون ليوصمونا بالجهل، وأننا رعاة إبل وماشية، وأننا أبناء بدوٍ رُحل لا ثقافة لدينا ولا حياة اجتماعية مطلقًا. نضيف مشروع استيلاء الكاتدرائيات "الكنائس" الكبرى في الأندلس ووضع يد المسيحين على كل ما خلفه العرب الأندلسيين بعد سقوط الأندلس وإصرارهم بعد فرزه أن لا يخرج لنا إلا ما فيه حسرات، وويلات، وعذابات، وآلام، وذكريات باهتة، وبكائيات مُزعجة، وقصصٌ متخلقة عن قصة الخلافة الإسلامية التي كانت أقوى ما حدث في تاريخنا الإسلامية بعد بعثة النبي محمد صلى الله عليه وسلم، وبعد ما أحدثه محمد الفاتح للدولة العثمانية من فتحه للقسطنطنية. هذه الأحداث كلها وما أحدثته من اهتزاز داخل عروش الغرب كان عليهم أن يتأذوا ويعيدونا إلى ماهُم عليه في القرون المظلمة. ومهما فعلوا، أو افتعلوا نظل نحن على بينة بما لدينا؛ لأننا كل يوم نخلق إبداعًا جديدًا وفنًا عظيمًا ، ونجاحات متتالية؛ لأن العقل العربي لا يصدأ فيما العقل الغربي لأنه ناقل، وخالق للشخصيات الوهمية على أنها هي التي صنعت للعالم قدرته وحركته الهائلة التي ينعم فيها اليوم .. التي هي في البناء الأساس خارجة من كتبنا وثقافتنا ووعينا وتراثنا العربي القديم. فهل يمكننا التوقع من هؤلاء أمرًا غير النكران؟ وهل نحن في حاجة أصلًا إلى أن يسدوا إلينا معروفًا في ثقافتنا إن لم نفعله نحن؟ نحن فقط وليس غيرنا!.
* طالما أشرنا لقاعدة التأثير والتأثر،، هل أستفاد أديبنا فكرة التأثير تلك بمعنى هل ممكن نجد أفكار روائية بها روح الشرق من جهة والغرب من جهة أخرى؟
* إن لم يكن هل تنوي كتابة رواية تجمع حضارتين بأفكار وثقافات مختلفة ،، خاصة إنك قلت الأديب هو من يسافر لكل دول العالم وهو جالس بمكانه؟
- لا بد أن نكن منصفين رغم الذي أمضيته في حديثي عن التصرف الغربي بمسحيين أو يهود، أو غيرهم .. أنهم أنجزوا حتى الآن ما سنعجز عنه ولو بعد مئات السنين؛ لأن الأصول لديهم، والمراجع لديهم، وودوا لو يُخلق جيلٌ جديدُ لا علاقة له بالتراث العربي، والحضارة الإسلامية ليبيعوه صكوك أرض عربي قبل ثمانية قرون من الآن ، أو يقولون له: نحن أصلًا كنا في الجزيرة العربية والمغرب والأقصى ولكن حين وجدناهم غير مثقفين وليسوا غير رُعاة وبدو هاجرنا عنهم وبنينا حضارتنا هناك .. حيث صارت لدينا حضارة غربية عوضتنا عن حضارتنا العربية. هذه المشاهد يمكنها أن تتحول إلى تخييلية ويمكنني لو فكرت يومًا لن أكتب سوى إعادة الأصل إلى أصله، والأمجاد إلى مصدرها ومصبّها. ولكن أعود لأذكر أن الغرب لديها حضارته اليوم -وكيفما جاءت- هذا ليس مهمًا المهم أنه يملك قوى العالم ويتحكم فيها ومصيرها. عدا أن لدينا قوانا الخاصة أيضًا ويمكننا في حال إخراج عمل إبداعي ذات يوم لا يمكنه البُعد عن توظيف كل حضارة على حدة والإقداع من حيث الحضارة الأصل لكتابة أصيلة متفرعة إلى مصادرها الحقيقية ومُلهمة للأجيال المقبلة لتحافظ على ما لم تعرفه ، وما لم تعاصره.
سأفكر بجدية ذات حين ...
* العاطفة ،، أشيد هنا لتناولك لمعنى العاطفة "الحب" بمفهومها الأوسع،،
طيب كيف توظف شعور الحب وفق اختلاف العواطف
من حبيبة// أصدقاء// والدين إلخ ؟
* الحب ووصفك
ستقود لمحبوبتك كما جاء في ردك " أحبكِ" تراها جامعة مانعة فوق كل الكلام والتعابير ،،
يقف نقيض ذلك الأديب صلاح جاهين الذي قال بمقابلة له،، هل تقول لزوجتك أحبكِ //
حيث أشيع عنه حبه الكبير لزوجته،، ليقول: الحب كلمة مستهلكة قيلت آلالاف المرات ،، كما أنها قيلت كذبا لمئات المرات"
ليرفع مقام زوجته كتصور عاطفي إلى درجة لم يجد لها تعبير أو كلمة تصف عاطفته،،
أقف بينكما بالرأي معك ومعه ،،
كلمة أحبكِ بلا شك لها تأثير وجاذبية خاصة تسعد المرأة بلا شك تجاه من تهواه ،،
وعلى الطرف الآخر أجد أن أحبكِ استخدمها الكثير كذبا وخداع وزيف " وقد عبر سعد بن علوش" عن ذاك المعنى،،
بينما وجد العلوشي الآخر عبدالله أن الحب معنى كاذب خرافي لا وجود حقيقي له حتى وصفها "المحبة" بالكاذبة،،
هل بالفعل ترى كلمة أحبكِ كفاية في ظل ذاك الهجوم؟؟؟
وإن كان نعم،، كيف سيكون أديبنا نصير تلك الكلمة كرسالة معالجة لغبش اعترى معنى الحب العاطفي كماهيه أعني هنا " حب الغرام "؟
- كلمة الحُب هي المصطلح الوحيد الذي لم يعتريه التغيير. ولو كانت هناك عبارة أقوى منها لجاء بها القرآن في موضعها وفي أعظم السور القرآنية التي فصلت أعظم قصة لهذا الشعور النفسي العجيب حيث قال تعالى: "قد شغفها حُبا" الحُب هو تلك الروح التي لا تعرف الأنانية ، ولا تتعاطى غير المحبوب لتُشفى به. والمرأة في كامل الدنيا منذ الأزل قُل لها أعشقك، أهواك، أموت فيك ، أحياك، أتنفسك، أعيش بك، أتمناك، أستلهمك، أعيش لك، أنسى بك كل الدنيا. ثم لا تقُل لها أحبك .. لن ترضيها كل العبارات بدون قولك لها أحبك. لن تشفيها، لن تغريها، لن ترفع معنوياتها ليوم أو لأسبوع بهذه الكلمة. لهذه الكلمة سحرها العجيب، ولا يمكن لغيرها أن تحل محلها. لهذا أميل إلى هذا التُرجمان القلبي الجميل والعظيم الذي ظل شامخًا على مدار قرون وهو طامح للبقاء طوال عمر الإنسان . الحُب هو الحُب ولا شيء سواه.
* إلى أي درجة الكلمة اليوم للأدباء قوية في توجيه رسائل ،،
إذا جئنا لمصير أدباء مثل كنفاني غادة،، و ناجي العلي كانت سبب هلاكهم،، علاوة عن أحمد مطر مجهول المصير،،
كيف تكون رسائل الأدباء مؤثرة بالقراء في القضايا المواد علاجها أعني هنا الاجتماعية لا السياسية التي قضت على حياة مناضلي الكلمة ،، كيف يغير الأديب واقع سلبي ويعالجه؟؟
كم يحتاج الأديب ليحدث ذلك التاثير زمنيا؟
- الأدب الإنساني عمومي وتحديدًا العربي منه ؛ لأن اللغة العربية واسعة ويمكنها أن تعطيك أثناء كتابتك كل شيء من معين واحدٍ في وقتٍ واحدٍ .. لهذا جاء التأثير الكبير للمثقفين الكبار الذين استعدوا للكتابة بالقراءة المتنوعة والكثيفة، والمكثفة. القراءة في كل البيانات، والعلوم ، القراءة الذهنية ، والصراعات الاجتماعية، والنفسية، والسياسية التي خلقت داخلهم نصالًا يمنحهم الصمود ويمدهم بالقوى الخارقة إذ أنهم حين يكتبون ينسون أنفسهم، وما يودون قوله وفي أي مجال .. وهذا سبب تاثيرهم الكبير في كل ما نقرأه .. على سبيل المثال: رواية "رجال في الشمس" كانت في البدء رواية سيرة ذاتية لرجل يرحل إلى الكويت ليعمل بها. ثم تتحول إلى سياسية، فاجتماعية، فنفسية، فتأثيرية ... هذا الزخم الكبير الذي رصده كنفاني موجود في معظم أعماله؛ لأنه يعلم جيدًا ماذا يقول، وكيف يمكنه إيصال رسائله ضمن مساراته السردية العميقة، ووالرمزية الأكثر عمقاً وإيغالًا في المتلقي والقارئ.
ومن هنا يمكننا القياس على كل مؤثرات الكاتب العربي الأصيل سواءً الذين قضوا نحبهم أو الذين على قيد الحياة بمصادرهم المعرفية، ومقدرتهم على الكتابة الجادة والمخلصة لتجاربهم الإبداعية. وأعد هذا أهم المقاييس التأثيرية وإن وجد غيرها فهو الأهم!.
* الرواية التاريخية والمنهج التاريخي
أتفق معك الرواية التاريخية يجب وبشدة أن تكون ذات أحداث حقيقة،، وإلا سيكون مصيرها الفشل،،
لهذا فشلت الكاتبة هبة مشاري حمادة في مسلسل الملك فاروق على الرغم من ضخامة الانتاج والامكانات ولم ينفذ الجزء الثاني
أديبنا من ما مضى هل ترى أن المؤلف عندما يُخطئ في سرد رواية تاريخية ذلك يرجع إلى قلة تبحر الروائي بقراءة الأحداث أم لسعيه لإضافة التشويق وخلق المختلف للتسويق؟
- الرواية التاريخية أصعب نوع أدبي سردي على الإطلاق؛ لأنها رواية مرجعية وتخييلية بذات التوقيت. إذ لا يمكنك القيام بأحدهما دون الآخر. التخييل أمر ضروري لمنح القارئ متعته وجعله يمارس العودة لقراءة التاريخ ولكن بصيغة روائية وشاكلة سردية. كتاب التاريخ ككتاب ممُل وقد لا تستطيع إكمال عشر ورقات منه ما لم تكن متخصصًا أو لديك اختبار نهائي فيه وإن لم تذاكره وتحفظه عن بكرة أبيه لرسبت وتأخرت مسيرتك وحياتك!. وهذا ما يجعل الروائية التاريخية أكثر جمالاً حيث أنها تبرهن على جعل التاريخ الممل مصدر جذب باسلوب رزين ورصين متماسك يجمع بين السبائك المرجعية التي حفظت نفسه لكاتب تليق به، ويعيدها إلى أصلها ويجعل القارئ يراها كأول مرةٍ حدثت، وآخر مرةٍ انكتبت فيه. الرواية التاريخية أجمل منجز عربي في عصرنا الحاضر كما كان الشعر أجمل منجز إبداعي لدى الجاهليين.
المطلوب الأهم من كاتب الرواية التاريخية هو بناء التاريخ وإنصافه كما أوجدته المراجع الأصيلة. وعليه أن يكتب روايته هذه على مهل، ويرسم ملامحه بصدق وجودة عالية وفق مرجعياته .. وله التخييل يفعل فيه ما يشاء ليحافظ على صلابة النص، وتماسكه، ويعيد القارئ العربي لتاريخه الحقيقي الأصيل دون أن يكذب عليه أو يتلاعب بعواطفه المُنهكة والمشطورة بين قالوا في كتاب كذا أن العرب كانوا كذا وكذا ، وفي كتاب آخر عكس ما قاله الأولين. أقول لكل كاتب لهذا النوع: كن حذرًا وأنت تكتب رواية تاريخية ؛ لأنك تعيد التاريخ نفسه ولكن بأسلوب الرواية.
* التشويق وقراءة التاريخ
كيف نفعل عنصر الإثارة والتشويق في روايات التاريخ ،، تنفيذها من جهة لأخرى أحسه يختلف ،، والله أجد هنا سوريا تتقدم بشكل ماله منافس بوطنا العربي فما رأيك؟
- التأثير هو المكتوب في الرواية التاريخية ، أم المتحول إلى "سينارست" فلا يمكن قياسه أبدًا. ويمكننا العودة إلى الزير سالم فهناك أخطاء جسيمة ومعلومات مغلوطة كثيرة جدًا وأنا على يقين أن كاتب النص ما أرادها ، ولا أراد قولها، ولا ألمح لها ولكن استنباط السناريست، ثم يتبعه الإخراج هاتين مساحتين يفصلان النص الكتابي تماماً عمّا ينويان القيام به؛ لأن كل واحدٍ منهما يرى الأمر من زاويته بعيدًا عما هو مكتوب. لهذا التأثير برأيي كامن في النص المكتوب، ولا يمكننا القياس بغيره. وفي كل مشهد من مشاهدنا الثقافية العربية رواية تاريخية أو مسلسل تاريخي له قوة التأثير غير أننا حين نعود إلى النصوص سنجدها قليلة جدًا مقارنة بغيرنا من الآداب الأخرى. وحين نجد النصوص المكتوبة التي تحولت إلى أفلام أو مسلسلات سنجدها ضيئلة جدًا جدًا جدًا. وهذا يجعلنا نعجز عن إصدار أو استصدار حكم نهائي ومفصلي عن هذا الجزء النهائي وهو الذي بموجبه نصدر صورة كربونية نقدية لعملٍ تاريخي سردي.
* هل يسعى أديبنا أن يُدخل رواياته عالم التنفيذ الفني كمسلسل مثلا،، على غرار القصائد الغنائية أم ستكتفي بالكتابة لحد الكتابة فقط؟
- أتمنى ذلك؛ وأنتظره .. ربما يجيء ذات حين.
* أيهما أهم للأديب الموهبة أم التخصص الأكاديمي؟
- الموهوب المخلص لموهبته؛ لأنه برأيي يشكل مقدار جامعة. أما الأكاديمي فاسأله في تخصصه ولا تخرجه عن هذا الإطار -إلا ما ندر-.
* كل رواية ممكن تحتاج المنهج التاريخي ،، لمعرفة أساس مرض نفسي مثلا موظف في الرواية أو حدث معين حديث كيف بدأ كمراحل النفط وما قبله في الخليج و و ،، كيف يحدد أديبنا مناهجه المتبعة في الرواية؟
" تاريخي" مقارن ،، إلخ "؟
- المؤلف يكتب وفق معطياته، وقد يكتشف مع كل رؤية ناقدة لعمله أنه لم يرد ذلك؛ لولا أن الناقد أدى دور الرائي والمناقش لمحاور ما لم يقله الروائي فيما كتبه، وإنما في مقاصده، ورمزياته، وتشكيلاته الخلابة التي تتوالد تلقائيا دون انتباه منه فيما تستدعيه الكتابة الجادة.. وتحديدا الرواية ؛ لأنها فن يتسع لكل الفنون ويمكن للكاتب أن يستطرد بحادثة ثم يعود لقصته وأحداث أبطاله وهذا ما لا يتوافر في غيرها. فمنهج الكتابة العام ومجملها لا يمكننا الحكم عليه إلا عند الانتهاء من نص كامل. عدا بعض النصوص الإنسانية، الاجتماعية، النفسية، العاطفية .. فهذه تصورات كاملة يمكن إصدارها على معظم النصوص الروائية التي تتناول ولو جزء بسيط في عشر صفحات لنقل أنها بهذا الصدد. وهذا المنهج.
* أنت خارج نطاق الكتابات الأدبية
لفت نظري توجهك لقراءة العلوم الأخرى وذي نقطة رائعة علمائنا الاوائل كانوا موسوعيين،، اليوم سوق العمل فرض تخصص أكاديمي دقيق ،،
هل يفكر أديبنا كتابة مؤلف خارج نطاق الفنون الأدبية؟؟؟
- شرعت ذات مرة في كتابة "مذكرات عن الهجرة" مستندًا على أحداث تاريخية ، ومفاصل لحكايات كبرى حدثت في التاريخ الإنساني والإجتماعي. ولكنني توقفت لأنه كان بحاجة إلى جهد كبير، ودعم كبير جدًا، وقد أعود إليه ذات يوم. ولربما أعيد القراءة لأشكرها على أنها تفتح داخلي آفاق أخرى، وأفكار كبيرة، وكثيرة. ولو لم تكن لها عليّ من المعطيات إلا أنها جعلتني أرى الأشياء بغير ما يراها غيري لكفاني ذلك منها. والتنويع في المقروءات هو القراءة عينها.
* المؤرخ والكتابات التاريخية،،
ساهم كثيرا من المؤرخين في خلق أبطال يتغنى بهم التاريخ بتلميع صورهم،،
مثل ما صورت العديد من المؤلفات التاريخية صور بعض قادة خروب العالم الغربي،،ال
ورهبان وغيرهم،، والبعض صُور كطاغية لأنه لم يحظى بفرصة المؤرخ البارع ،،
لنفرض الفاشية والنازية حققت الانتصار في الحرب العالمية الثانية ،، وفق تصورك هل ممكن نرى الفهرر " هتلر" والدولتشي " موسليني" أبطال صنعوا أمجاد" هنا لبيان عدم صدق جميع مؤرخي عصورهم" هناك ظروف كانت مواتيه لهم،، أهمها المؤرخ البارع،، ما رأيك هل ممكن أن يصنع المؤرخ بطولات وأمجاد على غير حقيقتها؟
- سأختصر الإجابة على هذا السؤال المتكامل.. الدموي سيظل دوميًا ولو صنعوا له وجهًا من لؤلؤ.
* يُتهم العرب اليوم بأنهم أمة أقرأ التي لا تقرأ ،، وأكبر الكتب اللي تحقق مبيعات الطبخ والآداب من شعر وخواطر وقصص وروايات كيف ترد هنا؟
- هذه التُهم مُغلفة ومستوردة. الحقيقة أنها أعظم أمة قارئة. ولكن ليست كل هذه الأمة . يمكننا قياس هذا الجميل بعدة مسابقات في القراءة كتحدي القراءة العربي في الإمارات العربية الشقيقة .. التي يتجاوز قراءها في كل عام أكثر من مليون قارئ لأكثر من عشرة ملايين كتاب ، أو مائة مليون كتاب. وغيرها من المسابقات. هؤلاء الذين يروجون هذه الشائعات يريدون تثبيط العزائم، وإلهاء الناس عن مصدر وعيهم العام وملهمهم الحقيقي وهي القراءة. ليس إلا.
* ما الذي ينقص أمة أقرأ لتعود لوصفها الأول أنها تقرأ
وين العيب بالضبط
المدرسة // طريقة التربية// وسائل التواصل؟
- الأسرة المتماسكة، الغيورة. لما كانت العائلة عائلة كانت القراءة هي مصدر داخل المستقبل ، حيث المثقف يُشاع أنه مثقف والغبي يشاع أنه غبي. في مذكرات علي الطنطاوي رحمه الله يقول: أبي كان يحبسني لكي أقرأ، وكانت لنا نافذة على ملعب الأطفال في الحارة. وكنت كل يوم أقول سأنتهي من القراءة ثم ألعب. وكان أبي يفرض علي قراءة متعددة ومتنوعة لساعات تصل لست أو سبع أحيانًا. يكونون قد انتهوا من اللعب وأنا لم أنته بعد من القراءة... واعتدت على ذلك. فوجدت أنني ألعب جيدًا، وأفضل منهم. هذا تقريبًا يختصر ما أود قوله.
اتمنى أن نجد عالم موسوعي آخر نقرأ له في الأدب وفنونه،،
ونشهد له مؤلفات ضمن اطار علوم أخرى،،
- أتمنى ذلك.
،،
ختاما
فرصة رائعة اتيحت لنا هنا
،،،
لو لم يكن هناك قراء غيري لما اكتفيت بهذا القدر والله
مراعاة يعني
لأني عارفة نفسي بمنتدى آخر رائع انتمي له ،،
حقيقة خبرات مبدعينا مطلب وغاية ،،
نشكر لك هذا الوقت الثمين اللي خصصته هنا لنشارك عالمك الواقعي روعة عطاءك
متمنية لك مزيد من الانجازات والانتشار والنجاح،،
،،
تمنى أديبنا
الوقت يتضاعف والله لو تضاعف وتضاعف ستتمنى زيادة
دائما أوقاتنا تجاه ما نحبه تمر بسرعة،، هكذا وقت السعادة
كُتب أن يكون عمره قصير
،،
ربي يسعدك
،،،
أكبر فرصة تشجيع لدخولي هنا رؤية تواضعك أكررها ربي يوفع قدرك في الدارين
مبدعنا
أديبنا
جابر مدخلي
جُل الاحترام والتقدير
مني أنا
الغند
- الأخت ، الغند: لو لم يكن لدي وقت لصنعته أمام هذا الكائن العملاقي الفخم الذي أعطاني من وعيه ، وأرشدني إلى أوعية أخرى. اكتفيت كثيرًا أمام هذا الملعب الكبير الذي رضكت فيه وإياك في ثقافات، وعلوم، وملاحم تاريخية. الوعاء الكبير يصبَ لنا ولا ينتهي ، كالبئر التي لا تنضب .. لكن النهر الذي يقع على بابنا ولو اغتسلنا منه كل يوم خمس مرات فلن يبقى في أدراننا إلا النظافة واللمعان. لا شيء لا شيء غير البريق. لهذا كنتِ نهرًا يمدنا بالمعرفة، والإلهام، والرؤى المتعددة. أهنئك كثيرًا على وعيك الكبير، ووعاء عقلك الفيّاض.
،،،