قناديـلُ الحكايــــا يعدو الربيــع بعد الربيــع ويكبر البوح.. ( يمنع المنقول ) |
يعدو الربيــع بعد الربيــع ويكبر البوح..
( يمنع المنقول )
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||||||||||
|
||||||||||||
إعدام ميت .... قصة قصيرة
كان شامخا بين مجالس الحي ، شيَّده جدي وجدده والدي متفانيا في توفير كل ما يتطلبه الأمر ، مدخلا بعض اللمسات الحديثة عليه ( السقف المسلح ) ، ذاك هو مجلسنا الشعبي الصامد ، كان كل شيء بالنسبة لنا ، لكن بعد وفاة والدي بسنوات قليلة لا أدري ما الذي اعتراه ، وماذا دهاه ؟! ذهبت تلك المتانة أدراج الرياح ، واضمحل ذلك الصمود مع الأحلام ، واغتالته أوبئة الزمن .
أمر غريب دهى حيِّنا ، أو بالأصح جزءا واسعا منه ، تصدعت المباني وانهارت أجزاء منها ، هبوط في الأرض ، وخروج مياه من تحت تلك المباني تشبه المياه الجوفية ، ولا نعلم ماهي الأسباب ، أطلق على ذلك الأمر ( الانهيارات ) ، وقيل حوله الكثير من الأقوال ، قالوا : بأن سبب ذلك هو تمدد الشق الأخدودي القادم من جوار قلعة الدوسرية متفرعا لمسارين : أحدهما اتجه لمنطقة الميناء ، والآخر اتجه لجزء كبير من حارة الساحل ، وقيل : إن السبب هو تفجر بعض القنابل التي غاصت تحت الأرض أثناء الغارات المصرية على جيزان ؛ مما أدى إلى تفكك الطبقة الصخرية الحاملة للتربة المشيدة فوقها تلك المباني ، لكن يبدو لي أن النظرية الأولى هي الأصح . أما مجلسنا العريق والوحيد لدينا فقد باغته شَق من المنتصف ، بدأ ذلك الشق كشعرة رفيعة ثم مالبث أن توسع بالتدريج حتى قسم المجلس إلى جزءين متجاورين ، ومع تلك الخطورة إلا أننا استمررنا بالعيش فيه ؛ لعدم وجود مأوى آخر لدينا ، كنا نعيش فيه ونسمع أصوات التشققات والانكسارات وتقطُّم حديد التسليح ، ونشاهد تساقط أجزاء الطلاء وأحجار الحشو الصغيرة ، وجميعها تنذرنا بقرب الانهيار الكامل ولا نملك حيال ذلك إلا البقاء والمخاطرة ، فنحن لا نملك قوت يومنا فكيف باستئجار منزل آخر ! انهار جزء من حوائط المجلس وسط نصائح الجيران وصيحات المقربين ، ولكن أين نذهب ؟ عندما تلمع البروق وتهز الرعود الأركان وتهب العواصف الترابية يهرع بعض الجيران ؛ لانتشالنا من الموت ويستضيفوننا لديهم لساعات ريثما تنجلي الأجواء ، ثم ما نلبث حتى نعود لقبرنا !. لقد مات هذا المجلس ، وكأنه أصر على أن يلحق بمن شيده ومن جدده ، لكنه نسي أن هناك أناسا هم بحاجة ماسة إليه ، بعد أيام قلائل ازداد ذلك الخطر وتساقطت أجزاء من السقف المسلح فوق رؤوسنا فأشار الطيبون علينا بالخروج ــــ فورا ـــــ قبل أن تقع الكارثة . كانت المجنزرات في ذلك الوقت لا زالت تفكك أكوام الأنقاض التي خلفتها عملية فتح ساحة النهضة ، فتشاورنا مع بعض المحبين في الإيعاز لبلدية جازان بالمساهمة في هدم مجلسنا ذلك مجانا ؛ لعدم مقدرتنا على تحمل تكاليف هدمه ، واستجابت البلدية لطلبنا ممثلة في سعادة رئيسها ـــــ آنذاك ـــــ الأستاذ : ( حسين عبد الحميد بديوي ) طيب الله ذكره الذي لبى الطلب مشكورا ، وتحت إشراف العم : ( أحمد عيسى صيقل ) أثابه الله . كان ذلك المساء كئيبا ، حيث تجمع المتفرجون ، وقُيِّد مجلسنا الميت بالوايرات الحديدية من جميع الجوانب ، وتقدمت ثلاث مجنزرات ؛ لربط تلك الوايرات في ( شناكيرها ) ، ثم ابتدأت عملية الإعدام بسحب ذلك المجلس العريق وسط هتافات المتفرجين وتساقط دموعنا ، حتى سوِّي بالأرض ، وأصبحنا أيتاما دون مأوى . ( مع الاعتذار للفيلم المصري ( إعدام ميت ) *** للمزيد من مواضيعي
المصدر: منتديات مدائن البوح
علمتني الحياة أن أبني جسرا من الأمل فوق أي بحر من الأحزان
|
07-22-2022, 03:57 PM | #2 |
|
رد: إعدام ميت .... قصة قصيرة
.
. حدثٌ أليم مؤثر في النفس .. ومن الطبيعي أي مكان يحوي أحاديثنا وأنفاسنا سيكون له حيز في فكرنا ومشاعرنا .. طبت غيثنا للسرد الجميل العطر لن ينضب .. طالما أناملك تجيد صناعته دام نورك وأكثر ... الوشم والتقييم والنشر مع منح المكافأة |
.
. يا بلسماً في الحب لك الروح ساخية دم سالماً يا قرّة قلبي بصحة وعافية #أبي |
07-22-2022, 04:19 PM | #3 |
|
رد: إعدام ميت .... قصة قصيرة
قصة مؤثرة جدًا يالغيث
كان الحرف مبعوث الالم حد استنطق الروح بفاره " الآه شكرًا لروحك الجميلة هنا |
هَاتِ القَوَافِيْ ، فَهٰذِيْ المَرْأَةُ الأَسْمَىٰ أَزَاحَ رَبِّيْ بِهَا ، عَنْ مُهْجَتِيْ الهَمَّا فِيْهَا مِنَ الحُبِّ مَا لَا شَيْءَ يَحْمِلُهُ وَمِنْ يَدَيْهَا اِجْتَنَيْتُ الأَمْنَ ، وَالحُلْمَ شكرآ أمير الشعراء وسيف المدائن,, |
07-22-2022, 05:04 PM | #4 |
ابنةُ الأدبِ
|
رد: إعدام ميت .... قصة قصيرة
تفاصيلٌ مغموسةٌ بألم الذكرى
الحنينُ ليسَ على أرواحٍ غادرتْنا فقد يكونُ حنينٌ الى الوطن حينَ قرأتَ القصّة اكتشفْتُ أمرًا مبكٍ فليسَ البشرُ وحدَهم يشيخون ويهرمون بل حتى الأماكن !! هكذا هي الدُّنيا لا يدومُ فيها شيء ... الأخ الأديب الـغـيث لحرفِك نسلُ أبداعٍ خاصٌ لم تنْجبُ الأبجدية أمثالَه بعد شكرًا والتقدير # |
|
07-22-2022, 07:52 PM | #5 |
|
رد: إعدام ميت .... قصة قصيرة
أومن بأن الأماكن وفيّة لسكانها … فشعور اليتم قد أيقظ أشجانها … وقوضت معاول الحزن ثبات أركانها … فانهار أَسَى وكمداً وفاءً لأصحابها … ورقة حزن فاخرة تستحق الإشادة والإعجاب يا أنيق … دمت بخير وسعادة 🌷🌷
|
التعديل الأخير تم بواسطة محمد عبدالله ; 07-22-2022 الساعة 07:54 PM
|
07-23-2022, 09:29 AM | #6 |
|
رد: إعدام ميت .... قصة قصيرة
أماكن شغلت حيز فينا وشغلنا حيز فيها، مشاعر انتماء والتزام وصداقة سرد رائع متمكن، رعاك ربي |
|
07-23-2022, 10:00 PM | #7 | |
|
رد: إعدام ميت .... قصة قصيرة
اقتباس:
أكيد بشرانا فالأماكن التي نعيش بها إنما هي روح في أرواحنا تحس بما نحس به وبيننا تخاطر لا يشاهد ولا يسمع فمتى فقدناها أحسننا بالوجع عليها والحنين إليها شكرا لك يا عطر المدائن والعطر سيبقى يا بشرى ما بقيتِ هنا بوركت فيك وأسعدك |
|
علمتني الحياة أن أبني جسرا من الأمل فوق أي بحر من الأحزان
|
07-23-2022, 10:02 PM | #8 |
|
رد: إعدام ميت .... قصة قصيرة
|
علمتني الحياة أن أبني جسرا من الأمل فوق أي بحر من الأحزان
|
07-23-2022, 10:18 PM | #9 | |
|
رد: إعدام ميت .... قصة قصيرة
اقتباس:
وأول شيء أبارك لك بحلتك الجديدة ( الرقابة ) وأنت خير من نتشرف به في هذا المكان ثانيا : ربما أستطيع أن أقول أن من الذكرى ما قتل فالوجع والحنين لا تكون لمن رحلوا عنا من البشر فقط بل حتى رحيل الأماكن له ألم في القلب والخاطر شكرا لك يا ندى بكل حروف الأبجدية بارك الله فيك وأسعدك |
|
علمتني الحياة أن أبني جسرا من الأمل فوق أي بحر من الأحزان
|
07-23-2022, 10:23 PM | #10 | |
|
رد: إعدام ميت .... قصة قصيرة
اقتباس:
نعم صدقت فيما قلته فوفاء الأماكن محسوس داخل الأرواح وما يصيبها من تهدج واضمحلال إنما حين تفقد أصحابها ويجور الزمن عليها شكرا يا صديقي على هذه المشاطرة الوفية والمشاركة الرائعة بوركت وسعدت |
|
علمتني الحياة أن أبني جسرا من الأمل فوق أي بحر من الأحزان
|
مواقع النشر (المفضلة) |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
المواضيع المتشابهه | ||||
الموضوع | كاتب الموضوع | المنتدى | مشاركات | آخر مشاركة |
البِئــــــــر .... قصة قصيرة | الغيث | قناديـلُ الحكايــــا | 6 | 07-15-2022 04:24 PM |
فالرحلة قصيرة | واجدة السواس | الصحة والجمال،وغراس الحياة | 13 | 05-24-2022 09:56 AM |
خطيبان/ قصة قصيرة جدا | مصطفى معروفي | قناديـلُ الحكايــــا | 18 | 01-03-2022 07:55 PM |
نور ( قصة قصيرة ) | الغيث | قناديـلُ الحكايــــا | 18 | 07-30-2021 09:06 PM |
قصة قصيرة | فتحي عيسي | قناديـلُ الحكايــــا | 20 | 03-06-2021 05:20 PM |