قهوة الجليد..

قهوة الجليد..

قهوة الجليد ☕
في إحدى قرى الريف وفي ليلة باردة
تساقط فيها الثلج كثيفاً فاكتست أسقف
المنازل وشرفاتها باللون الأبيض واستحال
لون الأشجار الخضراء التي تملأ الحدائق
والشوارع إلى الأبيض الناصع، بينما
ترقب السيدة " مارجريتا "
الطريق عبر شرفتها ومن المكان المفضل
لديها دائماً حيث تحتضن يداها فنجال
قهوتها الساخنة ذات الدخان المتصاعد
في طقس يصل لدرجة التجمد .
رشفات متقطعة تترك أثر أحمر شفاهها
على حافة فنجالها الحالم بين يديها
الباردتين إلا من حرارة ترسلها القهوة
الداكنة لتبعث فيها هاجس البقاء داخل
بؤرة تفكيرها منذ أن غادر السيد " مارتن "
البلدة قبل عام ولم يعد إلى ساعته دون
أن يرسل رسالة أو يجري اتصالاً غير رسالته
اليتيمة قبل عدة أشهر والتي أحضرها ساعي
البريد ، ومفادها أنه مسافر في بلد بعيدة
وربما تطول إقامته هناك .
تثاءبت كل الذكريات ونامت إلا ذكرى غائب
لم يبرح عرشه في ذاكرة تنعشها رائحة القهوة
كلما ارتشفتها في هذا التوقيت كل يوم ، ويبقى
سؤالها القائم :
هل ستعود يا " مارتن " أم ماذا ؟
أنا هنا يقتلني الانتظار ، إنني أذبل كزهرة
انقطع عنها الندى منذ أن رحل الربيع
يوم رحيلك ..!
الأزواج العابرون في معاطفهم أمام شرفتي
يوقدون شعلة شوقي الدائم لدفء صدرك
وحنان قلبك .
فنجال القهوة الذي تخلى عن حرارته يفلت
من يدي مراراً ، فتبتعد المسافة بيني وبينه
وكأنه قرر الرحيل هو أيضاً .
يا إلهي لا أحد يريد البقاء ، الجميع
يفضلون الغياب ، وحدهما الخيال والتفكير
من بقيا ملازمان لي دون ملل ، ليبقياني
في مشهد السجن الطويل
مع الذكريات التي لا تنام .
علي المعشي

للمزيد من مواضيعي