آخر 10 مشاركات |
روابط تهمك | القرآن الكريم | الصوتيات | الفلاشات | الألعاب | الفوتوشوب | اليوتيوب | الزخرفة | قروب | الطقس | مــركز التحميل | لا باب يحجبنا عنك | تنسيق البيانات |
|
قناديـلُ الحكايــــا يعدو الربيــع بعد الربيــع ويكبر البوح.. ( يمنع المنقول ) |
يعدو الربيــع بعد الربيــع ويكبر البوح..
( يمنع المنقول )
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||||||||||
|
||||||||||||
على أطلال خولة ... قصة قصيرة
كعادتي كل صباح يوم دراسي حملتُ كتبي وخرجت من منزلي ميمما نحو مبني معهد إعداد المعلمين الثانوي ، ذلك المعهد الذي يتربع شامخا تحت جبال الدوسرية بالقرب من مقر شركة ( صفا ) وأمام أكشاك الصيادين المتراصة على شاطئ البحر ( مرسى السنابيك القديم ) .
كان ذلك الصباح جميلا ومشرقا كنفوس الطيبين من أبناء مدينتي ( جيزان ) ، أخذت طريقي بداية من زقاقنا العتيق المتجه جنوبا ، ثم انعطفتُ في عدة انكسارات ذوات اتجاهات مختلفة ، ملقيا التحية القلبية الصامتة على تلك المنازل المشيدة على ذلك الجزء العريق من حارتي ( حارة الساحل ) ، ثم اخترقتُ دكاكين السوق الداخلي متجها صوب الجنوب مارا بمبنى البريد القديم فالجامع الكبير فبيوت ( البسَّام ) والمدرسة السعودية الابتدائية وصولا إلى مقاعد الصف الثاني ( ب ) بالمعهد . كنتُ أعلم حين مروري بتلك الديار أن تلك الديار لم تعد مأهولة بساكنيها بعد أن فُصِلت عنها كل الخدمات الأساسية للحياة ؛ بسبب وقوعها ضمن مشروع الهدم والإزالة لصالح ( ساحة النهضة ) والبرنامج التنظيمي التي تقوم به بلدية جازان في ذلك الوقت ، وكنت أعلم ــــ أيضا ــــ أن ذلك اليوم هو موعد البدء في الهدم والإزالة ، ما كنتُ لا أعلمه أن تلك النظرة التي ألقيتها على تلك الديار هي النظرة الأخيرة ، وإلا لكنتُ أهديتها قبلة الوداع الأخير . مضى اليوم الدراسي كالمعتاد ، وحين الانصراف عدتُ في نفس الطريق الذي سلكته صباحا ، وبعد أن قطعتُ نصف مساحة السوق الداخلي فوجئتُ بفضاء شاسع غريب ، وملامح مختلفة ، ومعالم جديدة اختلط فيها الحابل بالنابل ، جزء كبير من حارتي الحبيبة قد أزيل ، وديار كثيرة من المباني المألوفة لدي قد هُدمت ولم يبق منها سوى أنقاض من الحجارة ، وأكوام من الخرسانة المحطمة العالقة بين أطنان من حديد التسليح المتشابكة بفعل تلك ( التراكتورات ) و ( الشيولات الضخمة ) ، لم أكن أتوقع أن تتم الإزالة بتلك السرعة ، ففي غضون ساعات قليلة تحول المكان إلى أطلال حين فتكت به تلك المجنزرات الجبارة . شققتُ طريقي بين تلك الأنقاض بصعوبة ، وعندما وصلتُ إلى منتصف ذلك الفضاء المستجد تاه بصري ، واختلفت الاتجاهات عندي ولم أستطع حتى معرفة الطريق الموصل نحو زقاقنا اليتيم الذي لم يتبق منه سوى بضعة أمتار . جلتُ ببصري في ذلك الفضاء البهيم استرجع الأماكن والآثار والمواقف المسطرة على أركان وزوايا ذلك المكان ، وما أصعب أن ترى مكانا عشته عمرا ، وألفته دهرا ، وتنفسته حبا ووجدانا ، ونقشت على صفحاته أجمل الأحلام وأسمى الأماني وقد تحول إلى أطلال وبقايا أنقاض ! فهنا منزل قريب ، وهناك دار صديق ، وعلى يمنيك بيت رفيق ، وعلى يسارك مقر حبيب ، صعدتُ على كومة من الأنقاض يعتصرني الحزن والأسى ، وتكتظ في داخلي اللوعة ، ويمزقني الحنين ، وتهزني الذكريات الجميلة ، عشتُ لحظات وجوم ، وتفيأتُ ثنايا الصمت المطبق ، وأحسستُ بدمعتين ساخنتين تنحدران على وجنتي المرتعشتين وأنا ألوك حسرتي وبكائي الصامت ولا أدري ماذا أقول ! هل أردد قول امرئ القيس : قفا نبكِ من ذكـــــــرى حبيبٍ ومنزلِ بِسِقطِ اللِّوى بين الدخولِ فحومَلِ أم أجدد بكائية طرفة بن العبد في ذكريات حبيبته ( خولة ) إذ يقول : لخــــــــولةَ أطـــــــــــلالُ ببرقـــــــــةِ ثمهـــــدِ تلوحُ كباقي الوشمِ في ظاهرِ اليَــدِ أو أنوح كما ناح عنترة عند دار حبيبته ( عبلة ) حين وقع تحت تأثير صدمة الحزن ، ولوعة الغياب ، وحرقة الذكريات ، فأنشد قائلا : يا دار عبـــــــلةَ بالجــــــــــواءِ تكلَّـــمي وعِمي صباحا دارَ عبلةَ واسلمي ! تحسستُ تلكما الدمعتين وتيقنتُ طريقي نحو زقاقنا ، ثم ولجتُ إلى داري ملتحفا بزفراتي ، ممتشقا أنيني ، متصارعا مع وحشة المكان ، وغرابة الملامح ، وجموح الأنفاس ، لعلِّي في قادم الأيام أجد ما يخفف وحشتي تلك . *** للمزيد من مواضيعي
المصدر: منتديات مدائن البوح
علمتني الحياة أن أبني جسرا من الأمل فوق أي بحر من الأحزان
|
مواقع النشر (المفضلة) |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
المواضيع المتشابهه | ||||
الموضوع | كاتب الموضوع | المنتدى | مشاركات | آخر مشاركة |
أطلال تحتضر .. قلمي | لحن حالم | سحرُ المدائن | 6 | 02-19-2022 04:18 PM |
أطلال أندلسية | محمد حجر | سحرُ المدائن | 25 | 10-13-2021 07:09 PM |
نور ( قصة قصيرة ) | الغيث | قناديـلُ الحكايــــا | 18 | 07-30-2021 09:06 PM |
16 دولة تحكمها النساء بالعالم من أصل 193 | جيفارا | المكتبة الأدبية ونبراس العلم | 17 | 07-18-2021 06:50 AM |
قصة قصيرة | فتحي عيسي | قناديـلُ الحكايــــا | 20 | 03-06-2021 05:20 PM |