ليس لي إلاك غيمة

ليس لي إلاك غيمة

ليس لي إلاكِ غيمة

تهفو وتسألُ عن تاريخِ أبياتي
وتستثيرُ شجوني وانفعالاتي
عجبت تسألني وهي التي زرعتْ
في ساحةِ الحبِّ والإبداعِ واحاتي
وأمطرتْ وجفافُ العمرِ يملؤني
والريحُ تعزفُ لحناً في متاهاتي

يا غيمةً في ربى نجدٍ تطلُّ على
طفولتي ما الذي قالتْ طفولاتي
لا تسأليني وميلادي تحدرَ من
أمزانِكِ الحانياتِ المستجداتِ
لوكانَ لي في الهوى ماضٍ لبحتُ به
لكنني الآنَ أهديكِ بداياتي
فما حروفي التي تأتيكِ حالمةً
بريئةَ المبتغى إلا مناغاتي
ما زجتِ يا أنتِ تاريخي فوا عجبي
صرتِ البداياتِ صرتِ الماضيَ الآتي
صرتِ المسافاتِ أنى كنتِ تحصرني
بحري وبري ثرى أرضي سماواتي
تجمعتْ أمنياتي فيكِ عاشقةً
ولملم الحبُّ في دنياكِ أشتاتي

يا غيمةً ملءَ أحداقي مبشرةً
عتقتُها في خيالي في مناجاتي
في ضحكتي في بكائي في ارتعاش يدي
في ضجتي في سكوني في مسراتي
في تمتماتي وتغريدي وفي حلمي
في همستي في صلاتي في ابتهالاتي
ضمي أزاهير أيامي التي ذبلتْ
واروي بغيثِ الهوى والحبِّ جناتي
ما كانَ لولاكِ ترويني الحياةُ ولا
تحدرتْ من سرابِ العمرِ غيماتي

يا غيمةً في ربى نجدٍ وتحزنني
إذ المحُ الظلَّ أبعادُ المسافاتي
تدافعي وامطري في بهو ذاكرتي
وشكلي حسبما تهوين ذراتي
وحدقي في مرايا الغيبِ وانبجسي
من آهتي من جراحاتي وأناتي
من الأماني التي ولتْ ومن لهفي
ولوعتي واشتياقي واحتراقاتي
تشكلي من أحاسيسي ومن شجني
ومن كياني ومن نبضي ومن ذاتي
وغيري حاضري فجري ندى ورقي
وبدلي لونَ أحداقي ومرآتي
وغيري من مسافاتي ومن طرقي
ومن مداري وسَيري واتجاهاتي
كي تصبحي أنتِ كوني تستهيمُ بهِ
وترتمي في أمانيهِ مجراتي

يا من تهادتْ فكانتْ فوقَ ذاكرتي
وفوقَ ما قدْ تهجتهُ خيالاتي
أنتِ صدىً ملءَ وجداني يراقصني
ونفحةٌ عطرتْ بالذكرِ أوقاتي
وفكرةٌ بدلتْ في الحبِّ خارطتي
وثورةٌ غيرتني من مساماتي
أنتِ حضورُ المعاني في طهارتِها
ولذةُ الآتياتِ المستحباتِ
المستقلاتِ ضوءَ الفجرِ أجنحةً
المستحلاتِ أطيافَ المساءاتِ
أنتِ ارتيادُ المريدِ المبتغي شرفاً
والمستزيدِ رقياً في المقاماتِ
تجلياتُ الهوى أنتِ مكاشفتي
ونشوتي لذتي خمريتي قاتي
أنيستي ودليلي والدنا عبثٌ
يميتني في دجاها بحرُها العاتي
لا صاحبٌ في أماسيها يؤنسني
ولا طبيبٌ بها يأسو جراحاتي
وليس لي غيمةٌ إلاكِ تنقذُني
بالغيثِ من جدبِ أيامي وساعاتي
فهدهدي روحي الظمأى التي رحلتْ
إليكِ تتلوا نشيداً من صباباتي
فأنتِ والناسُ حولي رغمَ كثرتهمْ
روحٌ تراءتْ لعيني بين أمواتِ
وهكذا أنتِ لي روحٌ أعيشُ بها
فلتدركي قبلَ ما تمضين مأساتي

للمزيد من مواضيعي