سحرُ المدائن شهدٌ مستفيضٌ من أقداح القلب نثراً وشعراً فصيحًا ( يمنع المنقول ) |
شهدٌ مستفيضٌ من أقداح القلب نثراً وشعراً فصيحًا
( يمنع المنقول )
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
|||||||||||||
|
|||||||||||||
ثمة قلب في العراء
... أضعتُ حزني لأول مرة داخل قفصها الصدري الذي عددتُ عظامه بفمي. أودعت داخلها كل متعلقات الماضي وأخبرتها أنني لست راغبٌ في استعادتها منها، أو العودة إليها بعد هذا الإيداع. ودائعي التي بصدرها غدت ملكها منذ تينك اللحظة. أحلامي الجديدة الوليدة من أحاسيسها. ذكرياتي المستجدّة، والمستحدثة القابعة في إطار لوحةٍ حقيقيةٍ من جسد. رؤيتي ، ثقافتي، إحساسي العامر بحبّها منذ التصقت دقائقي الأولى بحديثها. عقيدتي الثابتة بأننا التقينا لنبقى لا أن نستريح من عناء الحياة ثم نفترق للأبد. إيماني بأنّ روحها كبئر زمزم لا ينضب أبدًا، لا يتعكر ، لا يبحث عن الاستطهار بأي مواد تنقية غيره. وقاري بها، ووقارها بي. هدوء مشاعرنا الكبيرة، والصغيرة. ترجمات كلماتنا السريّة والعلنية. حماستنا تجاه أن نبقى أوفياء، أشقّاء، عاشقين متطهرين بالحُب كلما عصفت بنا عاصفة. قلبنا الواحد. شعورنا المتحد. إحساسنا المتأمل في ملامحنا التي رآها في المنام أكثر من مرةٍ ثم راح يرسمها في الواقع على أنها وجهٌ من نور .. وكفى. ثم اللقاء الحقيقي الذي شفيّ بنا ، وشفينا به. كل شيء .. كل شيء كان دافئًا وصادقًا لا يكال بمكيالين أبدًا. ويمر عام على القلب فيعطش ، ثم عامين فيجوع، ثم ثلاثة فيجد نبضه وقد خرج من صدره راكضًا ، باحثًا عن قصّته الجميلة هذه، النادرة هذه ، العظيمة هذه. لاهثًا عن مستودع حياته الكاملة، وتفاصيل أحلامه التي أبت أن تعود إليه بعدما تفتق الصباح عن قرص شمسٍ حارقٍ على غير الصباحات التي قشعت الضباب وجعلته يشاهدها من نافذتها التي تقف فيها كل يوم في انتظاره لتشغله بجمالها ، وإشاراتها عن وجه الصباح بأكمله. كانت امرأة دافئة للحد الذي لا يلج إلى صدره بعدها بردٌ ولا أحتاج كلما التقاها إلى ضماد. كيف يمكنك الإتيان بحياةٍ كاملةٍ؟ وقد شطرتها امرأة واحدة إلى ناصفتين حاملةً معها قلبك الذي إن ذهبت به فلن يبقى لديك غير العراء الذي يشاهدك الناس فيه أكثر مما سعيت للاختباء بروحك ، ورماحها العالقة فيها منذ قصتك الفارعة الطول، والجميلة القوام، والمعقوفة الخصر. قصتك الحاملة للواء الحُب ، والناضجة في موسم الحصاد. قصتك التي تسعى لتأكلها قبل غسلها، وغسل روحك بها قبل حاجتك للماء الذاهب من أعلى جسدك إلى أسفل البلاط الذي لا يستطيع الإمساك بقطرة واحدةٍ منه .. هكذا كانت حكايتي .. قصة ملساء كالبلاط. قلبي كان مأذونًا شرعيًا في زواجه الوحيد ، وضيفًا في حفلة أعدّت خصيصًا للموت .. لا طبول فيها، لا أغاني فيها ، لا أصوات فيها غير الذاكرة التي تسمع الأصوات وحدها ، وتفسرها وحدها ، وتكتمها وحدها!. الموت سيد الخيارات الأخيرة ، والفاصلة المنقوطة بالرحيل. كان بالود أن تموت أصواتهم ، أو صدورهم وتبقى لدينا مخزّنة لنرتمي عليها كلما جفّت مآقينا، واستعمرتنا وحدة الظلام في المدن والمطارات الغريبة ، في الطرق والشوارع المرهقة ، في التفاصيل الوحيدة والمؤذية. كانت ياليت ، ثم تحولت إلى يا حب ، ثم ماتت حاملةً معها ظل صدرها ، وآثار خظواتي التي وصلت إليها وانغرست كمقام لا يزوره غير العُميان. وكنت أعمى عن الدنيا بعدها حتى الساعة التي أنامها كنت أفتح فيها عيني اجتهادًا ولا أراها فيها!. حتى الحُلم أخذته معها .. ولم يعد يطالني النوم لأيام ، فأشهر ، فأعوام إلا لمامًا ، إلا ما أقتات عليه كي أكمل يومي. حتى أبطالي الذين أكتبهم في رواياتي صاروا يسهرون لأجلي، يقربون مني فرشهم لأنام ، أو أسهر إلى جوارهم كيما يستطيعون بدورهم إتمام مسار حكايتهم التي أمرتهم بإتمامها ، وأجرى عليهم خيالي وواقعي قدر كتابتهم لها، وانكتابهم فيها. فإلى أي ظلٍ أمضي الآن؟ وأي جدارٍ آوي إليه؟ ولأي أعمدةٍ أستند حتى لا أقع؟ أي وتدٍ أدقه في خيمتي المتهالكة بعد كل هذا العُمر؟ وقد أفلست إلا من بقايا إرادة في صدري بأن يحيا حياة ، حياةً مغموسة ببعض الشهد المقرون بلسعات النحل .. المهم شيء من العسل ... للمزيد من مواضيعي
المصدر: منتديات مدائن البوح
إلهي منحتني نعمة الكلام ، إلهي فاجعل آخره الشهادة... |
مواقع النشر (المفضلة) |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
المواضيع المتشابهه | ||||
الموضوع | كاتب الموضوع | المنتدى | مشاركات | آخر مشاركة |
أشهق الطهر وأزفر ذنوب الغرام | ايمان حمد | سحرُ المدائن | 36 | 02-02-2021 03:47 AM |
ناب الغرام | فتحي عيسي | سحرُ المدائن | 14 | 12-29-2020 08:21 PM |