ننتظر تسجيلك هـنـا


❆ جدائل الغيم ❆
                        .


آخر 10 مشاركات مِن الآخِر .!       كُل مافِي الأمر .!       كَأورِدة أَزهَرت مِن جَوْف الصَّخْر       باختصار ...       بين قلبين ملحمة العشق الخالدة       إلى عشّاق الألغاز.. فقط ..       اقتربي عطفاً ……       كلمة واحدة       من أجل عينيك ..!       كلمة بدون نقاط ......      
روابط تهمك القرآن الكريم الصوتيات الفلاشات الألعاب الفوتوشوب اليوتيوب الزخرفة قروب الطقس مــركز التحميل لا باب يحجبنا عنك تنسيق البيانات
العودة   منتديات مدائن البوح > المدائن الأدبية > قناديـلُ الحكايــــا

قناديـلُ الحكايــــا

يعدو الربيــع بعد الربيــع ويكبر البوح..

( يمنع المنقول )



الكرسوع ( رواية )

يعدو الربيــع بعد الربيــع ويكبر البوح..

( يمنع المنقول )


إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 08-11-2021, 09:36 PM   #31


الصورة الرمزية الغيث
الغيث متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 395
 تاريخ التسجيل :  May 2021
 أخر زيارة : يوم أمس (06:09 PM)
 المشاركات : 314,628 [ + ]
 التقييم :  820825
 الجنس ~
Male
 MMS ~
MMS ~
لوني المفضل : Cadetblue


افتراضي رد: الكرسوع ( رواية )






*
الكرسوع





في تلك الفترة الزمنية لم تكن الحمَّامات موجودة بالصورة التي هي عليها اليوم ، وإنما كانت عبارة عن حمامات شعبية على الطبيعة ، حيث كان الناس يقضون حوائجهم البشرية في زاوية نائية من زوايا الدار تسمى ( دارَة ) أو ( ديِّر ) وهي عبارة عن حائط من الحجر والجص أو من الجريد والقش على شكل مستطيل له فتحة للدخول والخروج منها وليس لها سقف وأرضها ترابية ، ويقضي الناس حاجاتهم هكذا على التراب ، ثم تغطى الفضلات بطبقة من التراب وتجمع في (تنك ) من الصفيح تسمى ( امقمامَة ) تغطي بغطاء محكم ؛ حتى لا تتسرب منها الروائح الكريهة ، وعند امتلائها بالفضلات الآدمية ترمى على شاطئ البحر بواسطة عجائز الدار أو عن طريق متعهدة تقوم بذلك بمقابل مادي بسيط ، يتم ذلك دون دراية بما يسببه ذلك من مخاطر التلوث وانتشار الأوبئة ، ولكن على النيات ترزقون .
( حُسينة ) هي من تقوم برمي فضلات المنازل على شاطئ البحر مقابل ( قرشين ) فقط ، ويطلقون عليها : ( راعِة امقمامَة ) أي المتعهدة برمي تلك الفضلات في البحر ، وما يجبر هذه المسكينة على امتهان هذا العمل الصعب إلا الحاجة ، فهي امرأة مقطوعة من شجرة وليس لها عائل ، تعيش بمفردها في ( صندقة ) من الخشب والزنك ، وتتعرض للأذى من بعض أشقياء الصبيان .
لم يرق لـــ ( محمود ) وهو يقترب من إتمام الحادية عشرة من عمره ، أن يرى والدته تعمل في المنازل ؛ لإكمال تربيته ودراسته وقد بدأت تتقدم في السن ، فقرر الخروج من المدرسة والاعتماد على النفس ـــــ بعد اجتياز الصف الخامس الإبتدائي ــــ وسط توسلات والدته ونصائح صديقه ( محبوب ) أن يعدل عن فكرته تلك .
عمل محمود بداية في مهنة النجارة ، وهي المهنة التي اكتسب بعض مهاراتها عن والده ــــ قبل أن يرحل عن الدنيا ــــ وإن كانت مهارات بسيطة كان يكتسبها أثناء مساعدته لوالده في تقطيع الأخشاب ودق المسامير وغير ذلك ، لكنه كان يأمل أن تكون مصدرا لدخل يعتمد عليه ووالدته في معيشتهم اليومية ، أو ربما يتحول هو مع الممارسة إلى نجار متمرس يكسب من مهنته تلك دخلا لا بأس به ، وهنا بدأ بصناعة المقاعد الخشبية ( الأرضية ) والطاولات الشعبية ( التُّخُت ) وعرضها للبيع في السوق الرئيسي ، إلا أنه لم يستفد منها شيئا ذا قيمة .


يتبع .....






 
 توقيع : الغيث

علمتني الحياة أن أبني جسرا من الأمل فوق أي بحر من الأحزان


رد مع اقتباس
قديم 08-11-2021, 09:39 PM   #32


الصورة الرمزية الغيث
الغيث متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 395
 تاريخ التسجيل :  May 2021
 أخر زيارة : يوم أمس (06:09 PM)
 المشاركات : 314,628 [ + ]
 التقييم :  820825
 الجنس ~
Male
 MMS ~
MMS ~
لوني المفضل : Cadetblue


افتراضي رد: الكرسوع ( رواية )






*
الكرسوع






حين التحق محمود بعمله الجديد صبيَّا لدى الأستاذ ( أمين الحجازي ) انفرجت معظم همومه ، فمئة ريال في الشهر كانت كافية لمصروف البيت وربما استطاع أن يوفر شيئا منها للأيام ، كان يذهب إلى منزل الأستاذ ( أمين ) بعد شروق الشمس بساعتين ـــــ تقريبا ـــــ فيقوم بتنظيف السكن وترتيبه ، ثم تغيير ماء الشيشة الموَلَّع بها ذلك الرجل ( أمين ) ويتعاهد ( ليَّها ) وينظف الأحجار الفخارية التي يوضع بداخلها الجُراك والجمر ويضع كمية كافية من الفحم داخل ( المِرَكَّب ) تاركا ملقاط الجمر بجانبه ، بعد أذان الظهر مباشرة يقوم بإعداد وجبة الغداء ثم ينصرف ليأتي الأستاذ ( أمين ) وكل شيء أصبح جاهزا ، يعود محمود بعد المغرب لعمل اللازم حتى التاسعة مساء بتوقيتنا الحالي .
رغم ارتياح محمود لهذا العمل الذي يعتبره مربحا إلا أن ثمة أمور كانت تضايقه وتسبب له القلق ، حيث بدأ يشاهد نظرات الناس تلاحقه بالغمز واللمز وكأنها تقول له أشياء لا يعرفها ، كان يشاهد حركاتهم الغريبة ، تهامسهم مع بعضهم البعض ، وعندما تأكد له أنه المقصود بذلك عصفت به رياح الشك والحيرة والارتباك ؛ لعدم علمه بالأمر ، حاول مرارا استقصاء ذلك بطريقته الخاصة فلم يفلح ، فلجأ إلى صديقه ( محبوب ) وكلفه باكتشاف الأمر .
تفاجأ صديقه ( محبوب ) بما يدور في أوساط الناس وما يقال عن صديقه محمود ، وما يقوله الناس عن الأستاذ ( أمين ) من أنه رجل غير سوي ، وأنه .... ، وأن كل من كان يعمل لديه صبيا تلتصق به تهمة الشذوذ ، وأنه كان سببا في انحرافهم بعد تركهم للعمل لديه ، احتار محبوب هل يخبر صديقه محمودا ويقطع عليه رزقه ومصدر عيشه وقد مضت عليه سنتان في هذا العمل أم يكتم عنه ذلك ، لكنه قرر أخيرا إخباره بما يدور ، لكن محمود أكد لصديقه بأنه لم يلحظ على الأستاذ أي تصرف شاذ أو قول مشين طيلة الشهور الماضية ، وعندما اختلى محمود بنفسه بدأ يفكر في الموضوع بجدية ويحدث نفسه :
ـــــ دحين أطلع من الشغل ولا أجلس ؟ ما بقي من الشهر إلا يومين فقط ويعطيني الراتب !
ـــــ طيب يمكن يجي يوم و..... ! لكن بعيد على شواربه ! والله ما ينال مني ولو قتلته .
ثم قرر الاستمرار في عمله لدى الأستاذ ( أمين ) .
حين سلَّم الأستاذ أمين لمحمود راتبه الشهري أخذ منه مبلغ عشرين ريالا وأمَّن المتبقي لدى والدته ، ثم انطلق إلى ساحة الميدان ؛ ليجلب لمنزله بعض الأغراض ، وقبل أن يصل إلى مدخل شارع ( الجمالة ) من الجهة الشمالية كان هناك دكان ( جبران ) الذي يبيع فيه خِيَش الفحم والفَرْص ، ولج محمود إلى ذلك الدكان ليشتري خيشة من الفحم الجيد ، سلم على البائع جبران ثم أخذ يعاين نوعيات الفحم المعروضة ، كان الهمز واللمز والشائعات التي تدور حول محمود قد وصلت إلى مسامع البائع فدعاه إلى معاينة نوعية أخرى من الفحم هي أجود من المعروضة أمامه ، وأشار إليه بأن يدخل معه إلى المخزن الملحق بذلك الدكان ليشاهدها بنفسه ، دخل محمود برفقة البائع إلى ذلك المخزن الضيق وشاهد العينة فأعجبته ، وحين هم بالسؤال عن ثمنها أحس بشيء من التحرش ، فما كان منه إلا أن دفع البائع جبران على خيشة الفحم بعنف وخرج غاضبا وهو يقول :
ـــــ لا حول ولا قوة إلا بالله ..حتى أنت يا عم جبران !! الله يهديك ويصلحك .. والله لولا أنك في سن والدي لكان لي معك تصرف آخر .
ثم أخذ يكيل اللعنات على عمله لدى الأستاذ ( أمين ) وعلى كل من في قلبه مرض .


يتبع .....






 
 توقيع : الغيث

علمتني الحياة أن أبني جسرا من الأمل فوق أي بحر من الأحزان


رد مع اقتباس
قديم 08-11-2021, 09:41 PM   #33


الصورة الرمزية الغيث
الغيث متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 395
 تاريخ التسجيل :  May 2021
 أخر زيارة : يوم أمس (06:09 PM)
 المشاركات : 314,628 [ + ]
 التقييم :  820825
 الجنس ~
Male
 MMS ~
MMS ~
لوني المفضل : Cadetblue


افتراضي رد: الكرسوع ( رواية )






*
الكرسوع






في هذه الأثناء كان محمود يقترب من الرابعة عشرة من عمره ، وبدأت تظهر عليه ملامح وصفات البلوغ الجنسي ويحس ببواعثها ، بدأت تحتدم في فكره الهواجس والإيحاءات الجنسية وتضغط عليه في بعض الأحيان ، ثم أخذ يغرق في التخيُّلات ذات الإيحاء الجنسي ، فتارة يحدِّق في تلك التفاصيل التي تثير غرائزه ، وأخرى يرتبك كلما مرت بجواره ( مِسْكَة ) ويغرق في تفاصيلها ثم يهم بشيء ويتراجع عنه ، احتدمت التناقضات الشخصية والنفسية في وجدانه وأصبح ممزقا بين حبه لفعل الخير ومساعدة الغير والعطف على المحتاجين ، وبين التفكير في بعض الأفعال القبيحة ، مما جعل تلك الصراعات التي تكتظ في داخله مصدرا لقلقه وتكدره ، كان يهرب من تلك الهواجس بالخروج إلى البحر في بعض الأحيان أو الجلوس مع صديقه ( محبوب ) ، وأحيانا يجلس مع العم ( فتح الله ) رجل العسَّة ، بل ويساعده أو ينوب عنه في الخفارة في بعض الليالي عندما يكون مريضا ، هذا الوضع الذي يعيشه محمود أجبره على إدمان تدخين السجائر ، فتجده ليلا إما في تقاطع أزقة الحارة جالسا على صخرة أو شيء آخر يدخن السجائر ويتسلى بالفصفص ( اللُّب ) ، أو تجده يطوف حول منازل الحارة ، وهذا الوضع قد أرهق نفسية والدته فاستعانت بصديقه ( محبوب ) وبعض عقلاء الحارة لثنيه عما يفعل ولكن دون جدوى ؛ لأن مراهقته قد بلغت ذروتها لديه وهو يقترب من السابعة عشرة من عمره .
كانت مشكلة محمود الكبرى أنه كلما وقع شجار أو احتكاك بينه وبين أحد شباب الحارة يسمع منه كلاما يندى له الجبين :
ـــــ مسوي نفسك راجل علينا وأنت ..... !
ــــ روح عند عمك أمين واترجل عليه !
ـــــ احنا عارفين فين تروح بالليل .. تسري .... !
لكن فتوة محمود دائما ما كانت تُخرس هذه الألسن القبيحة بعراك محموم يكون فيه المنتصر على الدوام ، كما كانت كافية لأن تبرهن للكل بأنه هو فتى الحارة الأقوى من غير منازع والذي يتحدى الصعاب ويقتحم المواقف ، ولذلك بدأ الكل يطلق عليه ( الكرسوع ) وهنا قرر محمود ( الكرسوع ) ترك العمل لدى الأستاذ ( أمين الحجازي ) والبحث عن عمل آخر .
في هذه الأثناء كانت المنطقة على موعد مع حدث تاريخي كبير وهو زيارة جلالة الملك سعود بن عبد العزيز لمنطقة جازان .
عندما خرج سكان المدينة لمشاهد ذلك الاستقبال الحافل الذي أعد لجلالته ، كان الكرسوع مع والدته من ضمن المتفرجين على ذلك الاستقبال العظيم ، كان يشاهد رصيف الميناء الخرساني وقد تزين ليلا بتلك المصابيح الكهربائية التي انتظمت كعقود من اللآليء ، والتي تم تشغيلها بواسطة مواتير متنقلة هيأتها إمارة المنطقة وبلدية المدينة ؛ لعدم دخول الكهرباء للمدينة حتى ذلك الوقت ، هنا خطرت للكرسوع فكرة العمل على رصيف الميناء في أعمال ( المِعداية ) بعد انتهاء الزيارة الملكية .


يتبع ..... الفصل الرابع






 
 توقيع : الغيث

علمتني الحياة أن أبني جسرا من الأمل فوق أي بحر من الأحزان


رد مع اقتباس
قديم 08-12-2021, 12:56 AM   #34


الصورة الرمزية الشادي
الشادي غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 37
 تاريخ التسجيل :  Sep 2020
 أخر زيارة : 11-09-2023 (05:01 PM)
 المشاركات : 8,295 [ + ]
 التقييم :  39203
 SMS ~
لوني المفضل : Cadetblue


افتراضي رد: الكرسوع ( رواية )



الكرسوع
رواية
نابضة بحياة الماضي
قال كثيراً الغيث
و أتى بجميل المعنى
سأكون متابع للبقية


 

رد مع اقتباس
قديم 08-12-2021, 01:30 AM   #35


الصورة الرمزية الغيث
الغيث متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 395
 تاريخ التسجيل :  May 2021
 أخر زيارة : يوم أمس (06:09 PM)
 المشاركات : 314,628 [ + ]
 التقييم :  820825
 الجنس ~
Male
 MMS ~
MMS ~
لوني المفضل : Cadetblue


افتراضي رد: الكرسوع ( رواية )



اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة الشادي مشاهدة المشاركة
الكرسوع
رواية
نابضة بحياة الماضي
قال كثيراً الغيث
و أتى بجميل المعنى
سأكون متابع للبقية
أهلا وسهلا بك يا صديقي العزيز الشادي
وسعدت بقراءتك لروايتي الكرسوع
ويسعدني متابعتك
بارك الله في عمرك وأسعدك في الدارين
وأشكرك من عميق القلب على تقيييمك الضافي
ودي وتقديري
ومحبتي


 
 توقيع : الغيث

علمتني الحياة أن أبني جسرا من الأمل فوق أي بحر من الأحزان


رد مع اقتباس
قديم 08-14-2021, 02:27 PM   #36


الصورة الرمزية الغيث
الغيث متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 395
 تاريخ التسجيل :  May 2021
 أخر زيارة : يوم أمس (06:09 PM)
 المشاركات : 314,628 [ + ]
 التقييم :  820825
 الجنس ~
Male
 MMS ~
MMS ~
لوني المفضل : Cadetblue


افتراضي رد: الكرسوع ( رواية )






*
الكرسوع




الفصل الرابع



صباح يوم الأحد الرابع من جمادى الأولى عام 1376 ه لم يكن صباحا عاديا ، إذ تناقل الناس فيه ما حدث للسيدة ( حزيمة ) بائعة العيش الحامض والمولوخية وابنتها ( صفية ) قبل فجر ذلك اليوم ، فقد قفز أحد الأشخاص في الثلث الأخير من الليل من فوق جدار منزلها ، مقتحما دارها محاولا كسر خزانتها الشعبية ( السَّحَّارة ) التي تخبيء بها ما تحصل عليه من بيع العيش والملوخية ، فتصرف بعضه على نفسها وابنتها وتدخر شيئا منه للأيام ، كانت السيدة ( حزيمة ) تصلي وتبتهل إلى خالقها أن يكتب لها وابنتها الستر والعافية ، وأن يبارك لها في هذا العمل الذي تعيش عليه ، أما ابنتها ( صَفِيَّة ) فكانت تغط في نوم عميق ؛ لتصحو مبكرة لمساعدة والدتها في العمل ، حينها لمحت السيدة حزيمة ذلك الشخص يقترب من السَّحَّارة وبيده مفك من الحديد ، قطعت صلاتها وتناولت عصا غليظة واندفعت نحوه ؛ لتمنعه من فعل شيء ، فما كان من الشخص إلا أن هددها بالمفك الذي يحمله ، وحين أدرك عدم خوفها منه أخرج سكينا من بين سرواله القصير وهجم عليها محاولا قتلها ، حينها صرخت حزيمة وانهارت ثم فقدت الوعي ، استيقظت ابنتها ( صفية ) على صراخ والدتها ، وعندما شاهدت المنظر أخذت تصرخ بأعلى صوتها وتستنجد بالجيران ، ارتبك السارق وخاف أن يحضر الجيران ويقبضوا عليه فهرب واختفى بين الظلام ، تجمع الجيران عند منزل حزيمة لمعرفة سبب الصراخ فخرجت إليهم صفية تشرح لهم الأمر وتدعوهم للدخول لإسعاف والدتها ، انتشرت الأخبار بهذه الواقعة وعمت أرجاء المدينة وكل يدلي بدلوه في ذلك ، واختلط اليقين بالخيال والحقيقة بالإشاعات ومر ذلك اليوم كئيبا على الجميع .
بعد صلاة المغرب كانت تلك الواقعة قد ألقت بظلالها على كل شيء في المدينة ، وأمسى الاجتماع المعتاد عند التاجر ( باصدِّيق) على غير عادته ، فالجميع كان لا يفكر في شيء غير ما حصل للسيدة حزيمة ، وبدت الأخبار التي تبثها الإذاعات العالمية باهتة خاصة وأن الحرب قد وضعت أوزارها من منذ فترة طويلة ، وحتى نار الحرب الباردة والوعد والوعيد والتحالفات الجديدة قد خبت جذوتها ، لا سيما وقد دخلت إلى الميدان أسلحة جديدة فتاكة تجعل القادة يفكرون ألف مرة قبل إشعال أي حروب أخرى ، انفض ذلك الاجتماع سريعا وذهب كل إلى حال سبيله ، وبعد صلاة العشاء بدأ أصحاب جلسة الكرويت في التوافد ، وتربَّع عمدة الجلسة ( حامد القمَّاش ) في وسط الجلسة لكنه كان صامتا في تلك الليلة ، طلب منه البعض إكمال حكايته ( علي بابا والأربعين حرامي ) التي بدأها في الليلة الماضية فاعتذر عن ذلك بسبب تعكر المزاج ، وفجأة تحول النقاش لموضوع السيدة حزيمة وما حصل لها ، لكن القماش طلب منهم التحفظ قليلا وعدم فتح الباب للتكهنات التي ربما تُضِرُّ بسمعة السيدة وابنتها .


يتبع ........

***

الغيث
حصري للمدائن






 
 توقيع : الغيث

علمتني الحياة أن أبني جسرا من الأمل فوق أي بحر من الأحزان


رد مع اقتباس
قديم 08-14-2021, 02:30 PM   #37


الصورة الرمزية الغيث
الغيث متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 395
 تاريخ التسجيل :  May 2021
 أخر زيارة : يوم أمس (06:09 PM)
 المشاركات : 314,628 [ + ]
 التقييم :  820825
 الجنس ~
Male
 MMS ~
MMS ~
لوني المفضل : Cadetblue


افتراضي رد: الكرسوع ( رواية )






*
الكرسوع







في هذه الأثناء حضر ( عبده أنتل ) متملقا متجهم الوجه ؛ ليرسم على ملامحه صورة التأثر بالحدث ، وقبل أن يجلس باغت الجميع :
ــــــ أظنكم عرفتو باللي حصل .
رد عليه أحدهم :
ـــــ نعم يا أخي كل الناس عرفوا !
ـــــ طيب إيش رأيكم أنتم فيما حصل .. خصوصا أنت يا عم ( حامد ) ؟
لم يرد عليه ( حامد القماش ) ، وهنا رد عليه ( سراج عشوي ) بائع الكتب وصاحب الحكمة :
ـــــ وأنت ما رأيك يا ( أنتل ) ؟
ـــــ رأيي أن ذلك الشخص مش سارق .. أعتقد أنه له هدف ثاني .. يعني بالعربي سارق لحم .
وفي الحال رد عليه المؤذن ( أحمد المطوع ) :
ــــــ اتق الله يا رجل .. لم نسمع عن هذه الأسرة إلا كل خير .. والبنت صفية من أشرف البنات في الحارة .
ـــــ أنا ما قلت شيء .. أقول يمكن .. يعني يمكن .. أو يكون مواعد .. يمكن .
ــــــ بالله عليك قل خير أو اسكت .
هنا تدخل ( إبراهيم ظامي ) :
ـــــ طيب إيش معنى ما اختار إلا بيت حزيمة ؟
رد عليه ( حمدان البو ) :
ـــــ الموضوع بسيط .. لأنها تعيش هي وبنتها لوحدهم وما عندهم رجال يحميهم .
عاد ( عبده أنتل ) للتكهنات والهمز واللمز :
ـــــ سمعت الناس يقولون أن السارق قصير القامة .. الله يستر ليكون اللي في بالي ! ليكون .... ثم سكت .
رد ( يوسف النوحي ) بانفعال :
ـــــ اسمع يا أنتل .. إيش قصدك .. ومين تقصد .. ياخي إن بعض الظن إثم .. لا تظلم الناس حتى تتأكد .
ثم زادت حدة عصبيته وانفعل على ( أنتل ) وكادا أن يتعاركا .
قال أحد الجالسين :
ـــــ يا جماعة صلوا على رسول الله .. ما لكم معصبين كذا .. حتى البنت صفية لم تتهم أحد .. وكل اللي قالته للشرطة : أنه رجل قصير ولابس سروال قصير وفانلة مُشَجَّرة .
هنا عاد أنتل إلى الحديث :
ـــــ ها سمعتم إيش قال .. رجل قصير ولابس فانلة مشجرة ، تنقطع لساني إن ما كان ( الكرسوع )
رد عليه أحمد المطوع :
ــــــ قلنا لك يا أنتل لا تتسرع وتظلم الناس ، وبعدين الشرطة جابت ( القفَّار ) وأخذت الآثار ومصير اللي فعلها ينكشف ويبان وينال جزاءه .
ـــــ يا شيخ أحمد أنا قلت يمكن .. توقعات يعني .
تدخَّل أحد الجالسين قائلا :
ـــــ يا جماعة أنا جار الكرسوع .. وهو مريض والله .. وله يومين ما يطلع من البيت بسبب الحُمَّى .. وفي ذمتي أنه بريء من هذه التهمة .
رد أنتل :
ـــــ طيب والفانلة المشجرة كيييييف .. ما فيه أحد في الحارة يلبس فانلة مشجرة إلا الكرسوع !
هنا صمت المتحدث الأخير أمام هذا الدليل الدامغ .. لكنه استدرك صمته وقال :
ــــــ اسمع يا أنتل .. يعني ما فيه واحد في البلد كلها عنده فانلة مشجرة إلا الكرسوع !
خرج الدَّلَّال ( علي النونو ) من حالة السكوت والاكتفاء بالاستماع قائلا :
ــــــ يا جماعة فكُّونا من هذي السيرة اللي جبتو لنا الصداع بها .. وبعدين مين هذا الكرسوع اللي صجيتونا به .. أنا أول مرة أسمع به .. عسى ولد مين يكون ؟
رد ( حامد القماش ) :
ــــــ بذمتك يا نونو ما تعرف الكرسوع .. وولد مين يكون !
ــــــ لا والله ما أعرفه
ـــــ يا شيخ هذا ولد النَّجَّار ( عثمان حمود ) وأمه اسمها ( جميلة ) وهي بنت ( سالم الدُّهري ) ، مين ما يعرف عثمان حمود اللي كان من أشهر البحارة على السنبوك ( امْشَمَل ) وكان يومها مع النوخذة ( امْسالِمِي ) وغرقوا كلهم مساكين في ( الحُميسا ) كانوا مَحَمِّلين أكياس ذرة وحنطة ودخن وأقفاص دجاج ومسافرين بها إلى جدة للتجارة ، الله يرحمهم ويدخلهم جنات النعيم .
ــــــ أيوه .. أيوه افتكرت .. الله يرحمهم .. شهداء إن شاء الله .
قال أحد الجالسين :
ـــــ طيب ما يعرفون يسبحون ؟
ــــــ إلا يسبحون .. بس فينك وفين .. المسافات هناك متباعدة وبعيدة عن البر ولا يقدرون يقطعون حتى الثمن منها .
ــــــ قال آخر :
ــــــ طيب ما كان معهم ( صِنْجار ) ؟
ــــــ إلا .. كان معاهم سنبوك النوخذة ( الغاشمي ) .. بس يقولون ـــــ وعلى ذمة اللي قالوا ـــــ إنه خاف من الغرق معهم وقام عدَّل سُكَّانُه وهرب .



يتبع ........

***

الغيث
حصري للمدائن






 
 توقيع : الغيث

علمتني الحياة أن أبني جسرا من الأمل فوق أي بحر من الأحزان


رد مع اقتباس
قديم 08-14-2021, 02:32 PM   #38


الصورة الرمزية الغيث
الغيث متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 395
 تاريخ التسجيل :  May 2021
 أخر زيارة : يوم أمس (06:09 PM)
 المشاركات : 314,628 [ + ]
 التقييم :  820825
 الجنس ~
Male
 MMS ~
MMS ~
لوني المفضل : Cadetblue


افتراضي رد: الكرسوع ( رواية )






*
الكرسوع







مضت بضعة أيام وسيرة ما حصل للسيدة ( حزيمة ) تتناقلها الألسن وتتناثر في كل بيت ، ووصلت الإشاعات والهمز واللمز ابنتها ( صفية ) وقد أضحت تقوم بعمل والدتها التي أصبحت مقعدة ، لكنها لم تلتفت إلى تلك الترهات المتداولة بين الناس وانصب تفكيرها على توفير ما يسد حاجة البيت وعلاج والدتها المشلولة ؛ نتيجة للصدمة العصبية التي تعرضت لها في تلك الليلة المشؤومة ، في مكان آخر كانت تلك الأخبار والاتهامات تصل ـــــ أيضا ـــــ إلى الكرسوع كما تصل إلى والدته جميلة فتسبب لها الكثير من العنت والمعاناة ، وعندما تهم بالخروج للدفاع عنه أمام الناس تتذكر بعض الأفعال السيئة التي بدأ ابنها في اقترافها ومنها ( التدخين ) فتخاف ألا يصدقها أحد فتسلم أمرها لله .
تماثل الكرسوع للشفاء وزالت عنه أعراض الحُمَّى وعاد لممارسة حياته الطبيعية ، وأول شيء فكر فيه بعد شفائه هو المرور على صديقه محبوب وتجميع بعض الرفاق من أصدقائه المخلصين والذهاب لأصحاب الكرويت لإثبات براءته وتأديب من يستحق التأديب منهم مثل ( عبده أنتل ) ، اثناء خروج الكرسوع من داره لتنفيد تلك المهمة لمحته ( مِسْكَة ) فأسرعت خلفه ودفعته من الخلف بكتفها الأيمن على كتفه الأيسر في تحَرُّش واضح لا غطاء عليه ثم قالت :
ـــــ أوووه كرسوووع .. سامحني ما شفتك والله .
ثم أطلقت ضحكة فيها الكثير من الغنج والدلع مع غمزة من عينها اليسرى ، ثم مضت أمامه تتمايع وتتمايل في مشيتها لدفعه لارتكاب أية حماقة ، تأجَّجت غرائز الكرسوع وثارت براكينه الخامدة وهم بالسقوط في الوحل ، لكنه استعاذ بالله من الشيطان الرجيم ومضى إلى حال سبيله ، تم التجمُّع عند صديقه محبوب ، ثم ذهبوا جميعا إلى حيث جلسة الكرويت وعندما وصلوا ألقى الكرسوع السلام على الجالسين فلم يرد عليه أحد غير مؤذن المسجد ( أحمد المطوِّع ) ، وهنا انفعل الكرسوع ورفع صوته :
ـــــ عارف أن بعضكم زعلان مني بسبب حادثة الخالة حزيمة .. لكن أقسم بالله إني بريء من كل هذي التهم .. والله يعلم أني كنت ليلتها مريض بالحمى .
رد أحدهم :
ــــــ يقولون إن فيه عليك دليل .
ـــــ إيش من دليل ؟
ــــــ الفانلة المشجرة .
ـــــ وإيش علاقة الفانلة بالسرقة .
ــــــ لأنك تلبسها دائما !
ــــــ بس أنا قد تصدقت بها على أحد المساكين قبل شهرين تقريبا .
ــــــ طيب كيف وصلت للسارق .
ــــــ إيش دراني أنا !
هنا تدخل ( حامد القمَّاش ) قائلا :
ــــــ يا ولدي محمود كلنا نعرف أنك فتى شهم ومحب للناس جميعا وتساعد الآخرين .. ونعرف أن والدك يرحمه الله كان على خلق حسن والكل يشهد بذلك .. ونعرف أنه رباك تربية حسنة .. لكن كلام الناس يكثر ويقل.. ولا أحد يستطيع أن يجزم بشيء حتى تظهر الحقيقة .
ــــــ أنا عارف يا عم ( حامد ) مين اللي أساء لي وشنَّع عليَّ هذي التهم .. ما فيه غير عبده أنتل هذا الزَّلاَّخ الكبير .. لكن يجيك خبر .. أنا بانتظره هنا وراح أوريه شغله كيف .


يتبع ........

***

الغيث
حصري للمدائن






 
 توقيع : الغيث

علمتني الحياة أن أبني جسرا من الأمل فوق أي بحر من الأحزان


رد مع اقتباس
قديم 08-14-2021, 02:35 PM   #39


الصورة الرمزية الغيث
الغيث متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 395
 تاريخ التسجيل :  May 2021
 أخر زيارة : يوم أمس (06:09 PM)
 المشاركات : 314,628 [ + ]
 التقييم :  820825
 الجنس ~
Male
 MMS ~
MMS ~
لوني المفضل : Cadetblue


افتراضي رد: الكرسوع ( رواية )






*
الكرسوع







هنا تدخل أحمد المطوع وسحبه من يده وحدثه على انفراد :
ــــــ يا ولدي الغالي احنا ما نبغى لك مشاكل .. وأنت بكذا تزيد الكلام عليك .. وبعدين ترى أنتل معتل الجسم وربما يحصل له شيء لو حطيت يدك فيه وتصبح في سين وجيم وحبس وأشياء أنت في غنى عنها .. سَلِّم أمرك لله واحتسب إليه وهو القادر على كشف الحقائق .
هدأت أعصاب الكرسوع قليلا وهم بالانصراف مع رفاقه ، وكان قرب الكرويت أحد شباب حارة الجبل فاقترب من الكرسوع وقال له :
ــــــ ما شاء الله أشوفك نافخ ريشك على خلق الله .. عسى من تكون ! أدري إنك الفتى القوي في الساحل بس ترى عندنا شباب يكسرو رأسك .
شَمَّرَ الكرسوع عن ساعديه وقال :
ــــــ بسم الله .. يالله طلِّع اللي براسك وأنا أتحداك أنت وشباب حارتك .
ـــــ طيب أوريك كيف .. بكرة رايحين ( نذعركم ) في حارتكم ونكسر أضلاعكم .
ـــــ اتفقنا .
استعد شباب حارة الجبل بالعصي و ( الكراديس ) و ( الوايرات ) ، واستعدت جماعة الكرسوع كذلك ، وبعد صلاة العشاء من اليوم التالي زحف شباب الجبل إلى الساحل وعند وصولهم مشارف الحارة ورؤيتهم للكرسوع ورفقاه هتفوا :

حــــارة امجبـــل قويـــــة من زمـــان
تذعر امساحل وتذعر شيخهم

وعندما سمعهم الكرسوع وفرقته ردوا عليهم :

واحنا عيـــــال إبليس مَبْـــــلَس مِنَّنا
واللي يشا الشيطان يقرب منَّنا

والتحم الفريقان التحاما عنيفا استخدمت فيه العصي والكراديس والوايرات وسالت على إثره دماء بعض الشباب ، ولم يُنهِ ذلك العراك إلا شدة البرق وقصف الرعد ؛ لموافقة تلك الليلة بداية فصل الخريف ، مما أجبر الشباب على الانصراف والعودة إلى دورهم ، مكتفين بما ناله كل شاب منهم .
اشتدت الرعود وبدأت الأمطار في الهطول بغزارة والناس تهلل وتسبح كلما لمعت البروق وقصفت الرعود ، كان الكرسوع متأهبا للعمل والمساعدة كعادته ، وكانت والدته تضع بعض الآنية تحت الأمكنة التي تتساقط منها قطرات المطر من سقف دارهم وتردد أهازيج ( التَّلْييل ) ترحيبا بقدوم الخير :

يــــــا رب هـِـــــلْ امَّطَــــــــرْ هِلُّـــــــــــه
وامْحَـــــبْ وســـــطَ امْعِجـــــارْ بُلُّه

يـــــــا اللهْ بِليـــــــــــــــــــــــلَهْ لُوِيــــــــــــــــــــــــلَهْ
ليــــــــــــلهْ سِعيـــــــــــــــدَهْ وقَدْرِيـَـــــــــــــــــهْ
ليــــــلهْ علــــــى رؤوسْ الأوْدِيـــَــــــــهْ

في حين بدأ القلق يظهر على ملامح الكرسوع ؛ فالزقاق الذي يقع فيه منزلهم وبقية منازل جيرانه منخفض عن منسوب بقية أزقة الحارة فتنساب مياه الأمطار كلها إليه وتدخل البيوت في معظم الأحيان ، تواصلت الأمطار في الهطول بغزارة ، وفجأة انطلقت صرخات استغاثة حددها الكرسوع من قرب منزل ( المُخَضِّبَة ) السيدة ( شَرَف ) ، فوضع على رأسه ( منشفة ) تقيه من المطر وخرج يستطلع الأمر وإذا به يكتشف أن تلك الصرخات تنطلق ـــــ فعلا ـــــ من دار السيدة ( شرف ) فاقترب من الباب ونادى :



يتبع ........

***

الغيث
حصري للمدائن






 
 توقيع : الغيث

علمتني الحياة أن أبني جسرا من الأمل فوق أي بحر من الأحزان


رد مع اقتباس
قديم 08-14-2021, 02:38 PM   #40


الصورة الرمزية الغيث
الغيث متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 395
 تاريخ التسجيل :  May 2021
 أخر زيارة : يوم أمس (06:09 PM)
 المشاركات : 314,628 [ + ]
 التقييم :  820825
 الجنس ~
Male
 MMS ~
MMS ~
لوني المفضل : Cadetblue


افتراضي رد: الكرسوع ( رواية )






*
الكرسوع







ــــــ يا خالة شرف سلامات .. إيش اللي حصل ؟
أجابته ابنتها ( ريحانة ) من الداخل :
ــــــ السيل دخل علينا البيت .. والمويا واصلة حتى حبال ( قعادة ) أمي المريضة .. وأنا خايفة تغرق وتموت .
ــــــ لا تخافي يالمستورة .. دحين أرجع لك ومعي الوالدة .
كان دار السيدة شرف أهبط المنازل في الحارة من حيث المنسوب عن الزقاق ؛ لذلك تتحول كل المياه المتدفقة من البيوت إليه .
عاد محمود إلى داره وأخبر والدته بما حصل ، ثم أشعل ( أتريكَه ) القديم الذي يعمل بالقاز وذهب بصحبة والدته إلى دار السيدة شرف لإنقاذها هي وابنتها ، طلبت ريحانة منهم الدخول بعد أن لفَّتْ إحرام الصلاة حول رأسها وأبقت وجهها ظاهرا ، وعندما وقع نور الأتريك المتوهج على وجه ريحانة انبهر الكرسوع من جمالها الذي يشاهده لأول مرة بعد أن كبرت وأصبحت فتاة ، فهو يعرف أنها جميلة منذ أن كانت طفلة صغيرة لكن الوضع الآن قد اختلف تماما ، حمل الكرسوع ووالدته السيدة شرف وهي على قعادتها من الجانبين ؛ لعدم مقدرتها على الحركة وذهبا بها إلى دارهما ، ورافقتهما ريحانة ، وفي هذه الأثناء هب الكرسوع وعدد من رجال الحارة في إحداث شق واسع بالزقاق ؛ لمحاولة إخراج الماء من دار شرف إلى الزقاق ــــــ رغم صعوبة ذلك ـــــ لانخفاض الدار عن الزقاق ، وعندما عاد الكرسوع بعد إتمام المهمة احتار أين ينام ، فمجلسهم الوحيد سينام به ضيوفهم ربما لليلة أو ليلتين ريثما يجف منزلهما والأغراض التي غرقت بسبب المطر ، لم يكن أمامه إلا صعود ذلك السلم الخشبي ؛ لينام أعلى سقف مجلسهم ، لكنه لم ينم تلك الليلة ، فصورة ريحانة لم تغادر ذهنه وصوتها الحنون لم يفارق مسمعيه ، وأحس أن قلبه يخفق في غير عادته فأيقن أن ريحانة قد رمته بسهمها في مقتل ! .



يتبع ........ الفصل الخامس

***

الغيث
حصري للمدائن






 
 توقيع : الغيث

علمتني الحياة أن أبني جسرا من الأمل فوق أي بحر من الأحزان


رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

« مشهد | ميوع »

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 3 ( الأعضاء 0 والزوار 3)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

Bookmark and Share


الساعة الآن 10:24 AM

أقسام المنتدى

المدائن الدينية والاجتماعية | الكلِم الطيب (درر إسلامية) | أرواح أنارت مدائن البوح | الصحة والجمال،وغراس الحياة | المدائن الأدبية | سحرُ المدائن | قبس من نور | المكتبة الأدبية ونبراس العلم | بوح الأرواح | المدائن العامة | مقهى المدائن | ظِلال وارفة | المدائن المضيئة | شغب ريشة وفكر منتج | المدائن الإدارية | حُلة العيد | أبواب المدائن ( نقطة تواصل ) | محطة للنسيان | ملتقى الإدارة | معا نحلق في فضاء الحرف | مدائن الكمبيوتر والجوال وتطوير المنتديات | آفاق الدهشة ومواسم الفرح | قناديـلُ الحكايــــا | قـطـاف الـسـنابل | المدائن الرمضانية | المنافسات الرمضانية | نفحات رمضانية | "بقعة ضوء" | رسائل أدبية وثنائيات من نور | إليكم نسابق الوفاء.. | الديوان الشعبي | أحاسيس ممزوجة |



Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
مجتمع ريلاكس
Ads Management Version 3.0.1 by Saeed Al-Atwi

new notificatio by 9adq_ala7sas