الكتابة فن قبل أن تكون صنعة !!!! بقلمي .

الكتابة فن قبل أن تكون صنعة !!!! بقلمي .

الكتابة فن من الفنون وليست مجرد صنعة فقط , وهي صياغة الكلمة بشكل رائع والكاتب ليس مؤلّفاً وحسب وإنّما هو كذلك المصغي للوحي، يستنير بنور الكلمة ليجسّدها على الورق. وإن لم يفعل صار أشبه بخائن لها. وعندما يجسّد هذه الكلمة لا بدّ أن تمتلك شيئاً من خصوصيّته وإلّا بدت للقارئ جافة وباهتة.
لأنّ الوحي فقط متى تجسّد كلمات أدخل إلى روحنا لذّة العودة إليه لقرائته مرّات ومرّات وفي كلّ مرّة نشعر أنّنا نقرأه للمرّة الأولى. وهنا الفرق بين كاتب وآخر، قد نقرأ كتاباً أو مقالاً ونشعر أنّه مجرّد معلومات منثورة بشكل منمّق أو سرد نثري برع كاتبه في حياكة الأسلوب ونكتفي بذلك. وقد نقرأ آخر فيبدو لنا أنّنا دخلنا عالماً جديداً مع الكاتب وغصنا في تأمّلاته وكأنّنا جالسون معه ويتوجّه إلينا بشكل شخصيّ.
الغرض من هذه المقدمة :

كيف نكتب ومتى وأين وماذا نكتب ؟؟؟؟

وعلينا أن نتعلّم أصول ومداخل هذا الفن ولا نرتجل فيه ( فالمقال غير القصة والرواية والقصيدة غير الخاطرة ومثلهما الحوار والنقاش ) !!!!
فالمقال لابد أن يعالج قضية ما وقد نسوق أمثله من خلال سرده !!!!.

قضية اليوم : كلمات نستخدمها بشكل عشوائي ولا نعي حجم معناها ومدلولها !!!
كذلك مراجعة نصوصنا قبل نشرها والأستعانة بذوي الاختصاص والاستفادة من أخطائنا لنصل بالكلمة إلى صياغتها في قالبها الصحيح وضمن فنون الكتابة !!!!!!
أستاذ :

غالبا ما نستخدم كلمة ( أستاذ ) ........ وهي فارسية الأصل وكانت تُكتب هكذا ( أستاد ) بالدال المهملة , وتعني معلّم الحرفة ومربي أبناء الملوك والأمراء , ثم حولها العامة إلى ( أسطى ) !!!!

أما اليوم فتطلق على :

1 - مُعلِّم، من يُمارِس تعليم علم أو فنّ .
2 - لقب علميّ جامعيّ، وهو على درجات، أستاذ مساعد وأستاذ مشارك وأستاذ كرسيّ وأستاذ مُبَرِّز
• أُستاذ زائر: أستاذ يُدعى ليدرِّس في كلِّيَّة أخرى أو جامعة لفترة محدَّدة من الوقت، - أُستاذ غير متفرِّغ: أستاذ جامعيّ يشتغل بالبحث والتدريس ويمكنه تولِّي مناصب قياديّة، - أُستاذ مُساعِد: جامعيّ .
3 - لقب احترام يُطلَق عادة على المثقَّفين من كُتّاب وشعراء ومحامين وغيرهم "كان الأستاذ العقّاد أديبًا وشاعرًا وناقدًا".
4 - ماهرٌ في صناعة يعلِّمها لغيرَه .
5 - موسيقار.

وحين نأتي اليوم ونستخدمها في أي مكان وننسبها لأي كان وقد يخطيء حتى في الإملاء , ناهيك عن الأسلوب وصياغة المعاني وتوظيف اللغة وووووو ألخ !!!!!!! فهل كنّا على صواب ؟؟؟؟؟؟؟
الكثير يعتقد أنها تدخل في قاموس الأحترام والتبجيل ورقي الأخلاق والمنطق والمجاملات , ولا يعي أن هناك مسئوليات جمة تقع على عاتق صاحبها .
البعض يقول وما البديل ؟؟؟؟ أخي - صديقي - سيدي - فاضلي - بُني - عزيزي .

وفي هذا السياق أستحضرتني قصة طريفة حدثت معي منذ سنة تقريبا , ومن باب الشيء بالشيء يُذكر :

( في زيارة لمدرسة خاصة ثانوية ولفصل من فصول المعلمة (س )وهي من قطر عربي تدرّس بعقد ومتعاونة ..... جلست بجانب أحد الطلاب وطلبت بعض دفاترهم كعينات عشوائية للنظر فيها , وأنا أصغي لشرح المعلمة حول الحضارة البابلية بوادي الرافدين ..... في جميع الدفاتر وجدت توقيع بالقلم الأحمر وعبارة ( شكرا لك يا دكتور ) !!! ظننت في البداية أن الطلاب عبثوا بدفاترهم وصححوا لأنفسهم وكتبوا تلك العبارة , فسألت المعلمة عنها فقالت أنا من كتبها . والطامة الكبرى أنه لا يوجد سطرا واحدا خاليا من الأخطاء الإملائية , كما لا يُفهم من المكتوب شيء لرداءة الخط , وبعضهم بالكاد كتب أسمه صحيحا على الغلاف !!!!!!! )
لأول مرة ومنذ عشرين عاما وأنا أمارس المهنة أجد نفسي في ورطة حقيقية , فالجانب التربوي يمنعني من التعليق داخل الفصل , والجانب المهني يجبرني على كسر جدار الصمت , والصراع ما بين هذا وذاك يُحيلني إلى بركان يثور فيخمد ...... وبعد صمت طويل سألتها , ما الغاية من كتابة هذه العبارة ؟؟؟ فقالت أشجعهم وأرفع من معنوياتهم !!!!!
الموقف مضحك ومخجل في ذات الوقت , وعليّ أن أعالجه داخل الفصل قبل مناقشة الطلاب درسهم المكتوب على السبورة , وكيف سأقنعهم أنهم ليسوا دكاترة فعلا ؟؟؟؟ وإن تركتهم على هذا الحال سيصدّقون معلمتهم ويعتمدون اللقب والصفة وما من مخلوق سيقنعهم أنهم ليسوا كذلك !!!!
لكنني حاولت بهدوء أن أقنعهم من باب المستفهم وليس الموجه أو المفتش ....... فسألتهم : أتعلمون من هو الدكتور ؟؟؟؟ قالوا نعم . وكم سنة يدرس ؟؟؟
قالوا نعم . قلت وهل بلغتم هذا ؟؟؟ قالوا لا . لا زال الطريق طويل جدا . قلت : وهل مسموح للدكتور أن يخطيء ؟؟؟ قالوا : لا . قلت وهل راجعتم الأخطاء التي بدفاتركم ؟؟؟؟ قالوا : لا . قلت إذا أنتبهوا فلا يكون التشجيع على حساب الأخطاء , وعلينا أن نبدأ بشكل صحيح ولا نستعجل الوصول , ونتعلّم لنعلّم الأجيال القادمة كيف تكتب وتقرأ , فأنا بينكم قضيت أكثر من ثلاثين عاما في المهنة ولا زلت أتعلّم وما حملت لا صفة دكتور ولا أستاذ !!!!
لا أعلم إن كان هدف المعلمة من وراء هذه العبارة مادي أو معنوي كون المدرسة خاصة ومرتب المعلمة عالي جدا , لكن النوايا لا يعلمها إلا الله ومن واجبي التعامل مع الأفعال فقط !!!

هذه القصة ذكرتني بكل المنتديات التي أنتسبت إليها من الجزائر إلى الشام على مدى أكثر من 11 سنة , ولاح في الأفق أمامي أشخاصا وزملاء تخيلتهم وأنا في مركبتي ..... فهذا يحمل أسم أمير اللغة وذاك أحساس شاعر وآخر الأديب الراقي وثالث أمير الشعر ورابع الشاعر المرهف وخامس الكاتب الأنيق وغيرهم كُثر تربعوا على عرش اللغة والأدب والشعر وما كتبوا جملة مفيدة وخالية من الأخطاء وصحيحة الإملاء !!!

فهل وجب تشجيع هؤلاء ؟؟؟ وكيف السبيل ؟؟؟ أهو على طريقة المعلمة المذكورة ؟؟؟ ولا نستغرب ذلك لأن الكثير من المنتديات أعلنوها صراحة وقال لي مسئوليها على الخاص : كُف عن التعليق ودعه يعمل دعه يمر ..... وخف عن كتابة الملاحظات .... فنحن في حاجة للجمهرة على رأي الشاعر حامد زيد !!!!!
أم أن التشجيع في الأمور الصائبة فقط وأن نجعل من المنتديات ملتقيات ودور علم ومؤسسات ثقافية ونوادٍ علمية !!!!
ولكن علينا وقبل كل شيء أن نقنع الكاتب أن الشعر والأدب واللغة لا تُعطى جرعات أو بجرة قلم كما فعلت المعلمة , بل بكد وعناء ومثابرة وتعلّم وصبر واجتهاد , ولا تكفي الموهبة والجرأة والشجاعة بل نستعين دائما بمن هو أكفأ ومتخصص ولا حرج في التعلّم وكلنا نخطيء ونصيب , وهذا هو أبن آدم , ولكن خير الخطّائين التوابون .
أقول هذا لأنني لا زلت طالب علم وإن أفنيت عمري فيه فلا حرج في ذلك فقد سبقني فيه عظام وعباقرة ومنهم سيبويه حين قال : أموت وفي نفسي شيء من حتى !!!

في الختام : ما كتبت هذا بحثا عن ردود أو مشاركات أو تقييم أو أعجابات , وإنما لمن أراد المرور في صمت عضوا كان أو زائرا , كما لم أكتب يوما أستاذا أو معلّما , بل كلمة كاتبٍ هاوٍ تقنعني وترضي غروري !!!!!!


شكرا . بقلمي الخاص .

للمزيد من مواضيعي