وطن آخر !

وطن آخر !

وطن آخر .

اتفق الشعور مرة مع عناوين اللغة، على أن يكون البوح ذا قدرين اثنين ولا بأس بالنهاية المشتركة.
اللغة : أفانين قول وتناهيد طيّاره .
الشعور : كائن حي يتحسس نبضه.
البوح : عناق ما سبق ذكره باستنكار تدفع له اللغة دمها والشعور اضطرابه.

للمزيد من مواضيعي

 

من حق الشتاء أن ينفس عن شعوره بكل هذه الريح، ومن حقه أن يقول ما يشاء قوله من خلال تلك الزخات التي تنقر زجاج النوافذ وترسم بساحات الأرصفة بقعًا راكدة تعكس الصفاء ولو لحين ما، ومن حقها أن تتعكر أيضًا لتشرح سوء المآل والحظ أحيانًا، أما على سبيلك فلا حق للدفء إلا أن يكون دفأً ولو طال به شتاء وأيام وليال.
الأشياء بقيمتها وإن لم تؤدي ذلك كما يجب، غير أن الانعكاسات دائمًا هي الأهم كما أعتقد، فـ نضارة الشجر أهم من قحالة الأرض في أعين محبي الورد والسنابل والفاكهه.
وكما الكلمات فقد عهدتُ لذاتي أن تحنو عليك كلماتي ولو تكسر بها معنى حاد، أثْبتْ الجملة وأعود لنفيها، أعالج موضع الاستثناء بلفّ ذراع المقصود وأفسر أن الأمر لا كما يُفهم من أول قراءة، أفصّل الكلام وقد أُجْمِله في رحابة الود وما قد يبتسم له قلبك قبل فمك.
الشهر الأول من البرد : كالبدايات التي أحببتك فيها - ومازلتُ وسأبقى - يقشعر جسد الحزن أمامها، تنطوي قوى الوحدة والخيبات وتنشرح تفاصيل الحياة للحياة الصقيع، تتعالى هِممُها، تُحلق وتُثبت أن كل شيء بمقدوره أن يكون شيئًا مختلفةً، وأنه لا غبار على صحة الشعور الأول الذي يتأمل السماء والشمس والقمر كمخلوقات مُشتَركة بين حبيبين يقومان بنسج كل مشتركاتهما على نحو شاعري يحقق التلاحم والتواجد وأن الحياة مساحة صغيرة.
الشهر الثاني من الحياة: غدت الأيام أكثر دفئًا ليس لتغير في درجات الموجة غير أن استمرار الشيء على وتيرة واحدة يهبه قوة وترسيخ، ومعرفة عتيقة تدركها قلوب لا تتغير وإن أصيبت بعارض الأيام وتلبُسها وبردها، الوقت تناهيد، مُسلمات نوافذ، وأغاني طُرق، نمهله حقه فلا يهملنا، أنه موسيقى الحياة. شجرة الأكاسيا التي ظللت لقاءنا الأول والتي استمديتَ من عظمتها طرف خيط لتبادل الحديث. كانت هي التي صُنع منها كوبين من الخشب ارتشفنا بهما قهوة بعد عشرة أعوام في نفس المكان، رقم هاتفك الذي نحته على خصرها حينها افتعل مناسبة لدعوة المقهى لك وتجديد لقاءنا ولو على شرف موتها ووهب الحياة لحديث جديد بيننا .
الشهر الثالث من الفصل : اتسعت المساحات وصار للحياة احتمالات أخرى، وأوجه عدة، وللشتاءات مشاعر لا تصمت ولا تتخذ من البياض لوحة صماء، إطار الملامح مائل، وموعد القهوة يترنح، والفنجان فسر الخط الطويل على أنه درب ضيق لكنه لن ينقطع وله مصدر يأمن له الماء والغذاء والمسكن والخوف والقلق والرهاب الاجتماعي والعتب وبعضًا من الإحباط وقليلًا من الأرق.

شتاء.! ,بُشْرَى معجبون بهذا

"المشكلة ليست في الوصول الى الحقيقة بل في الرغبة بعد ذلك في نسيانها."
ومن حيث قيلت هذه الجملة أو أُخِذَ بها أو دُحِضت ككلمة اعتباطية وقتية فقدتْ اتساعها أو ضيقها أو كلاهما، إلا أنها تشبه نواحي نعرفها ، قضايا نمسّها ولا نودّ هزّ عرشٍ مائيٍ يحملها سواءً على سبيل إيمان صريح أو كفر قائم، الفضاء بين ذلك قصة وجود تسير بمعطف وعكاز، هيأة تأخذ من المرء قامته وتهبه انحناءة ظهر .
تلك الشمس الساطعة مقرونة بجهتها الثابتة والتي نحن من نركض إليها، نلهث متدثرين لوقع ضوءها، ووضوح ما يتكشف ،إلا أن غشاوة من السرابِ تُزيف أفضل بكثير من مشهد بدد أشلاؤه على أكتافنا.

شتاء.! معجب بهذا