سحرُ المدائن شهدٌ مستفيضٌ من أقداح القلب نثراً وشعراً فصيحًا ( يمنع المنقول ) |
شهدٌ مستفيضٌ من أقداح القلب نثراً وشعراً فصيحًا
( يمنع المنقول )
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||||||||
|
||||||||||
قميص قصّتي
تنهرني لرائحة السجائر على ملابسي، وتبكي على رائحتها حين أغيب، و تبالغ في جحد حاجتها لرجل مثلي، وتبحث عن أصابعي للصعود فوق المسرح، لا يزال جسدها يفوح منه رائحة الحنين، وقميصي لا يجف من عرق الإهمال.
بعد أعوام نفضت من أوراقها كلماتُّ قلتها لها، وتخلصت من قميص ظمآن لصدري، أصبحت لرجل آخر، كما كانت مشتعلة لأجلي، وفي وقت متأخر من الليلة الأولى معه كانت تبكي أمام المرآة و أرسلت دمعة متكسرة مثل تقاسيم وجهي، يا حبيبتي تذكري بأني هناك - في آخر صفحات هذه الليلة - ودعتُ لأجلك أيادي لا أعرفها. وتمر أعوام طويلة يا حبيبتي على زفاف دمعتكِ ليّ، وألمحك امرأةُ بعيدةُ تسير بقلبٍ مرتجف، وستحبين حُزني وما آلت إليه وحدتي، لكن سيئنُ قلبي لأنكِ قطعتي هذه المسافة الطويلة في الصدفة ولم تتعرفيّ عليّ. لبعض الوقت شاهديني، شاهدي أعماقي وآثار الليل على ثيابي، و وجهي الذي تراكم عليه السهر، ليت يا حبيبتي لم أدخر صلاحي للحظة تمضين فيها أمامي، لكي لا أعود منكسراً كعود ثقاب غير صالح لشمعة أخرى، فاتنّا يا حبيبتي ود الموقف وسط الزحام، كان مُراً وأنا أرى يداكِ تشذب ياقات قميص طفلك لكي يطير، ولكي يكون تلميذاً لبقاً كأنفاسك. يؤلمني الآن حين تمتد ذراعي في آخر الليل للأشياء التي تفتقد لمسة أنثى، لا أستطيع أن انزع أقداري من على صدري، مشهد خيبتي الكبيرة كان مؤلماً، ماذا عن الأشياء التي أهزها بالوعود؟ سرير وقميص وكُرسي تكونين فيه لاهثة تنتظريني كان ضياعي بسيطاً لكن الدربّ طويل، أنا الآن في المنفى لكن أيضاً لا يعني بأن هناك حنين آخر للضوء، أرتب خيباتي لك خبراً تلوا خبر لئلا تبكي دفعة واحدة كالصراخ، في مثل هذا اليوم طويت وجه حبيبتي وحملت حقيبة معاني كانت تترجل، و توجهت مسرعاً على نفس العادة للشارع - لأنه - لا زال رمزاً للضياع ولا يمرضني الضياع، يا صديقي هذه المدن لا تستثني أحداً، لا تخلق في صدرك جيلاً من الآبديه بحريةٍ أكبر، لا يوجد طيور مهاجرة، ولا نساء في حاجة أصابع ضائعة، ولا هناك ضجر يصطاد بالعلن، و لا أيادي تحمل سلة أشواق متأججة، ولم أعد أوضب النبيذ في حنجرتي، والسماء من على رأسي. حررني المطر لأن أكتب الآن قصيدة رحيل واحدة، تكون فيها ضلوع الشوق قد ارتبكت، لكن دعني أوقد شمسي، ودع هذه الزهرةُ تنمو في عيني، لأني متعطشٌ لصباح جميل، ومتعطش لصوت دبيب الحبّ في شرياني، وحان الوقت لأن يكتب حشد الضوء بين أصابعي قصيدة يتسلل إليها الفناء بطيئاً ولا يصل، يا صديقي أوشكت أن ابكي، فمرر لي يدكَ برفق، لتطوي هالات السواد تحت عيني، وتعال من عمق الوعي كالنبوءة لنبكي سوية، لننسى وجع خنجراً متحضراً موغلٍ في أرواحنا، فخذني الآن فالفراق لم يعد ساعة، فالفراقُ أصبحَ عمراً. أنا الآن على موعد مع آنسة سبعينِّية في حالةِ بحر، كمرآة للوقت القديم، كعصفورة جريحة تنتظر أحلام فضاءٌ قديم و رسالة سعيدة من رِياح الصقيع، إنها تبكي حمماً في كل مرة يراقبنا فيها نجم طريد. هذا قميص قصّتي منذ وصال امرأتين أضافوا رصيدًا جديدًا لحياة طائر عمري، أضافوا في حياة الارتطام موقف آخر، لكن لا يسعني الصمود أكثر، غابة من السهر هو صدري، وأعود وحيداً كالكوخ، كالأرض، كالموت والحياة. للمزيد من مواضيعي
المصدر: منتديات مدائن البوح
كنقطة ضوء في عتمة كل شيء يرحل
|
مواقع النشر (المفضلة) |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|