قناديـلُ الحكايــــا يعدو الربيــع بعد الربيــع ويكبر البوح.. ( يمنع المنقول ) |
يعدو الربيــع بعد الربيــع ويكبر البوح..
( يمنع المنقول )
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||||||||||
|
||||||||||||
الحلوى
للتو عاد الصبي ( أحمد ) من مدرسته الواقعة على شاطئ البحر الذي لا يحجبه عن دورها الأرضي إلا بعض المستودعات ذات البناء الشعبي والمحاطة بدكة من البلك المُليَّس بالأسمنت
لحمايتها من البحر الذي كثيرا ما يغمرها بمائه المالح ، وهذه المستودعات كانت تعود لعائلة تجارية مرموقة في المدينة . اليوم الخميس ، وهو يعد متنفسا لأغلب الطلاب لأن الدراسة فيه تنتهي بنهاية الحصة الرابعة حسب أنظمة وزارة المعارف آنذاك . داخل شنطة من الطراز القديم وضع أحمد كتبه وحملها بمقبضها العلوي ممتشقا طريق العودة إلى داره ، مبتعدا عن بعض الرفاق الذين يروق لهم إيذاء خلق الله بشرا كانوا أو بهيمة ، فقد تربى في أسرة أرضعته حب الخير واحترام الغير . واصل أحمد سيره وهو يتذكر مشهدا تمثيليا نفذ في ندوة هذا اليوم ، حيث كان المشهد يدور حول الصراع الفلسطيني الإسرائيلي ، وبطولات الفدائيين ضد الصهاينة ردا على ما يلاقونه من عذاب وتنكيل واضطهاد ، يومها كان الزخم الإعلامي متقدا وعلى كل المستويات مناصرة للقضية الفلسطينية ، وكان جاره الصغير ( عمر ) قد تقمص في هذا المشهد دور أحد الضباط اليهود وهو ينكل بأحد سكان الأرض المحتلة ، وقد عصب عينه اليمنى بغطاء مطاطي أسود على شكل دائرة مثبت حول الرأس برباط من نفس المادة وأخذ يقوم ببعض الحركات الهستيرية ويردد :سيِّدي ، سيِّدي ، مما أثار ابتهاج أحمد وجعله يرسم على شفتيه ابتسامة عريضة ويمني نفسه القيام بأداء إحدى الفقرات في الندوة القادمة وكسر حاجز الخوف والحياء والتردد . كانت هذه الندوة تقام يوم الخميس بعد الحصة الرابعة بمعدل نصف شهري وتحتوي على التوجيه والمعلومات المتنوعة والفكاهة والمشاهد التمثيلية في إطار ( النشاط اللاصفي ) ! مضى أحمد وهو يتذكر ذلك ــــ تارة ــــ ويسترق النظر إلى بعض رفاقه أخرى ، وهو يشاهدهم وقد تجمعوا حول ذلك المُسن النحيل الذي تربع أمام طشت معدني دائري الشكل مليء بحلوى البقلاوة المحمرة وبجانبها زجاجتان مملوءتان بالشيرة الحمراء يسمونها عسلا حيث يقوم الرجل العجوز بصب الكثير من هذه الشيرة فوق البقلاوة بعد تقطيعها ؛ ليقوم الصغار بغمس قطع البقلاوة في العسل والتهامها بمشاركة كتائب الذباب مقابل بعض النقود الزهيدة ، وعلى النيات ترزقون فلا يصاب أحد منهم بأذى . يواصل أحمد سيره بمحاذاة الجامع الكبير ويأخذ حذره من أي سيارة قادمة من الشارع الآتي من جهة المضريبة والفاصل بين ساحة وقوف الشاحنات والمحناط قد تباغته فجأة ، بينما تصل إلى أسماعه ضجة السقاة وقد احتدموا في ( بازان ) الماء الواقع بين مبنى الجمارك ومدخل الميناء وقد اختلطت أصواتهم مع نهيق دوابهم وفاحت رائحة فضلاتها المختلطة بالماء المنساب من فتحات الصفائح القديمة ( التنك ) أو براميل العربات التي تجرها الحمير على تلك الأرض الموحلة حتى كادت أن تلامس أنفه الصغير . استحضر أحمد أحلامه وهو يكاد يقطع المسافة بين زاوية الجامع ومبني البريد القديم ويتمني أن يصل إلى منزل ذويه في حارة الساحل ويرمي شنطته وعناء أسبوع دراسي ، وآثار ضرب بعض المعلمين الجلادين على أقرب قعادة ، ويخرج بسرعة إلى أقرانه ؛ ليستمتع معهم بإجازة نهاية الأسبوع ، لكن القدر كان أسرع حين باغتته سيارة مسرعة قادمة من جهة الشرق ؛ لتنهي أحلامه الصغيرة ، وأمنيته في أن يتناول شيئا من حلوى البقلاوة في بداية الأسبوع المقبل . *** حصري للمزيد من مواضيعي
المصدر: منتديات مدائن البوح
علمتني الحياة أن أبني جسرا من الأمل فوق أي بحر من الأحزان
|
07-07-2022, 05:35 PM | #2 |
|
رد: الحلوى
.
. يعني أعتبرك ساردا سارقا منا الابتسامة ونحن نقرأ بكامل متعتنا في التفاصيل السردية الدقيقة .. لحين أن تباغتنا بالنهاية ... سامحك الله ... النهاية مؤلمة ... ما تقدر تغيرها ... وهذا يثبت لي مرارا أنك للقصص خير من يكتب ونمنعن في حبره المنسكب الله عليك ما أجملك ! الوشم والتقييم والنشر مع منح المكافأة |
.
. يا بلسماً في الحب لك الروح ساخية دم سالماً يا قرّة قلبي بصحة وعافية #أبي |
07-07-2022, 07:47 PM | #3 |
|
رد: الحلوى
أكلت حلوى من يمناك يالغيث
قصة جميلة راقي دومًا شكرًا لروحك الجميلة هنا |
هَاتِ القَوَافِيْ ، فَهٰذِيْ المَرْأَةُ الأَسْمَىٰ أَزَاحَ رَبِّيْ بِهَا ، عَنْ مُهْجَتِيْ الهَمَّا فِيْهَا مِنَ الحُبِّ مَا لَا شَيْءَ يَحْمِلُهُ وَمِنْ يَدَيْهَا اِجْتَنَيْتُ الأَمْنَ ، وَالحُلْمَ شكرآ أمير الشعراء وسيف المدائن,, |
07-07-2022, 09:48 PM | #4 | |
|
رد: الحلوى
اقتباس:
وشكرا لهذا الإطراء الجميل بعض النصوص القصصية جميلة في محتواها لكن النهاية تأتي بما لا يريد المتلقي شكرا لروعة حضورك ومشاركتك الفعالة بارك الله فيك وأسعدك ولروجك عناوين الجمال |
|
علمتني الحياة أن أبني جسرا من الأمل فوق أي بحر من الأحزان
|
07-07-2022, 09:50 PM | #5 |
|
رد: الحلوى
|
علمتني الحياة أن أبني جسرا من الأمل فوق أي بحر من الأحزان
|
07-11-2022, 03:03 PM | #7 |
|
رد: الحلوى
|
علمتني الحياة أن أبني جسرا من الأمل فوق أي بحر من الأحزان
|
مواقع النشر (المفضلة) |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
المواضيع المتشابهه | ||||
الموضوع | كاتب الموضوع | المنتدى | مشاركات | آخر مشاركة |
مونتاج لنص برزخ الخلود | يَعْرُب ~ | شغب ريشة وفكر منتج | 8 | 06-21-2022 12:23 AM |
برزخ الخلود | يَعْرُب ~ | سحرُ المدائن | 27 | 05-19-2022 02:35 PM |
سر الغائبة (قراءة على نهر الخلود ) | أسماء عبدالله | سحرُ المدائن | 12 | 01-07-2022 08:02 PM |
الخلود بكِ عِشقاً | احمد الحلو | سحرُ المدائن | 16 | 03-30-2021 03:05 PM |
النقد الأدبي بين الجمود والحركة | امـــل المالكـــي | قبس من نور | 9 | 12-28-2020 08:05 PM |