ظِلال وارفة ( المنقولات الأدبية والمواضيع العامة ) |
( المنقولات الأدبية والمواضيع العامة )
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||||||||
|
||||||||||
المُجاملة
قال :
هل سيخلو العالم من المجاملات يوما ما ؟ أم أننا سنظل نعيش مطبلين مجاملين للأبد ؟ أثبت التاريخُ أن الكل يلجأُ لدرء الشر ، عن نفسه وجلب المنافع والخيرات بمجاملته من لديه منفعته وفي قلمه خفضه ، أو رفعه أي كأنه حركات التشكيل نراها رافعة تارة ، وخافضة وناصبة تارة أخرى ، فيا ليتنا لم ننسَ أن الكسرةَ في الممنوع من الصرف لا يفرق إلا الحاذق بينها في حالتي النصب والخفض ، بل ليتنا لم نتناسَ أن الحقَّ سبحانه وتعالى ، هو الرافع الخافض وهاتان الصفتان ، وما شابههما من السنة قراءتهما معا ، كالمعز والمذل. قال مُعقبا : أن التاريخ أثبت ذلك؛ لأتساءل بعدها ما الدوافع ، التي تجعل بعضنا مطبلا مجاملا اجتماعيا أيضا ، أمام شخص لا يملك نفعنا ولا ضرنا أبدا. يعجبني بيت أحمد شوقي الذي قيل أن راقصة تابت فورَ سماعه : خدعوها بقولهم حسناء * والغواني يغرهن الثناء ، نعم غر بعض من يرين أنفسهن مغردات ، أو مثقفات ، أو كاتبات ، أو جميلات تكالب بعضُ الشباب عليهم في مواقع التواصل الاجتماعي ، والمنتديات كما غرَّ بعض الشباب حسن صورهم وجمالهم وتطبيل أصدقائهم ، بما يمتلكونه من مميزات أو سيارات ، أو مقلمة أظافر ؛ فين هذا وذلك اختلط الحابل بالنابل ، وتبدلت المفاهيم ، وماتت القيم وصار الجميع يتغنون متباكين على اللبن المسكوب ((وابكِ المنازل ، بعد الظاعنين دما.. إن لم ترَ الدمع يقضي عنك ما وجبا)). والنتيجة؛ رأينا أنفسنا مظلومين بنفس العين ، التي يرانا الطرف الآخر بها بأننا ظالمين. حتى لا تتوقف عجلة الحياة عند منعطف خير ، وتنتحر الآمال عند مصارع الحقيقة ، التي ندركها متأخرين ، ولم يبقَ في البرواز إلا بلورا مهشما مكسورا., وقبل أن أختم أذكر قصة قرأتها ، أن شخصا سألوه عن صديقه في مسألة زواج فقال : لا أعرفه ، لم أصحبه في سفر ، ولم أجربه في خطر أي أمر يثبت باطنه، ومواقفه . والآن أطرح بين يديكم موضوعي هذا: 1- هل ترى كلامي بعيدا عن الواقع ، أو واقعا أو شيئا مبالغا فيه، واقنعني لماذا؟ 2- من وافقني أو خالفني هاتِ لي قصة تذهب بالنظرة السوداوية ، التي أراها حاليا أو اشرق بها علي بأمل يعيد لي ما فات؟ 3- هل تؤمن أن أعضاء القروب الواحد (في الواتساب ألخ) متحابين متناصحين لا متناطحين رغم أن بعضهم ، ينسفنا نسفا ويذكرنا بما لم يعلق بذاكرتنا من مواقف لأننا لم نقصد به شيئا ؟ 4- هل تؤمن بعبارة الناجحون يبحثون دائما عن الفرص لمساعدة الآخرين ، بينما الفاشلون يسألون ماذا سوف نستفيد نحن من ذلك؟ قلت : في ميدان الأخوة كان من المنطق ، والواجب أن يكون حسن الظن هو المحافظ على أمشاج التلاقي واستمرار التواصل ، وأن يكون استجلاب الملاطفة ، والتحفيز هو وقود العطاء ، واستمطار المحبة والاخاء ، وما نعيش واقعه في عالم التواصل ، وذاك التجانس والتداخل ، والتشابك يحتم علينا : التحري و الدقة و الحرص على مراعاة المنطوق ، والمكتوب ، كي لا يَفرط منا "حرف طائش" غير مقصود ، ليُحَطم ، ويهدم قواعد البنيان ، لتلك الصداقة والتعارف ، لنكون بذلك رهيني الأحزان ، والهموم والغموم ، ما نلمسه هو ذاك الاحساس المرهف المبالغ فيه _ في غالب الأحيان _ ، والذي هو موهن لكل علاقة ، حتى يكاد من ضعفه ووهنه أن يكون ، أوهن من خيط العنكبوت ! بحيث يجعل من الصداقة ، والأخوة قائمة على " جُرفٍ هارٍ" يكاد أن ينقض ، ويسقط على رؤوس المتوادين ! من هنا : لابد أن يكون لذاك الخطر من طوق نجاة ، ومن تسوير ووسائل وقاية ، للحفاظ على مشعل الأخوة ، ومن ذلك تلكم " المجاملة " ، التي تطفي نار الفرقة ، وتُجلي من القلب الشُقة ، ولا أعني بذلك أن نجعل من نخالل، ونوادد يهيم بوجهه في الخطأ ! ونحن نصفق له ونهتف على الأثر! فهناك من الأمور ما نداري بها ، وما نقي أنفسنا بها الشر إذا ما تجاوزنا الأخوة ، والصداقة من ذلك الحد ، ففي الحياة نواجه الكثير من صنوف البشر، الذين يتمايزون في مشاربهم ، وأخلاقهم ، وأحوالهم ، فكان لزاما أن يكون منا لذاك ، ومن ذاك على حذر . تفكرت في فعل النبي _ علية الصلاة والسلام _ الذي جاء في هذا الحديث المروي عنه : عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ, أَنَّ عَائِشَةَ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا- أَخْبَرَتْهُ قَالَتْ : ((اسْتَأْذَنَ رَجُلٌ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -, فَقَالَ: ائْذَنُوا لَهُ بِئْسَ أَخُو الْعَشِيرَةِ أَوْ ابْنُ الْعَشِيرَةِ, فَلَمَّا دَخَلَ : أَلَانَ لَهُ الْكَلَامَ, قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ, قُلْتَ الَّذِي قُلْتَ, ثُمَّ أَلَنْتَ لَهُ الْكَلَامَ, قَالَ : أَيْ عَائِشَةُ: إِنَّ شَرَّ النَّاسِ مَنْ تَرَكَهُ النَّاسُ أَوْ وَدَعَهُ النَّاسُ اتِّقَاءَ فُحْشِهِ)) . إنسان شرير بطاش لا يرحم، فإذا داريته تلطفت معه ، بششت في وجهه من أجل أن تدفع شره, فهذا من المداراة . ولا يعني هذا هو الموافقة ، والمسايرة لظلمه وإعانته عليه . ( ادْفَعْ بِاَلَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ ) . المُدَارِي ( وهو المُجَامِلُ أيضا ) ، فلا يُضمِرُ الشر لأحد ، ولا يسعى في أذية أحد في ظاهر ولا في باطن ، ولكنه قد يظهر المحبة ، والمودة ، والبِشر ، وحسن المعاملة ، ليتألف قلب صاحب الخلق السيء ، أو ليدفع أذاه عنه ، وعن غيره من الناس ، ولكن دون أن يوافقه على باطله ، أو يعاونَه عليه بالقول أو بالفعل . وهو عكس النفاق : إذا أُطلق لفظ النفاق ، فإنه يستوحي معانيَ الشر كلها ، ولم يكن النفاق يوما محمودا ، ولو من وجه ما ، ويعرِّفُه علماء السلوك بأنه إظهار الخير ، للتوصل إلى الشر المضمر . فالمنافق لا يبتغي الخير أبدا ، وإنما يسعى للإضرار بالناس ، وخيانتهم وجلب الشر لهم ، ويتوصل إلى ذلك بإظهار الخير والصلاح ، ويلبَسُ لَبوس الحب والمودة . هناك خيط رفيع بين " النفاق والمجاملة " ، وإن كان ذاك الخيط يحوي بين ضفتيه معانٍ عظيمة تجعل ما بين المصطلحين بوناً سحيقاً ، وما عنيته ما بين هذا ، وذاك لكون البعض من الناس يرى بمنظوره ، ولعل وقوده في ذاك الذي استقر في قلبه، وفكره من معطيات تضافرت ليكون الاستنتاج ، والنتيجة من خلال ذاك ، من هنا : كان لزاما علينا دراسة الوضع قبل الحكم _ أتحدث بشكل عام _ من أجل التفريق بين هذا وذاك . تلكم المجاملة في نظري : هي طب القلوب ومسكنة لما في القلب يمور ، وإن كان في المقابل نُراعي " الكم والكيف " ، وظرفي " الزمان والمكان " ، كي لا يزيد الأمر , ويتجاوز بذلك حده " لينقلب ضده " ! ولا أنكر _ رأي شخصي _ أن يدخل في تلكم " المجاملة " ، هدف ومصلحة آنية ، تخرج عن سياق الصداقة ، والأخوة ، حين تتحول لمشروع دنيوي دني ، وفي أثناء ذلك يخرج الأمر عن معنى المجاملة الحميدة المحمودة ، لتصل وتتصل بأطراف النفاق، الذي من ضمن معناه هو : " إضمار الشر وإطهار الخير من أجل الشر " ! لا أن تكون السريرة صافية ، ومن تلكم المجاملة ، والمداراة استقطاب البعيد ، وارجاعه لحوزة الصراط المستقيم . وما على الواحد منا إلا أن يكون نسيج نفسه ، وأن يكون هو المُحرك ، وهو الباعث لكل خير . وتبقى الناس أجناس ، وخليط يحوي ويحتوي على : الصالح ، والطالح ، والوفي ، والخائن ، والمنافق ، والموادد ، وأن يكون ذاك الذي يسعي لتقريب البعيد ، وزرع الخير ، ووأد الشر وقلع : الشقاق و الجفاء و الهجر . مُهاجر للمزيد من مواضيعي
المصدر: منتديات مدائن البوح
آخر تعديل مُهاجر يوم
11-19-2022 في 09:49 PM.
|
11-20-2022, 06:00 PM | #2 |
|
رد: المُجاملة
.
. أي أمر زاد عن حده قولا أو فعلا بنقلب ضدك .. والمجاملة إن زادت عن ما يستحق .. تصبح الأمور ممجوجة .. وتفقد مصداقيتها .. أخي المهاحر والحديث يطول سلمت ودمت |
.
. يا بلسماً في الحب لك الروح ساخية دم سالماً يا قرّة قلبي بصحة وعافية #أبي |
مواقع النشر (المفضلة) |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|