أصدقــاء كـثر

أصدقــاء كـثر

أصدقــاء كـثر

أتاحت لنا الأيام للتعرف إليهم والتقرب منهم وصار بعضا منهم مكسباً حقيقيّاً

لكن التواصل معهم استفاض في بناء حواجز إسمنتية حين وفّر عليهم بذل طاقتهم في
التعامل

المباشر وعوّدهم أن الحديث من وراء حجاب أسهل وأريح وأكثـــر قــدرة علــى

الاستطالة.

فالاغتراب الزّاحف عزّز العزلة أكثر، و صار الغياب أكثر سهولة وأمانا فــــي التعاطي

مـــــع النّاس. ففي الوقت الذي يستطيع كل شخص أن يخلق عالمه الخاص وحواراته
المميزة مع شخصيته مختلفة تجد أن العلاقات تعاني الأمَرَّينِ كي تجمع شتات أفكارها
وتجتمع على فكر واحد دون مؤثرات يتبعها أعذار. حتى صارت الغربة المريرة أهون
من الاغتراب النفسي ، فالشيء المبالغ في إقحامه بحياتنا صار سبباً لجفاء المشاعر

وقسوة الملامح، وكأننا في ابتعادنا عن المكان نسينا رقيق المشاعر في دواخلنا،

واكتفينا بصورة أو كلمات مطبوعـــة لترفـــع عنّـا عبء التواصل الحميم...

نحتاج لصداقاتنا كالماء والهواء، وأدمنّا هذا الوصال حتى صار حبل النجاة الذي
التفّ علينا فطوقنا. فمنذ أمسكنا بطرفه أغلقنا على أنفسنا بابنا وأرسلنا الكلام

المنسوخ والمشاعر

المعدة سلفا، ثمّ تعذّرنا، ببعدنا، أننا في زمن لا يجد فيه الفرد متسعاً حتى لقضاء
مصالحه الشخصية. وكأنّه بات لا يعنينا السعي إلى المشاركة الإنسانية بقدر ما

يضمن لنــا وصالنا أن يبقينا ضمن إطــار الدهشة

فتجمّدت فينا الملامــــح حين ضــاعت منّا لهفـــة اللــقاء.
من هنا وهناك

للمزيد من مواضيعي