مع شاعر الأطفال سليمان العيسى (1922 – 2013م)

مع شاعر الأطفال سليمان العيسى (1922 – 2013م)

مع شاعر الأطفال سليمان العيسى (1922 – 2013م)

ترجمة الشاعر سليمان العيسى
ولد سليمان العيسى عام 1922 في قرية النعيرية السوريّة في لواء الاسكندرونة الذي سلخته تركيا عن سوريا عام 1939م.
نشأ سليمان العيسى وترعرع في أحضان هذه القرية التي تقع على ضفاف نهر العاصي حيث تمتّع بمناظر الطبيعة الساحرة.
بفضل والده الشيخ "أحمد العيسى" الذي كان محبًّا للعلم عاش سليمان في بيئة ثقافيّة عربيّة داعمة، فحفظ القرآن وهو ابن السابعة،
وشجّعه والده على حفظ الشعر القديم من المعلّقات وغيرها.
تلقى سليمان العيسى تعليمه الابتدائيّ في مدينة أنطاكية، ثمّ انتقل لدمشق، وبعدها تابع دراسته العليا في دار المعلّمين العالية في بغداد
حيث درس اللغة العربيّة، ثمّ عمل بعد التخرّج في التعليم، كما نشط في الحياة السياسيّة في سوريا.
عاش مع زوجته وأولاده في اليمن عدّة سنوات، وفيها نظم قصائد عن اليمن وأهلها، كما أصدر ديوانًا شعريًّا أسماه: "اليمانيّات".
لسليمان العيسى انتاج شعريّ غزير للكبار وللصغار، وقد حاز على جائزة لوتس للشعر من اتحاد كتّاب آسيا وإفريقيا عام 1982م.

لماذا يكتب للصغار؟
بعد عام 1967 اتّجه سليمان العيسى للكتابة للأطفال، فنظم لهم الكثير من القصائد التي جُمعت في كتاب ضخم بعنوان: " ديوان الأطفال"،
وحول ذلك كتب يقول: "منذ عام 1967 واصلت حياتي الشعريّة مع الصغار، عشت معهم، وغنّيت معهم، ورافقتهم في مدارسهم، وفي حفلاتهم...
وطرحت شعاري المعروف: دعوا الطفل يغنّي، بل غنّوا معه أيّها الكبار“.
- وعن سؤال لماذا يكتب للأطفال الصغار أجاب:” لأنّهم فرحُ الحياة، ومجدُها الحقيقيّ، لأنّهم المستقبل. لأنّهم الشّباب الذي سيملأ السّاحة
غدًا أو بعد غد. لأنّهم امتدادي وامتدادُك في هذه الأرض. لأنّهم النباتُ الذي تبحثُ عنه أرضنا العربيّة لتعود إليها دورتُها الدمويّة التي تعطّلت ألف عام،
وعروقها التي جفّت ألف عام...“ (ديوان الأطفال:26)
- ويقول مخاطبّا الصغار:” إنّي أنقل اليكم تجربتي القوميّة... تجربتي الانسانيّة...تجربتي الفنيّة... أنقل اليكم همومي وأحلامي يا أعزائي الصغار... “ (م. ن صفحة 20)

المعادلة الشّعريّة الجميلة
• ذكر سليمان العيسى أنّه:” يكتب الشعر الحقيقيّ“للأطفال وقال عن ذلك:
” أعني الشعر السهل الصعب، القريب البعيد في وقت واحد.
سهلٌ لأنّ الصغار يغنّونه ويحفظونه في الحال. وصعبٌ لأنّ بعض معانيه وصوره تظلُّ غامضة، بعيدة عن مداركهم بعضَ الشيء، وقد تعمّدتُ هذه
السهولةَ والصعوبةَ في شعر الأطفال، وسمّيتُها:
المعادلة الشعريّة الجميلة" (م. ن: 12- 13)
يحتوي هذا الشعر للأطفال- عند سليمان العيسى- على العناصر التالية:
1. اللفظة الرشيقة الموحية.
2. الصورة الشعريّة الجميلة.
3. الفكرة النبيلة الخيّرة.
4. الوزن الموسيقيّ الخفيف الرشيق.

الانتماء في شعرسليمان العيسى
يبرز في شعر سليمان العيسى للأطفال انتماؤه القويّ لوطنه ولمجتمعه وشعبه وأمّته وللإنسانيّة الرحبة، وقد انعكس هذا الانتماء في عدّة دوائر:
• الدائرة القريبة - الأسرة من الوالدين والأخوة والأخوات والأجداد. (قصائد:” ماما“،” بابا“،” أخي“،” مزحة“...)
• دائرة المجتمع – أصحاب المهن، الجيران والآخرون..
• الدائرة الوطنيّة - معالم الوطن بتضاريسه ومناطقه وناسه..
• الدائرة القوميّة – الوطن العربيّ الواسع، التاريخ والتراث، المستقبل والآمال...
• الدائرة الإنسانيّة الرحبة...

نماذج من شعر سليمان العيسى

نشيد مَامَا (ديوان الأطفال:43)
مامَا مامَا يا أنغامَا
تَمْلأ قَلبِي بِندى الحُبِّ
أنتِ نَشيدي عيدُكِ عِيدِي
بَسمةُ أُمِّي سِرُّ وُجُودِي
أنَا عُصْفُورٌ مِلءَ الدّارِ
قُبْلَةُ مامَا ضَوْءُ نَهارِي
أفْتحُ عَيْنِي عِنْدَ الفَجْرِ
فأرَى مامَا تَمْسحُ شَعْرِي
أهوَى مامَا أفدِي مامَا

نشيد بابا (ديوان الأطفال:45)
بابا بابَا يَوْمُكَ طابَا
دُمْتَ ربيعًا دمتَ شَبابَا
لِي ولأجْلِ الْوَطنِ الْغالِي
يَعْملُ بابا دُونَ مَلالِ
بابا يتْعبُ حتَّى نَكْبَرْ
نَبنِي نحْنُ الوطنَ الأكبرْ
وطني الأكْبَرْ وطني العَرَبي
ضاءَ وَحَرَّرْ عَبْرَ الحِقَبِ
بابا صُورَتُكَ الْمَحْبوبَةْ
في قَلْبِي أبدًا مَكتُوبَةْ
بابا بابا يَوْمُكَ طابا

قصيدة وطني (ديوان الأطفال:77)
وطني أشجارٌ وظلالُ
وترابي قمحٌ وغلالُ
أتفيّأُ ظلَّك يا وطني
وأحبُّ ترابَك يا وطني
أرضُ الأجدادْ
وطنُ الأمجادْ
يتسلّحُ بالعلمِ
لا يركعُ للظلمِ
عاش الينبوعُ المنسكبُ
عاشت شمسٌ لا تحتجبُ
عاش العربُ عاش العربُ

المرجع: سليمان العيسى – ديوان الأطفال. دار الفكر، دمشق 1999م

للمزيد من مواضيعي