قناديـلُ الحكايــــا يعدو الربيــع بعد الربيــع ويكبر البوح.. ( يمنع المنقول ) |
يعدو الربيــع بعد الربيــع ويكبر البوح..
( يمنع المنقول )
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||||||||||
|
||||||||||||
قبائل الثلج
كلما مر بجوار ذلك الجبل الأبيض دق قلبه ، الكل في تلك القرى يدركون أن لون هذا الجبل غريب وشاذ عن بقية الجبال المحيطة بهم لكنهم لا يأبهون لذلك ؛ لأنهم هكذا وجدوه من يوم أن خرجوا إلى هذه الدنيا ، وكلما دارت أحاديث هنا أو هناك عن سر هذا الجبل قللوا من شأن هذه القضية وقالوا هكذا وجدناه .
أحيانا يثير بعض الشباب المتعلم جذوة البحث والتفكير والتأمل والتحليل ، وعندما لا يتوصلون إلى نتائج قاطعة ما تلبث أن تنسى الحكاية . وحده ذلك الرجل الكهل يعرف السر ، يعلم ما يخفي هذا الجبل الغريب خلفه ، استقى ذلك من أجداده الحكماء في تلك البلدة ، لكنه كان مترددًا ومحتارًا في الطريقة المثلى التي يوصِّلُ بها هذا الأمر إلى سكان تلك القرى المتناثرة حول قريته ، وهل سيصدقونه ؟ وما سيقولون عنه ؟ ، وفي غمرة من الحيرة قرر أن يخبرهم ويحذرهم من خطر سيأتيهم من خلف هذا الجبل . في ذات يوم أحس الرجل بهزة أرضية خفيفة فخرج إلى الناس يخبرهم بالخطر الداهم الذي يحدق بهم ، والذي سيكون مصدره ذلك الجبل الأبيض ، وأن هذه الهزة ما هي إلا الإشارة الأولى لاقتراب ذلك الخطر . البعض صدق كلامه ، وآخرون كذبوه واتهموه بالخرف ، والبعض الآخر قالوا إنه مجنون ، وغيرهم اشترطوا عليه أن يشرح لهم الأمر بالتفصيل ، وناس طأطؤوا رؤوسهم وهموا بالانصراف ، فقال لهم : اسمعوا سأشرح لكم كل شيء . إن خلف هذا الجبل أقوامٌ وقبائل من الثلج لا تعد ولا تحصى ، وسوف تخرج عليكم في يوم لا أعلمه ، تهلك الحرث والنسل ، وتأكل الأخضر واليابس ، وإن لم تحتاطوا للأمر فستهلكون جميعًا ، هذه الهزة الأولى تدعوكم للتفكير والتخطيط في إنشاء الموانع والدروع التي تقيكم من ذلك الخطر القادم ، وأما الهزة الثانية فهي إشارة إلى بدء العمل الجاد ، وأما الهزة الثالثة فهي الأخيرة ، حيث ينشطر الجبل بسببها إلى نصفين يخرج من بينهما هؤلاء الأقوام مندفعين إلى قراكم ومنازلكم . حدث هرج ومرج مما قاله الرجل العجوز ( شمالي ) فالبعض مصدق لما قاله والبعض مكذب والبعض الآخر يبدي استعدادًا لذلك ، وعندما مرت الأيام ولم يحدث شيء من ذلك تناسوا الأمر وانصرفوا إلى حياتهم المعتادة وكأن شيئا لم يكن . في صبيحة أحد الأيام أحس العم ( شمالي ) بالهزة الثانية فانتابه الخوف والقلق من اقتراب الخطر ، فخرج إلى الناس يحذرهم ــــ للمرة الثانية ـــــ وهو يردد في نفسه ( اقترب الوعد الحق ) ، إلا أن معظم الناس في هذه المرة لم يصدقوه وخاصة أنه لم يقع شيء فيما مضى ، ونصحوه بأن يدع عنه هذه الخزعبلات التي ليس لها أساس من الصحة . شرع الرجل العجوز وقليل ممن صدقوا قوله إلى التفكير والتخطيط في عمل شيء يقيهم تداعيات هذا الخطر القادم ، واتفقوا على اختيارهم موقعا مناسبا يبنون عليه منازل متينة ، ويحفرون حولها خندقًا واسعًا يُغطَّى بطبقة من الخرسانة ؛ لكيلا يتسرب منه الماء عند تعبئته ، ثم أشار عليهم شخص آخر بأن يحفروا خندقا آخر من دون الأول يعبأ بجذوع الأشجار اليابسة وأغصانها وتشعل فيها النار ؛ حتى تحفظ درجة حرارة الماء من التجمد فلا يصل إليهم الثلجيون . أخذ العم ( شمالي ) على عاتقه مسألة المتابعة والمراقبة ، وذات صباح أحس بالهزة الأخيرة وما هي إلا لحظات حتى انشطر الجبل إلى نصفين وخرج من بينهما الثلجيون بأعداد هائلة لا تعد ولا تحصى ، كأنهم " من كل حدب ينسلون " واندفعوا نحو تلك القرى كالسيول العارمة ، يهلكون الزرع والضرع ويلتهمون كل شيء يقع في طريقهم ، أمواج متدفقة لا تبقي ولا تذر ، وكانوا كلما ذاب عدد منهم تخلفه أعداد أخرى وهكذا ، حتى أبادوا تلك القرى. ما تبقى منهم اتجهوا للهجوم على المكان الذي يؤوي ( شماليا ) وأصحابه ، وعندما بدؤوا الهجوم عليهم كانوا يتساقطون في ذلك الخندق المملوء بالماء ، حتى هلكوا جميعا . *** الغيث للمزيد من مواضيعي
المصدر: منتديات مدائن البوح
علمتني الحياة أن أبني جسرا من الأمل فوق أي بحر من الأحزان
|
مواقع النشر (المفضلة) |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
المواضيع المتشابهه | ||||
الموضوع | كاتب الموضوع | المنتدى | مشاركات | آخر مشاركة |
مَحطّات الثلج الدافئ.! | شتاء.! | بوح الأرواح | 14 | 02-05-2024 05:31 AM |
الثلج وماء الورد للعناية بالبشرة | المهرة | الصحة والجمال،وغراس الحياة | 7 | 09-04-2021 05:10 PM |