سحرُ المدائن شهدٌ مستفيضٌ من أقداح القلب نثراً وشعراً فصيحًا ( يمنع المنقول ) |
شهدٌ مستفيضٌ من أقداح القلب نثراً وشعراً فصيحًا
( يمنع المنقول )
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
|
#1
|
|||||||||||||
|
|||||||||||||
يوم فقدوا متاعهم ....
يتصور المرء دومًا أنّ رحلته ستستمر وفق الطول الذي رسمه في مخيلته لخريطة حياته، وأنّ مساره الذي جاء ليسلكه مؤبد فيه، وأنه له ولن يتوقف عضو فيه إلا عند نهاية مساره الذي خططه. الحياة أعجوبة، وأحيانًا غادرة بأحلامها الباهتة مهما تجمّلت. أعجوبة بجمالياتها ورواجها داخل الأسواق، والمتاجر. الحياة التي تسلك بنا طريقًا متعرّجًا ثم فجأةً يستوي هذا الطريق بأعيننا لتخضّ صدورنا بين الفجأة والأخرى خيفة طارئة، وفقد جارف، وحزنٌ جبّار، وحنين دائم. الحياة التي تأخذ ولا تعطي، وتبتسم ابتسامةٌ بلا فم، وتبكي بلا أعين ولا دمع، وتصفّر للرياح الآتية من باطنها لتبتلع كل أمطارنا التي قضينا ليالٍ نصلي لأجلها استسقاءات كثيرة.. كيف يمكننا التمسك بها وهي تأخذ أرزاقنا، وترسلها لبطنها الكبير؟ كيف بإمكاننا البقاء فوقها دون حذر، والسماح لأنفسنا بالتماهي معها دون أعمالٍ سريّةٍ خاصةٍ لا تُكشف ولا تُعرف إلا لرب السماء؟ كيف لنا أن نستوعب أنها لن تبتلعنا لترسلنا إلى قيد شبرٍ لا نسمع بعده إلا قرع نعالٍ لحبيبٍ، أو ابنٍ، أو صديقٍ، أو قريب؟. ما أقسانا على مصائرنا، وما أجزعنا عند قصورنا، وما أضعفنا عند خطايانا. نحن كالنحلة التي تتصرف في بستانٍ كبيرٍ من الورود دون استئذان .. حتى لو استأذنت فلن يؤذن لها مهما كان النصيب عسلًا؛ لأن الناس لا تحبّ أن تفقد شيئًا من أملاكها إلا بمقابل؛ ولأنّ النحل يتصرف وفق أسراب مّدببة انتقامية حين يُعتدى عليه فيبقى صاحب بستان الورد-هذا الذي سطت عليه- بعيدًا حتى لا يلسعه غضبها. هكذا أرى الحياة وتحديدًا حين نسمح لأنفسنا بالدخول إلى بساتينها، وأحيانًا بطمعٍ كبيرٍ ولا نتذكر الحواجز، والموانع إلا عند أسوار المقابر، أو أخبار الموتى!. تعطينا منها العسل بيدٍ وتلسعنا بالأخرى!. ولا نكفّ ، أو نستشعر ما قد تؤذينا به بعد أحايين كثيرةٍ من مواقف مكرورة لا نرى فيها إلا تكرار أحلامنا، وأمنياتنا، ومشاعرنا، وسقوطنا كل حين .. نحن بشرٌ لا نستوعب إلا بعدما تُدفن رؤوسنا وينقطع عندنا التنفس تمامًا ، أو تتحول فيه رئتنا إلى بالون لحمي نائم ممدد كقرطاس ثلجٍ ذائب. وكلما تخيلنا هذه الصورة ونحن بلا رئة، ولا أعناق، ولا استنشاق نتأثر ونردد أنّنا سنصلح كل شيء، وسنسعى لإبقاء أرصدتنا آمنةً حتى آخر رمق فينا .. ولكننا نخلق لنا مسارات أكثر اتساعًا .. فيها نصلي وبعدها نعفو ونصفح عن كل الذين آذونا، ثم حين نختلي بالشيطان نسبّهم ونلعن وجودهم ، ونفكر كيف نعيد لهم كيل الإيذاء من جديد! -هكذا فعلًا- إنها ممارسة إنسانية وحشية تكفل بها شيطان ناريّ بائس .. نحن من فتح له الباب، وأغلق لأجله على صدورنا بملء ما فيها من بياض ، وبراءة ، ونوايا حسنة لنبقيه أمير رحلتنا وحياتنا حتى استيقاظ آخر نطرده بعده أو نجدد عقد بقائه فينا. عزازيل: فيل أنه اسم إبليس الأكبر قبل طرده من السماء.. وعلينا ألا نملك حياله غير أن نُصدر له أوامرنا بالانصراف عن حياتنا الجميلة بدونه كل يوم، نطرده كلما استيقظنا؛ لنحيا يومًا هانئًا، وإلا فلن نصل لمنتصف يومنا إلا وقد انسحبت من أرصدتنا ما ظللنا نغالبه في جمعها، ونستغفله في ملء حصالاتنا بعيدًا عنه، وبضغط كبيرٍ من طهارتنا، وقداستنا التي تجيء سريعًا وتمضي أسرع. الحياة أفضل بكثير كلما جعلناها حياة ، وكلما أعطيناها لغيرنا -مالم يكن مستحقًا لها- فستكون أثقل، أوجع، أألم، أكثر مصيرًا، أسوأ في مفاجآتها لنا، ومباغتتنا بكل ما نستاء، أو نتوجع ، أو نفقد معه متاعنا كما فقد إخوة يوسف ذلك المتاع الذي أعادهم إلى ما فقدوه أولًا ليعوضهم عمّا عاشوه من جوعٍ وفاقةٍ وتيهٍ وعناء. وإن لم يكن حظّنا من حياتنا هذا التعويض أو شبيهه أو جزء من مثله فلا قيمة لباقي الأمتعة، ولا حاجة لنا إليها... أخيرًا: استعدوا معي لهذه العبارة التي سيتلوها الناس عنّا عندما يوارونا الثرى -إن كنّا- قد أسهمنا في ترسيخها لديهم بسوء أخلاقنا وتصرفاتنا: مسكين هذا الميّت لقد فقد متاعه في عز حاجته إليه ... للمزيد من مواضيعي
المصدر: منتديات مدائن البوح
إلهي منحتني نعمة الكلام ، إلهي فاجعل آخره الشهادة... |
01-14-2022, 08:02 AM | #2 |
|
رد: يوم فقدوا متاعهم ....
الله الله
للختم والتنبيه ومكافأة المنتدى ولي عودة تليق بك ياصديقي |
|
01-15-2022, 07:12 AM | #3 |
وه
|
رد: يوم فقدوا متاعهم ....
|
إلهي منحتني نعمة الكلام ، إلهي فاجعل آخره الشهادة... |
01-15-2022, 04:24 PM | #4 |
|
رد: يوم فقدوا متاعهم ....
لعلك قد رسمت لنا هنا فلسفة الحياة
التي يغفل عنها الكثير ولن أقول هذا قدرنا فيها لأن الله منحنا العقول التي نميز بها صحيح أن الإنسان خلق لعبادة الله ثم عمارة الأرض لكن يصاحب تلك العمارة الكثير من الأمنيات والتطلعات والآمال وبفطرتنا يجب ان نساير الحياة دون أن نغفل الهدف الأساسي لوجودنا أصلا حتى وإن منحتنا الحياة كل زهراتها وليس زهرتها فقط فخلفنا امتحان عصيب الأسئلة شكرا أخي جابر لهذا النص الخاطري الجميل وسلم البيان والبنان ودي وتقديري |
علمتني الحياة أن أبني جسرا من الأمل فوق أي بحر من الأحزان
|
01-19-2022, 01:58 AM | #5 | |
وه
|
رد: يوم فقدوا متاعهم ....
اقتباس:
الغيث: نعيش طويلًا خلف لثامٍ ثقيلٍ اسمه الحياة ، وحين ننجح في نزع هذا اللثام عند موقف هام، وكبيرٍ وتحديدٍ في وقتٍ مبكرٍ نكون قد فرحنا لسببين: أننا استطعنا تجاوز العُمر بحكمةٍ مصيرية، وثانيها أننا استوعبنا مقدار وأهمية تواجدنا بين زمنين: زمن خلف اللثام وزمن خارجه. الإطار الحقيقي لنا هو التمسك بأهم ما يجعلنا حاملين للمصباح المضيء في جميع مسارب حياتنا. إن استطعنا الإمساك بهذا الضوء الصعب فنحن في مسارنا الصحيح حتى ولو أظلمت علينا قليلًا. سعيد بهذه الإطلالة وهذه الكلمات الحانية والحامية. مودتي جابر |
|
إلهي منحتني نعمة الكلام ، إلهي فاجعل آخره الشهادة... |
01-14-2022, 08:31 AM | #6 |
|
رد: يوم فقدوا متاعهم ....
عندما نموت نفقد حتى أسماؤنا ونُلقب ب "الجثة" ,
تأمُلات بعيدة المدى قصيرة الحضور, رائع ممتع حبينا الغالي , |
|
01-18-2022, 09:14 PM | #7 | |
وه
|
رد: يوم فقدوا متاعهم ....
اقتباس:
صديقي الفيصل: تذهب أجسادنا لتأخذ دورها من الأرض، وتعود لوطنها الأصيل. أما الأرواح هي التي تهجس فينا، تمارس حنينا وتسكنه بأكمله.
تكتب لنا قصصًا طويلةً للأبد. سعيد بهذه القراءة مودتي جابر |
|
إلهي منحتني نعمة الكلام ، إلهي فاجعل آخره الشهادة... |
01-14-2022, 11:24 AM | #8 |
|
رد: يوم فقدوا متاعهم ....
)
نشاء أمر بل أمور والله يفعل مايشاء .. لاخطط ناجحه دائماً ولا رسمه مكتمله .. لابد من ثغرة تأتي من يمين أويسار .. ويبقى الرضا / الحل الوحيد.. : كلاس أدبي شرفني حضوره لك كل الود والتقدير / استاذي .. |
|
01-18-2022, 09:19 PM | #9 | |
وه
|
رد: يوم فقدوا متاعهم ....
اقتباس:
أسيف: حين ننهض من جوع كبير في بطوننا ولا نجد غير النخيل، أو العروج فمهما كان فيها من شوك سنهزّ بجذوع العروج حتى يتساقط ثمرها. هكذا تمامًا حين يحدث لنا انقلاب في حياتنا فإننا سنهز ذاكرتنا، مواقفنا، مشاعرنا، آلامنا، أوجاعنا، أحاسيسنا ... كل شيء يا أسيف؛ لنتوقف عند أمرٍ واحدٍ كنّا بحاجة الوقوف عليه أفضل من الهروب منه.
تتقاطع مشاعر الجوع مع الاستفاقة تمامًا؛ فكلاهما مجاعة كبرى لبناء روح إو إشباع أخرى. سعيد جدًا بهذا البهاء والرؤى من وعيك الكريم. مودتي جابر |
|
إلهي منحتني نعمة الكلام ، إلهي فاجعل آخره الشهادة... |
01-14-2022, 12:46 PM | #10 |
|
رد: يوم فقدوا متاعهم ....
لابد أن نطلب ود الحياة، لنتماشى معها وتهدينا شيئاً مختلفاً عن المعتاد،
ولابد أن نصنع أثراً دون التفكير بأن الحياة ستنتهي ويبقى هذا النقش بعدنا يشير إلينا.. أن نحقق أحلاماً تكفينا لعمرين، لحياتين ولوقت آخر، فكرة الموت تبقينا بين خيارين لاثالث لهما..تزملنا بالقلق والجزع واتخاذ سبيل واحد قبل اللجوء لمحطة انتظار شيء نجهل أوانه.. "إلا من أتى الله بقلب سليم" سنقابل الله بقلوبنا، فلنعتنِ بها أولا وأخيرا.. .. في كل مرة ياجابر الحبيب تبهرنا سطورك وكأنها أول مرة لا جف لك مداد أيها العذب |
|
مواقع النشر (المفضلة) |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|