قبس من نور ( إبحار رأي، ومقال تسكبه حروفكم ) ( يمنع المنقول ) |
( إبحار رأي، ومقال تسكبه حروفكم )
( يمنع المنقول )
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||||||||||
|
||||||||||||
ماما خلاص فيه بعاع
قلتُ في مقال سابق بأنني دائما ضد مبدأ وجود الخادمة في المنزل ، بصرف النظر عن الاحتياج لها من عدمه ، ورغم أن ظروف أسرتي تحتاج لتلك الخادمة ، فالزوجة تعمل والبنات دائما في دوام مدارسهن إلا أنني أتشاءم من وجودها ولا أدري لماذا ، وكم من جدل واسع يقع بيني وبينهن على مسألة وجودها في المنزل ، ليس بخلا والله ولكن لما يسببانه من مشاكل متنوعة داخل الأسر أقربها السحر ، فالسحر لديهن مبدأ وثقافة غير محرمة ، فإن أرادت أن ترتاح ويحبها الجميع في المنزل استخدمت السحر ، وإن أرادت أن تسطير على الأسرة استخدمته أيضا ، وغير ذلك فحدث ولا حرج .
سافرت خادمتنا الأندونيسية لانتهاء فترتها ورغبتها بعد أن جددنا لها مرتين ، والمشكلة أن أسرتي قد تعودت عليها بعد أن أخذت الخبرة الكافية وتعلمت كل شيء خلال الست سنوات التي عملت لدينا ، ورغم إخلاصها في العمل وطيبة نفسها وأخلاقها إلا أننا وجدنا في شنطتها قبل السفر بعض الصور ، وأجزاء صغيرة من بعض الملابس اقتصتها ، وشيء من الشَّعر، ولم ندعها تسافر إلا بعد تفتيش كل حاجاتها . بعد أسبوع وصلت خادمتنا السيرلانكية الجديدة ، واكتشفتُ أنها لسه ( لانج ) في قراطيسها ، يعني صم بكم لايفهمون ، فلا تعرف من العربي إلا اسمه فقط ، وتستخدم الهز بالرأس والإشارة باليدين أثناء التخاطب ، وهنا دخلتْ زوجتي في جهاد ومعارك معها لكي تعلمها النزر اليسير من المفردات والأسماء الخاصة بالمطبخ .. بالتنظيف .. أجزاء البيت .. أنواع الأطعمة .. وخلافه ، حتى أطلقتُ على تلك المعارك ( داحس والغبراء ) ، وكلما أتتني زوجتي تصرخ وتشتكي قلت لها : ( الله يعينك على طحينك ) . بصراحة كان دوري أنا يتمحور في المراقبة فقط ، حتى إن رأيتُ الخطر منها نبهتُ الجميع وتصرفنا سريعا ، من خلال مراقبتي لها أخبرتُ ست الحُسن والدلال ( المدام ) أنني لاحظت على الخادمة تصرفات تثير الشك والدهشة فقالت لي : أنت مكبِّر الموضوع ، ذات ليلة بعد الثالثة فجرا صحوت وذهبت إلى دورة المياه وكأني سمعتُ هسهسات وحركة خفيفة داخل المطبخ ، ذهبت لاكتشاف الأمر فوجدت الخادمة قد أشعلت عينا من الغاز وحلقت براحتيها حول اللهب وتتمتم ببعض الكلام غير المفهوم وتعمل طقوس غريبة ، في الصباح قلت للمدام : خادمتنا من عبدة النار ، وعلينا تسفيرها فورا ، قالت: لا عليك منها دعها ودينها وطقوسها المهم تخدمنا في البيت . بعد شهرين جاءتها على صندوق بريدي رسالة من ذويها ، أجبرتها على فتح الرسالة أمامي وفتشتُ المظروف لقيت بداخله ورقة تحتوي على رسمة رأس إنسان مع جزء من الصدر ، كان شعر الرأس منكوشا ومتدليا على الصدر وفي الوجه أشواك مغروزة ، وتحت الرسمة كُتبت عبارات لا أدري بأي لغة ومدموج معها بعض الرموز الهندسية الغريبة ، سألتها عن ذلك فلم ترد لا بكلام ولا بإشارة ، أخذت الرسمة وأطلعت المدام عليها فقالت لي : هات الرسمة وأنا بأتصرف معها . بصراحة زوجتي كثيرا ما تطنش كلامي ولا تكترث به ، بل وتضرب به عرض الحائط حتى وقعت القضية الكبرى المضحكة المبكية في آن واحد . ذات يوم كانت المدام قد أخذت إجازة اضطرارية ليوم واحد لترتاح من عناء العمل ، أما أنا فقد استغليت ذلك وطلبتُ منها ــــــ من الليل ــــــ أن تعد لنا وجبة غداء معتبرة بمناسبة إجازتها ، في الصباح ودعت المدام وتركتها تنام حتى التاسعة وأخذت البنات إلى مدارسهن وذهبت إلى مدرستي ، وعادة ما تنتهي الحصة الرابعة في المدارس عند الساعة العاشرة والربع ، وكانت لدي بعدها حصة فراغ ، دخلت غرفة المعلمين وأخذت التلفون ( قبل وجود الجوال ) واتصلت على البيت لأتأكد أن المدام قد استيقظت .. الاتصال الأول لم يرد أحد .. والثاني كذلك ، الثالث ردت الخادمة : ــــــ ألو زيتا وين ماما .. وليه ما ترد ؟ ـــــ بابا .. ماما خلاص فيه بعاع . ــــــ ايش تقولين !! ورميت السماعة على المكتب والدنيا كلها تدور بي ، ولن أستطيع أن أصف لكم حالتي في تلك اللحظة ، تجمع علي الزملاء يسألون ايش فيك وايش حصل وخير يا رب ، قلت لهم : هسسسسس المدام انقلبت خرووووف ، وأظن إن الخادمة سحرتها وحولتها إلى كبش . رميت غترتي وعقالي وشمرت ثوبي وهات يا جري من ثالث دور إلى السيارة ، ولا أدري كيف قطعت تلك السلالم ولا تلك الشوارع ، وربما قطعتُ إشارة المرور دون أن أعلم . حين وصلت المنزل دفعتُ الباب بكل قوتي ودخلت إلى الصالة بسرعة البرق وإذا بالمدام قد جلست على كرسي أمام طاولة المطبخ وشرعت تقطع اللحمة للغذاء ، أخذتها بالأحضان وأنا أتحسس كل جزء فيها وأقول : الحمد لله ما زلتِ أنتِ أنتِ ، قالت : ايش ، فلت : يعني أكيد يا بعلتي أنت أنتِ ، والحرمة تطالع فيَّ وهي في كامل دهشتها وتعجبها وتقول : خير .. مالك .. ايش فيك .. حصل لك شيء .. انجنيت .. تارس شيء .. وتحس على جبهتي تحسبها سخونة أثرت علي! ، قلت لها : اسكتي اسكتي .. مش انتِ انقلبت خروف . عدتّ إلى عملي وأنا أضحك مع نفسي وسلامتكم *** للمزيد من مواضيعي
المصدر: منتديات مدائن البوح
علمتني الحياة أن أبني جسرا من الأمل فوق أي بحر من الأحزان
|
08-01-2022, 09:07 PM | #2 |
|
رد: ماما خلاص فيه بعاع
.
. ضرر وجود الخادمات أمر خطير . حتى وصلت الأمور بهن للتدخل بالأمور الخاصة في شؤون البيت وأي تمادي في تصرفاتهن اللوم الكبير يقع على عاتق سيدة البيت وزوجها شكرا للعظة .. والتعلم من تجارب الآخرين .. التقدير الكبير الوشم والتقييم ومكافأة النص |
.
. يا بلسماً في الحب لك الروح ساخية دم سالماً يا قرّة قلبي بصحة وعافية #أبي |
08-02-2022, 03:56 PM | #4 |
|
رد: ماما خلاص فيه بعاع
لم أفهم معنى "بعاع" وصحيح برغم أني لم أعيش أبدًا بدونها، أنا معك وجودها في المنزل غير مريح ونلاحظ كيف تكون بركة البيت بدونها نفسيًا ومن ناحية المصروف أيضًا ولكن "شر لابد منه" وجودها ضرورة قصوى :d والحمدلله الحال الآن تغير عن السابق، بإمكانك وضع كاميرات في البيت في حال الخروج أو السفر تقديري |
|
08-02-2022, 04:20 PM | #5 |
ابنةُ الأدبِ
|
رد: ماما خلاص فيه بعاع
الله مقالٌ ظريفٌ خفيفُ الدمِ
أسلوبُ سردِّك فيه من نوعٍ آخرٍ تقدّمُ المعلومةَ بقالبٍ خفيفٍ فكاهيٍّ لا تملُّ منه عينُ قارئٍ أبدًا اخي الأديب الـغيـث لازلْت تمتُّعُنا بجوٍ فكري فكاهي في آنٍ واحد بأسلوبِ السهلِ الممتنعِ دمتم وبراعةَ الفكرِ |
|
08-03-2022, 10:33 AM | #6 | |
|
رد: ماما خلاص فيه بعاع
اقتباس:
فعلا ضررهن أكثر من نفعهن ومن جرب ليس كمن سمع ويا ما بيوت انهدت بسببهن وياما نساء قد سحرن منهن ولم يجدن علاجا إلى يومنا هذا كفنا الله شرهن شكرا بشرانا لهذا الحضور الرائع والتفاعل الأروع بارك الله فيك وأسعدك في الدارين كل الود والتحايا لروحك الجميلة |
|
علمتني الحياة أن أبني جسرا من الأمل فوق أي بحر من الأحزان
|
08-03-2022, 10:36 AM | #7 |
|
رد: ماما خلاص فيه بعاع
|
علمتني الحياة أن أبني جسرا من الأمل فوق أي بحر من الأحزان
|
08-03-2022, 10:41 AM | #8 | |
|
رد: ماما خلاص فيه بعاع
اقتباس:
معنى بعاع هو صوت الخروف بعاااع ههههه والخادمات مثل الأطفال حين لا يعرفون نطق الكلمة يعبرون عنها بالصوت أو الإشارة أما الخادمة فهي ضرورة لست البيت خاصة وإن كانت عاملة برغم كل المحاذير من وجودها وكما قلتِ اليوم هناك الكثير من الوسائل تستطيع أن تراقب البيت بها شكرا لحضورك الجميل وتفاعلك الأجمل بارك الله فيك وأسعدك ولروحك الفرح |
|
علمتني الحياة أن أبني جسرا من الأمل فوق أي بحر من الأحزان
|
08-03-2022, 10:44 AM | #9 | |
|
رد: ماما خلاص فيه بعاع
اقتباس:
وهذه الإطلالة الجميلة التي أنارت جوانب المقال الطرافة في المقال من عوامل نجاحه ومن من الأدوات التي تشد انتباه المتلقي سعدت بك يا ابنة الأدب فأسعدك الرحمن وبارك خطاك لك كل الود والتقدير وشكري وامتناني ولروحك الصباحات المشرقة |
|
علمتني الحياة أن أبني جسرا من الأمل فوق أي بحر من الأحزان
|
مواقع النشر (المفضلة) |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
المواضيع المتشابهه | ||||
الموضوع | كاتب الموضوع | المنتدى | مشاركات | آخر مشاركة |
السلطان حاتم بن حماس بن القبيب بن الغز اليامي | العجمــي | ظِلال وارفة | 2 | 07-19-2022 11:31 PM |
كأنهُ يرى مالا نراه | حسام الدين ريشو | سحرُ المدائن | 11 | 10-28-2021 05:51 PM |
خَطيئةٌ وتعويذةُ خلاص | زائرُ الفَجر | سحرُ المدائن | 26 | 08-16-2021 12:29 PM |