الموضوع: حديث الروح
عرض مشاركة واحدة
قديم 05-27-2021, 07:37 PM   #104
مُجَرَّدْ إنْسَانْ


الصورة الرمزية محمد حجر
محمد حجر غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 222
 تاريخ التسجيل :  Nov 2020
 أخر زيارة : 07-20-2023 (06:48 PM)
 المشاركات : 45,222 [ + ]
 التقييم :  174545
 الدولهـ
Palestine
 الجنس ~
Male
 SMS ~
لايهم العالم إن كنت تبكي أو تبتسم
ابتسم أفضل لك
لوني المفضل : Lightslategray


افتراضي رد: حديث الروح







فتى القرية 10






يقولون إن الأشياء الثمينة لدينا تكتسب مكانتها
من حجم اهتمامنا وعدم المساس بقدسيتها أو العبث بها
لذلك لا تعبثوا بالقلوب
لا تهذي حتى باسم زوجتك وحبيبتك أمام الجميع
لقلوبهن قدسية لا مساس بها وحرمة تفوق كل الحرمات
وما كانت القاتلة لقيس إلا أنه أذاع الخبر
وجعل من ليلى أحاديث في كل سامر وفي كل سوق يحدث في بلاد العرب
وبقدر حديثه الطويل كانت المعاناة أطول وأعمق
لا تتشكل اللآلئ إلا بقدر تكوُّم وتكلُّس وإغلاق المحارة على نفسها
وكلما كان الانغلاق أطول كانت اللؤلؤة تكبر
لا حب بلا بوح ولا بوح بلا مستمع
ولا علاقة لها بداية بدون تصريح
أحسنوا الإنصات يا سادة
*****
بعد وقت غير يسير من جلوسنا بالقطار المتجه للقاهرة في صبيحة يوم بارد
من أيام المحروسة (مصر)
نظرت لتلك الجالسة إلى جواري نظرة تفحص طويل
فقالت بابتسام عن ماذا تبحث يا هذا؟
قلت عن الذيل
فقالت وبينما شباكك مفقودة لن تجدها إلا عند البحر يا عزيزي
قلت حسناً يبدو أن بالبحر سِرٌّ لا يقبل التأويل
قالت من هنا نبدأ
قلت وهل يفتح الباب أم يكسر
قالت بل مكسور منذ أن كانت تشتري الحلوى من ذلك الدكان الملاصق
لبيت الصياد الغافل
قلت أما وإن البحر عميق
قالت لا تخف فما كانت الحورية إلا لإنقاذك حين الغرق
وتلك رواية أخرى لو تعلمون
وسط ذلك المجتمع الصغير (القطار) حكايات وحكايات
وبينما تلك التي لا تنفك عن محاورتي ومناورتي
بصوتها الدافئ وبقلبها النابض والمشع بطيبة وإخلاص
لم أجرب مثله لدرجة تصل مبلغ السذاجة
تلك التي أكرهها حين تعلق ببشر
لا أحب أن يتحلى أحدهم بتلك الصفة
لأنهم ببساطة سيدينونك لامحالة وسيغرقونك بسخائهم العمر كله
لشيء يتعلق بي فقط
ذلك بأنني لا أحب ولا أفضل أن أكون مدين لشخص ما أو لجماعة
وسيكون بمثابة قيد ولا أحب القيود
أو كما عهد ولم أحنث بوعد في حياتي
لذلك أهرب من مثل تلك المواقف
ولأول مرة أرى كلمة تلمع بعيون سيدة
وبالرغم من رعشة عميقة تتملك تلك الشفاه
إلا أنها تملكت قواها وقالت بوضوح
تمنيت لو تملَّكتك يوماً ما يا هذا
قلت تمهلي سيدتي ربما هناك اتجاه خاطئ لتلك الرياح الهيجا
قالت حتى وإن كانت لا أهتم ولا أعبأ
يكفيني أن تعلم وحسبي أنني بجوارك
نقطع تلك الرحلة شبه الأسبوعية إلى الجامعة
فقلت احتفظي بسرك حتما سنكتبه برواية أخرى يوماً ما
قالت حدثني عن صاحبة الطيف بتلك الصورة بلا ملامح
قلت أو تستمعي لو تحدثت
قالت مجرد حديثك فقط يرسم ذلك الأمل
الذي لطالما طاردته منذ عقدي الأول أيها الغافل
ولست أدري عن تلك الكلمة (الغافل) تكررت وكثيراً
قالتها سيدة الهاتف وتلك السيدة من باريس
حتى سيدة الميترو كررتها كثيراً في مرحلة تالية من حياتي
وكأن الزمن يتكرر ولكن الوجوه هي التي تتشكل من جديد
دائماً أحملها على المعنى الظاهر
ولا أبحث فيها بالكثير ولم أحاول أبداً
ولكن حين تتكرر أحس بكم هي ثقيلة
قلتُ ولو لم أكن ذلك الغافل هل كنت سترينني بتلك الحالة؟
أنظري لذلك الشاب الوسيم هناك على الكرسي الجلدي
وتلك الابتسامة التي لا تفارق محياه
ومجموعة الشباب الذين يتبادلون لعبة الورق بسعادة يتندرون فيما بينهم
والتفتي يساراً هناك فتاتين احداهن ترتدي بلوزة بيضاء
وهناك وردة صناعية فوق صدرها البض
مع جيبة كحلي على تطريز ذهبي وحزام عريض
تناسق جميل ومتناغم
والأخرى ترتدي بنطال استريتش من الجينز الضيق باللون الأزرق
وتي شيرت برتقالي عليه مشغولات من القطيفة البنفسجية
في الغالب يسكنان بالجوار من بعضهن
إحداهن تستغل الأخرى ما استطاعت
وانظري لتلك السيدة الشابة في ذلك المقعد الخشبي بالركن البعيد
تطلعي لما هو موجود فوقها
ستجدين هذا السبت المصنوع من عيدان البوص
وضعت فيه بضاعتها من جبن أريش وزبدة فلاحي
وهي ذاهبة لأحد بيوت الأثرياء بالقاهرة كي تبيعه
ثم تعود لتطعم أولادها الصغار
في الغالب ستكون أرملة لزوج راحل
أو ترعى أولادها بصحبة زوجها العاجز عن تدبير نفقات الحياة
وانظري لذلك المجند النائم على الشبكة العلوية للحقائب
ذاهب إلى وحدته ولا يوجد في جيبه ما يكفيه نفقة الطريق
وأسألك سؤال ولا تعتبرينه للتسلي
قالت قل
قلت ما هو اسمك ؟
تبسمت متمتمة وكأنك لا تعرف
قلت بلا ولهذا قلت لا تعتبريه للتسلي
قالت أسماء
قلت هل تعلمين كم بنت وسيدة لها اسم أسماء بتلك العربة من القطار
وكم شخص يحمل اسم محمد
قالت ربما كثير ولكن ما الحكمة لا أعلم عنك
قلت هل كل من هي أسماء مثلك تحمل همومك
ولديها مثل اخوتك وأبويك ولديها حبيب غافل مثلي
تذهب لنفس صفك بالجامعة وترتدي ملابسك
وتأكل مثلما تأكلين وتدين بنفس دينك
وهل تستطيع الجلوس في ذات المكان الذي أنت فيه بذات الوقت؟
قالت مستحيل يا عم أرسطو
قلت هكذا أنا بتقديرك كنت هذا الغافل
لا أرى كما أنت ولا أسمع كما يسمعون
الحياة من زاوية أخرى أكثر صخب
وأكثر قدرة على التعايش والتماشي مع مُدرك قد لا نستوعبه يوماً ما
قالت الفتاة برقة استعد
قلت لماذا ؟
قالت للخروج من القطار يا عزيزي
تناول حقيبتك وكن حريص على قوارير وأنابيب المختبر خاصتك
حتى لا تجرح نفسك كما بالشهر الماضي
شكرتها على تلطفها وقلت هيا
لنغوص في زحام القاهرة المدقع
ولنا لقاء في مثل يومنا هذا بالأسبوع القادم
قالت لا بل قبله بأيام
سأنتظرك لأمر هام عند باب المدينة الجامعية الثلاثاء القادم بعد الظهيرة
وكن في قمة تأنقك يا هذا
فلن أرحمك ولن تهرب مني من جديد
قلت أفعل إن شاء الله
انتبهي لحالك حتى نلتقي
يتبع


 
 توقيع : محمد حجر

تبَّت يدايَ إن خططتُ مثله لكم
في جِيدِ حرفٍ لم يُطلِق بارودَهُ بذي وطنٍ مختلف
وأنا و ذو العرش على خلافٍ مستمر
لا أجلس فيه وصحبةً من حولي ينظرون
فلا تقربوه ببهتان مبين





رد مع اقتباس
 
1 1 1 2 2 2 3 3 3 5 5 5 6 6 6 7 7 7 8 8 8 10 10 10 11 11 11 12 12 12 13 13 13 15 15 15 16 16 16 17 17 17 28 28 28 30 30 30 31 31 31 32 32 32 37 37 37 38 38 38 39 39 39 41 41 41 44 44 44 45 45 45 46 46 46 47 47 47