الموضوع: منفى الحالمين
عرض مشاركة واحدة
قديم 12-04-2021, 09:15 PM   #359


الصورة الرمزية مريم
مريم غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 504
 تاريخ التسجيل :  Sep 2021
 أخر زيارة : 09-01-2023 (12:33 PM)
 المشاركات : 22,946 [ + ]
 التقييم :  121278
لوني المفضل : Cadetblue


افتراضي رد: منفى الحالمين



سرقة ذاكرة...

عندما تصنع علاقة حسية مع الجمادات التي تحيط بك.(غرفة.. طاولة.. كأس.. كتاب.. شال.. نافذة.. أصيص ريحان ).. فإنها تحتل حيزاً من قلبك يجعلكَ تحزن عند فقدانها وكأنك فقدت عزيزاً.
لقد فقدتُ عزيزاً منذ شهرين هو الجوال.." الموبايل"..
سُرق جوالي من أمام باب المنزل.. أملكه منذ ثلاث سنوات أصحو معه ويغفو بجانبي.. نعم نحن جيل التكنولوجيا كما يقولها الجيل الذي يسبقنا بسخرية.. وأعتقد أنهم أكثر من وجدوا بها منفساً للتعبير عن كبتهم وعقدهم وحتى مواهبهم.
كانت علاقتي بجوالي فعلاً علاقة حسية.. كان ينكزني دائماً عندما نمر بمكان جميل.. أو ترتسم أمامة لقطة جميلة لعجوز أو عصفور أو وردة أو ربما قطة صغيرة، فناجين القهوة والشاي أكثر ما أحبّ أن ألتقط له الصور.. كان مثلي يُحبُّ أن يملأ ذاكرتَهُ بالصور الجميلة.. كان حاضراً دائماً في لحظة أريد أن أُوثقها.. ذات مرة كنتُ أبكي، أُمسك طرف إصبعتي ووضعتُها على زر التقاط الصورة.. وأخبرني أني جميلة جداً حين أبكي والتقط لي صورة ووضعها في ذاكرته الممتلئة بكل الأشياء التي صادقتُها وصادقتني.. نبكي.. نضحك.. نرقص.. نقرأ.. نكتب.. كان يقفز من حقيبتي دائماً، عندما نمرُّ ب مرآة في مكان ما.. ويوشوشني بأنه مَنْ أحق مني في التقاط صور المرآة، كان ذكي جداً يكشف نرجسيتي ويغذيها

كان الجوال الذي رافقني في الجامعة أربع سنوات.. كان شاهداً على كل فرحي وانكساراتي.. على الحب والفراق.. كان يجلس صامتاً وينصت..
في الفترة الأخيرة أضقتُ عليه الخناق جداً.. كنتُ أحبسهُ في الحقيبة، ولا يشم الهواء إلا عندما يُغريني منظر جميل لالتقاطه، في بلدي حذرونا من سرقة الجوالات، شعب مسروق، يبحثُ عن سرقة ليعيش.. لكني لم أنجح في حمايتهِ!
سُرق مني.. سُرقت ذاكرة تحوي آلاف الصور.. صور تحتضن آلاف اللحظات.
كيف يسرق الناس جزءاً من ذاكرة شخص ما بهذه السهولة؟.. هل أصبحنا أشراراً لهذه الدرجة؟.. ألم يحزن السارق على صور أبناء أخي ووالدي المبتسمة عندما فتح الجوال.. أم أنهُ يفكر في أن يبحث عن صورة خاصة ليبتزني بها.. فتتحول السرقة الى جرم آخر..
أظن أنه سيفشل، لأني دائماً أنسى نفسي ولا ألتقط لنفسي، أغرق في الأشياء المحيطة، والوجوه التي أحبها
عندما أبلغ أخي عن السرقة أخبروه أن هناك عشرات السرقات في يوم واحد.. وربما في ساعة واحدة.
في المحكمة رأى وجوه شريرة بائسة، أصوات ذئاب.. وقطط !!
أحلامنا بسيطة.. لا تسرقوا لحظاتنا !!

على الهامش:
كيف للحظاتنا أن تموت
لو أنها مكتوبة على الصفحات !



 
 توقيع : مريم







"قويةٌ كحرب، ناعمةٌ كسلام"




التعديل الأخير تم بواسطة مريم ; 12-04-2021 الساعة 09:52 PM

رد مع اقتباس
 
1 1 1 2 2 2 3 3 3 5 5 5 6 6 6 7 7 7 8 8 8 10 10 10 11 11 11 12 12 12 13 13 13 15 15 15 16 16 16 17 17 17 28 28 28 30 30 30 31 31 31 32 32 32 37 37 37 38 38 38 39 39 39 41 41 41 44 44 44 45 45 45 46 46 46 47 47 47