عرض مشاركة واحدة
قديم 06-08-2021, 10:44 PM   #39


الصورة الرمزية علي المعشي

 عضويتي » 311
 جيت فيذا » Feb 2021
 آخر حضور » 02-05-2024 (08:04 AM)
آبدآعاتي » 49,922
الاعجابات المتلقاة » 1113
 حاليآ في »
إهتماماتي  »
آلقسم آلمفضل  »
آلعمر  »
الحآلة آلآجتمآعية  »
 التقييم » علي المعشي has a reputation beyond repute علي المعشي has a reputation beyond repute علي المعشي has a reputation beyond repute علي المعشي has a reputation beyond repute علي المعشي has a reputation beyond repute علي المعشي has a reputation beyond repute علي المعشي has a reputation beyond repute علي المعشي has a reputation beyond repute علي المعشي has a reputation beyond repute علي المعشي has a reputation beyond repute علي المعشي has a reputation beyond repute
мч ммѕ ~
MMS ~
 آوسِمتي مٌسابقة أسرار ومواعظ من القرآن الكريم  


/ نقاط: 0

رسالة في صندوق البريد  


/ نقاط: 0

صدر  الغمام  


/ نقاط: 0

علي المعشي غير متواجد حالياً

افتراضي رد: الغريب .. 🍃 ( عناقيد متسلسلة )



الغريب ..🍃 ( 8 )

بقلم / علي معشي

لم يكن هول الواقعة يسيراً على أم سعاد المريضة أصلاً ، حتى أصيبت بمضاعفات مرضية خطيرة ، نتيجة الصدمة العصبية التي تعرضت لها ، وفقدت على إثرها القدرة على الحركة والنطق ودخلت فيما يشبه الجلطة الدماغية .
أما سعاد فبقيت تعاني الأمرَّين ، آلام النفاس المبرحة والخوف على الأم المنهارة على سريرها بالجوار .

مضى الليل ثقيلاً يشبه جاثوماً متسلطاً على كل منافذ التنفس ، يخنق الحياة في المنزل الصغير ، حتى اخترقت حاجز الصمت ، صرخات الجنين القادم إلى عالم المجهول والغربة دون أن يعلم مالذي رمى به بين فكي رحىً طاحنة ليس له فيها ذنب من قريب أو بعيد .

تحاملت سعاد على نفسها واستقبلت جنينها الذي تمنت دائماً ، أن تكتحل عيناها برؤيته يوماً ليتربى بين يديها طفلاً ثم شاباً ثم رجلاً تستند عليه بعد الله ، لكنه يأتي من خلف الظلام ليشكل خطراً على حياتها وفضيحة لأسرتها وسمعة تحمل وزرها إلى مالا نهاية .

كان الوقت قبيل الفجر حين لفّته في خرقة التقطتها من حجرة أمها ثم تسللت به وسط هدأة الكون تحت صوت صرار الليل إلى جوار باب المسجد المجاور ، متحاملة على آلامها التي تقطع نياط قلبها حزناً وخوفاً عليه من أن تناله أنياب الكلاب الضالة ومخالبها قبل أن تصل إليه يد رحيمة ، وحزناً وخوفاً على أمها الطريحة دون حراك من هول المصيبة. وآلام النفاس المبرحة التي كانت آخر ما يؤرقها .

عادت سريعاً دون أن يراها أحد ، وذهبت تتحسس جسد أمها الذابل مرضاً وإعياءً ، فإذا به حرارة عالية ونبض ضعيف وصمت ووهن شديد .

أسرعت سعاد نحو مكان ولادتها ونظفت الدماء وأعادت ترتيب المكان ، استعداداً لاستدعاء الاسعاف لعلها تنقذ حياة أمها قبل أن تفقد كل مصادر العطف والرحمة .

نقلت الأم للمشفى ترافقها سعاد التي تخفي داخل جسدها آلاماً لا تطاق أبداً ، لكن ذهولها مما يجري أفقدها التفكير في نفسها ، فهي تسير في دوامة عظيمة بين مصير جنينها المسكين في أكناف الليلة الباردة خالياً وفي مصير والدتها المريضة التي عانت طول حياتها وهاهي تكاد تلفظ ما تبقى من أنفاسها الضعيفة بسبب صدمتها الكبيرة مما رأت ..!
عاد والد سعاد إلى المنزل في مناصف النهار جائعاً تعتصره معدته وعطشاناً يلهث باحثاً عن شربة ماء ، يصرخ في زوايا المنزل ويكيل السباب والشتائم لسعاد وأمها وهو يبحث عنهما متعجباً من غياب أم سعاد التي لا تبارح مضجعها غالباً..!
اتجه إلى المطبخ ولم يجد شيئاً وحينما خرج قابله أحد جيرانه وأخبره أن سيارة الاسعاف كانت أمام بيته في الصباح الباكر ، لم يجب على جاره بشيء وانطلق من فوره إلى المشفى ليتأكد مما يجري بنفسه .
كانت حالة أم سعاد قد ساءت وأدخلت إلى العناية المركزة وتم تركيب أجهزة التنفس الصناعي ، فقلبها الضعيف لم يتحمل الفاجعة .
لم تمض غير ساعات قليلة لفظت أنفاسها الأخيرة وأعتمت الدنيا فوق عتمتها التي خيمت على سعاد منذ اللحظة الأولى التي ساقتها سذاجتها نحو غرام مسموم وعشق موهوم خسرت فيه نفسها وجنينها وأمها .

ساد البكاء والحزن المكان ولم يصمد الرجل الغليظ العتل الذي قدم إلى المستشفى حانقاً على امرأته وابنته لتقصيرهما في ترك وجبة طعامه قبل مغادرة المنزل ، لكنه انفجر باكياً كالطفل الذي استيقظ للتو من غفلته وانشغاله بسفراته ونزواته .
وجاء اخوة سعاد يهرعون ليدركوا نظرة أخيرة على جثمان والدتهم التي تمنت أن يكونوا إلى جوارها في لحظات ضعفها ومرضها لكنهم لم يكونوا في الموعد كالعادة ..!
غادرت أم سعاد الدنيا وفارق سعاد رشدها وأصابها ذهان عقلي خطير استدعى إقامتها قسراً داخل احدى المصحات النفسية..!

أما الجنين فقد وصل إليه مؤذن المسجد في ذلك اليوم الذي ودعته أمه فيه ، ليتفاجأ بطفل وضيء يستجدي في زاوية ضيقة من زوايا الحياة يرضع بعض أصابعه جوعاً ويبكي ألماً، فأشفق لحاله وسكب دمعة حزينة على مآله داعياً لوالديه بالهداية معاتباً لهما في سره .
لم تكن المرة الأولى التي يجد فيها المؤذن طفلاً رضيعاً في لفافته أمام المسجد ، فقد اعتاد أن يستدعي الشرطة في مثل حالته لتبدأ رحلة الطفل الغريب في عالم المجهول وفي دار الأيتام واللقطاء ..!

*******

في الحلقة التالية إن شاء الله

بداية معالم حياة الغريب القادم إلى المجهول..!
وهي بداية الجزء الثاني من رواية الغريب ..!

تابعوني..!!


 توقيع : علي المعشي





رد مع اقتباس
 
1 1 1 2 2 2 3 3 3 5 5 5 6 6 6 7 7 7 8 8 8 10 10 10 11 11 11 12 12 12 13 13 13 15 15 15 16 16 16 17 17 17 28 28 28 30 30 30 31 31 31 32 32 32 37 37 37 38 38 38 39 39 39 41 41 41 44 44 44 45 45 45 46 46 46 47 47 47