عرض مشاركة واحدة
قديم 10-02-2021, 06:31 PM   #13


الصورة الرمزية مريم
مريم غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 504
 تاريخ التسجيل :  Sep 2021
 أخر زيارة : 09-01-2023 (12:33 PM)
 المشاركات : 22,946 [ + ]
 التقييم :  121278
لوني المفضل : Cadetblue


افتراضي رد: ساحة حرب







أكره أنْ تمارس الأشياء سطوتها عليّ
كأنْ يجلدني الوقت إذا عسستُ دقائق،
أو فكرتُ في التجسّس على الغد.

أكره أن تحتلّني فكرة، وتستولي عليّ.
كأنّني وطن ضعيف،
أو قلعة متردّية أسوارها
من طول الحصار.

أكره أن أكون رهن القلب، أو العقل.
أكره هذا الصراع الدائم داخلي،
كما لو أنّني ساحة حرب.
آهٍ ما أكثر معاركي!
آهٍ ما أشدّ خسائري!



كنتُ قد أخبرتكَ يا شاهد أني لا أملُّّ الكتابة !
قد قرأتُكَ على الأقل ثلاث مرات.. ما أفكر به الآن هو صب كل ما برأسي هنا، ليس على دفعة واحدة سيصبح الأمر فوضويًا أكثر من اللازم.
منذ قليل كتبتُ على ورقة ما أريد قوله ومزقتها .. أستخدم حاليًا القلم الرصاص ( hb) المفضل لدي. قلم مخطط بالأسود والأصفر، أدمنته لا أعرف السبب. ربما لأنه لا يصدر صريرًا مسموعًا أثناء الكتابة ...
قبلها كنت أقرأ لـ " فاتحة مرشيد" جذبتني جملة تقول :
"معلوم أن الأشياء التى تمنحنا أكبر قسط من السعادة هى نفسها التى تدفعنا نحو حتفنا "

إذا كانت محقة، وهي كذلك فنحن الآن داخل حتفنا، لم أجد شيئًا يمنح السعادة وفي الوقت نفسه يدفعكِ نحو حافة الجنون أو الموت كالحب والكتابة.

قبل قليل تمكنتُ من النوم لأربع ساعاتٍ متواصلة دون أن أنتفض، بسبب ذلك الإحساس الغريب الذي يأتيني على غفلة أثناء النوم كأن جسدي يسقط من علوٍ شاهق. كنت أهرب من هذا الشعور بالنوم ملتصقة بالأرض ظنًا مني بأنه لا سقوط أكثر من ذلك إلا أنه كان يأتيني بنفس الطريقة الشرسة!
بالنهاية استسلمتُ له، لم أعد أقاومه أسقط وأستيقظ ثم أكمل نومي أو سقوطي أيهما أقرب لقلقي.

دعني أخبركَ أيضاً أني انغمستُ بالأمس في فقرات متنوعة من عدة أعمال لـ " محمد شكري" وتوقفتُ عند هذه:
"لا ينبغي لنا أن نثق كثيراً في السعادة. إنها آتية هاربة، منفلتة كلما أردنا القبض عليها. قد تكون مثل عصفور جميل يحط على حافة شرفتنا. لا نكاد نقترب منه حتى يطير. هل تعتقدين أن العصفور سيحط على الكتف ويغني لك أو لي كما نتخيل؟"

بصراحة أنا لا أثق !
ولم أتخيل يومًا أن هناك عصفورًا سيأتي من بعيد ليحط على كتفي ويغني.
علاقتي مع أي مخلوق بجناحين لا تتعدى زجاج النافذة:
أضع الأرز أو حبوب الذرة الصغيرة على حافتها ثم تبدأ معارك العصافير والحمام.

سأكتب لكَ اليوم أيضاً يا شاهد عن مشهدٍ بسيط يقول فيه البطل عندما سأله أحدهم:
ما الذي يجري؟
قال: - " عقلي يحتضر ... "

أوقفتُ المشهد هنا قليلاً، وتساءلت:
ما شعور الشخص الذي تنزف منه ذاكرته؟

وأكملت المشهد:
" إنه ممتلئ بالتجاعيد مثل حبة الجوز، وممتلئ بالثقوب وأنا أستمر بالنسيان ..."

من المؤلم أن يُصاب الإنسان بتلفٍ في تفكيره وذاكرته، إن هذا أشرس من النسيان .. كل هذه الأصوات التي لا تسكت في الداخل تكبر وتعلو في لحظات
9البعض منا يصلي من أجل أن ينسى كل لحظات الوجع والفقد والتيه الذي يغويه، ولكن هذا الرجل ينسى رغمًا عن أنفِه.
تخيل نفسك -عافاك الله من كل ضيم- تُعيد نفس السؤال مراراً وتكراراً رغم حصولك على الإجابة ..
كأن تقول لي مثلاً:
- كيف حالك؟
وأقول: بخير
ثم تنزف من فمك الكثير من كيف حالك؟ وكأنها الأولى ...

قرأتُ ذات مرة أن المصاب بالزهايمر عندما يمر بمرآة يعتقد خاطئاً أن هناك شخصٌ آخر في الغرفة.
أحياناً تتشابه هذه الأعراض مع المتعافين منه .. حين مررت بالمرآة منذ قليل رأيت أخرى غيري تشبهني، وليست أنا ... اوافقك في أن بداخل منا شخص آخر

أتساءل الآن هل نحن معافون من النسيان، نسيان الأوجاع والاضطرابات؟
إننا ننسى مكان وضع المفاتيح، النظارة، أو جهاز التحكم، وننسى في أي يومٍ نحن، ننسى أيضاً أسماء الناس وحين يحدث ذلك نستبدل أسماءهم بـ حبيبي أو أي كلمة آخرى غير الاسم.
يا عزيزي كلنا مصابون ...
نحن نخسر الكثير من الوقت، من قلوبنا، ومن عقولنا وأجسادنا أيضاً من أجل ما يستحيل حدوثه، ومع ذلك مستمرون في الخسارة .. ومستمرون في الانتظار بكل ما تبقى منا.

لستّ في محل انكار لكل ما خطّه حرفي في هذا النص، وإن كانت ردودي مخالفة لما أَخبركم، لكن الحقيقة تكمن في كينونتنا كبشر، في أيام تكون قوانا في المقاومة تنسحبُ منا ببطء، ضعفُ الاستسلامِ يزدادُ شيئاً فشيئاً، كأنَُ يتسلّلُ الانطفاء إليناّ بخفاء فإذ بنا نُباغَت بكوننا انطفأنا !

تمر علينا أيام كلُّ ما نتمسكُ بالحياةِ لأجلِهِ يغادر مجالَ رؤيتنا كما أسلفت يا شاهد، فتكون الصورة تزدادُ ضبابيةً، ما نحملُ مِن جميل يرتجفُ في وجودِ قبحِ ما نراه، مُنطوياً على نفسه في زاويةٍ بعيدةٍ وحيداً .. يبكي، نُصفَعُ في كل مرة نحاول فيها أن نرى العالمَ جميلاً، أن نراهُ مكاناً يصلُحُ للعَيش، كيف لكَ أن تقاوم صفعاته أكثر؟ وإلى متى الصمود؟
تخشى أنكَ ستنطفيء للأبد ولن تكون الأيامُ قادرةً على مداواتكَ، تخشى أنّ محاولاتكَ في رؤية الجمال ستُسحَق وأنّ ما يجعلُكَ تواصلُ العَيشَ سيغادرُكَ بلا عودة، تخشى الهزيمةَ أمامَ القبح، تخشى الموتَ قبلَ وقتكَ !
أعلم جيداً يا شاهد أنك لا تلومني وإن لامني الكثير على الخروج بهذه الطريقة لأول مرة - لستُ أعتب-، لكني لن أخفيك بالغ سعادتي وامتناني لكََ، قراءاتك العميقة لساحة حرب كانت كفيلةً بأن أُواجه الآخرين بنفس طريقتك التي ذكرت !ً
من جهة أخرى تعثرت بصوت أصدقائي القدامى وأنا أقرأكَ، كانت تائهة مني مع زحمة التساؤلات .. الأمس لا ينتهي تماماً.. نحن دائماً بحاجة للتصالح مع كل الحقائق التي لا تتغير .
في الواقع ما يتعبني حقًا أنني أتأثر بكل سطر، بكل كلمة، وبكل مشهدٍ كأن الضربة مصوبة نحوي ! عجيب. كأننا نقول للألم مرحبًا، -فقط- لنكتب عنه !!

على الهامش:
سألحق لأحجز مقعدي هناك بجوار ستة عشر كوكباً
زينوا نصك الأخير، أهلاً بكَ دائماً

وديّ وريحان







 
 توقيع : مريم







"قويةٌ كحرب، ناعمةٌ كسلام"





رد مع اقتباس
 
1 1 1 2 2 2 3 3 3 5 5 5 6 6 6 7 7 7 8 8 8 10 10 10 11 11 11 12 12 12 13 13 13 15 15 15 16 16 16 17 17 17 28 28 28 30 30 30 31 31 31 32 32 32 37 37 37 38 38 38 39 39 39 41 41 41 44 44 44 45 45 45 46 46 46 47 47 47