من باب التعلق بشيء له بالنفس تلك المساحة من شوق وأمل
ولأنه اعتاد على أن يستجيب لتلك الحاسَّة لسنواتٍ مريرةٍ
كان الطيف يهوِي به نحو تلك البقعة من ضواحي القرية
كلما مرَّ بفقدٍ، وكلما شَعَرَ بسعادة
وكما اعتادا أن يتقاسمان الحزن والسعادة
كان يفعل إبقاءً لذلك الرِّباط الأبدي المتجذر من أخمص قدميه حتى النخاع
كي يرُد عليه ما كاد يصَّعدُ في السماء
قال في نفسه طويلاً ويسيراً
لعلها فاتحة خير أيها الهائم في بستان الذكرى
ولعل زهرة الصنوبر قد خرجت
فهي مثلك ثلاثينية تأبى النضوج
وتكابرُ على الخروج حتى يرضخون
المسجد جداً قريب بضع خطوات يسيرات
يصحبه فيها الأمل بغفران جديد من ذنب ربما كتبه هو على نفسه
ولم يطلب عنه يوماً أن يغفره رب السماء
وبالكاد حمل قدميه على التحرك
وراود جسده على الالتفاف ومن ثم التحرك نحو المسجد القديم
كما اعتاد أن يفعل تاركاً ذلك المسجد القريب والحديث
ليس لشيء غير أنه اعتاد ذلك
فقد كان دائماً ما يشهد مرورها بعد خروجه من باب المسجد القديم
ومن ثم نظرة واحدة تصحبها ابتسامة صافية
تكفيه حتى يلتقيها في الصباح
وصل للمسجد بعد خُطىً متثاقلة
توجه لصنبور المياه بمكان الوضوء
بدأت حرارة الدهشة بالانخفاض
ويكأنه قد تحمَّم من جرح الهوى القديم
( ولقد همَّت به وهَمَّ بها لولا أن رأى بُرهان ربِّه )
ليدخل في موجة من اللاشعور بموطئ قدميه
وأنا هنا يقتلني إحساسي القديم
بذنبٍ لم ولن يحدث يوماً في حياتي