08-11-2021, 09:26 PM
|
#29
|
بيانات اضافيه [
+
]
|
رقم العضوية : 395
|
تاريخ التسجيل : May 2021
|
أخر زيارة : اليوم (04:54 PM)
|
المشاركات :
314,837 [
+
] |
التقييم : 821468
|
الجنس ~
|
MMS ~
|
|
لوني المفضل : Cadetblue
|
|
رد: الكرسوع ( رواية )
*
الكرسوع
الفصل الثالث
على ذلك ( الكرويت ) الخشبي المفروش ببقايا كراتين البضائع والواقع خلف المسجد من جهة المحراب في ذلك الزقاق الفاصل بين حارتي ( البوري والساحل ) ، اعتاد نفر من رجال الحارتين الجلوس عليه في تجمع أخوي للتسامر وتبادل الآراء والأحاديث حول شؤون حياتهم اليومية ، واستعراض ما يجري على مسرح الأحداث في تلك الفترة الزمنية التي امتدت من أيام الحرب العالمية الثانية ( بداية الستينات الهجرية ) إلى ما بعد أحداث اليمن ( التسعينات الهجرية ) ، وإن كان مقر ذلك التجمع قد مرَّ بالكثير من التحولات بفعل مرور السنين ؛ كالوفيات والهجرة والانتقال بسبب ظروف العمل ، إلا أن بعض الشخصيات فيه قد حافظت على ثبات مكانتها وقوة تأثيرها في الآخرين ومنهم عمدة الجلسة ( حامد القمَّاش ) .
كان ذلك التجمع يضم الكثير من الأطياف والمشارب ، منهم أصحاب الفهم والدراية ، ومنهم أصحاب الرويَّة والحكمة ، وكذلك أصحاب الطرفة وسرعة البديهة ، وأيضا المتسرعون في الحكم والمحبون لنقل الإشاعات والأخبار دون تيقن ، وبعض الخارجين عن المألوف ، وكذا أصحاب الغيبة والنميمة ، وغيرهم ، النخبة من هؤلاء كانوا يتجمعون بعد صلاة المغرب من كل يوم لدى التاجر الكبير ( باصدِّيق ) الذي كان يمتلك مذياعا كبير الحجم من النوع القديم ( أبو حمامة ) والذي يعتمد في استقبال الإشارات الإذاعية عن طريق نظام ( الترانزستور ) القديم بمساعدة سلك ( أنتل ) يثبت به ويرمى بطرفه الثاني أعلى المبنى حيث يثبت على عصا خشبية أو معدنية ، كانت أخبار الحرب محتدمة بين الحلفاء ودول المحور ، والتاجر يتنقل بهم بين إذاعة لندن ، مونت كارلو ، صوت ألمانيا ، صوت العرب وغيرها ، يستمعون للأخبار ثم يتناقشون حولها في جلستهم المعتادة على ذلك الكرويت بعد صلاة العشاء ، تلك المجموعة الكثير منهم على دراية ، وإن كان حظهم من التعليم لم يتعد الكتاتيب ، إلا أنهم اكتسبوا الكثير من الخبرات والمعارف من خلال تجاربهم في الحياة .
هناك عدد من المجالس الاجتماعية تتناثر بين الحارات القديمة لمدينة جيزان سواء كانت داخل بعض المنازل أم خارجها ، وهذه المجالس يرتادها عدد من الساكنين في تلك الحارات مثل : كرويت حارة الجبل في الطرف الجنوبي منها ، ( دكة ) في شمال المسطاح ، كرويت في أطراف الميدان وغيرها ، لكن أبرزها كان ذلك الكرويت الواقع في الزقاق الفاصل بين حارتي ( البوري والساحل ) بسبب تفرده بوقائعه المثيرة للجدل في معظم الأحيان ، والتي ربما وصلت إلى حد الخصام والقطيعة ، ففي هذا المجلس يكثر الجدال ويسخن الحوار ويتصاعد التنافس والعناد ويحتدم التحدِّي ، فكل يرى تفسيره للأمور هو الأصح والأدق ، أضف إلى ذلك وجود بعض الشخصيات التي اشتهرت بالمقالب القاسية ، والتي ربما تتجاوز كل الخطوط في بعض الأحيان لذا تجد الكثير من الناس يحلو له الحضور إلى هذا المجلس للتسلية وتمضية الوقت .
تلك هي منصة الكرويت التي تضم بين ظهرانيها وجوه وشخصيات متباينة في التجارب والخبرات والدراية :
ـــــ ( أحمد المُطوِّع ) وهو مؤذن المسجد الواقع جوار ذلك الكرويت ، عُرف بالحكمة والرويَّة والإنصاف والوعظ والمسارعة إلى فعل الخير والجلد في إظهار كلمة الحق .
ـــــ ( حامد القمَّاش ) عميد الجلسة ، يتصف بالخبرة الواسعة والدراية وفنون القص والأساطير ، كما يتميز بتحليلاته الرائعة للمواقف والأحداث .
ـــــ ( يوسف النوحي ) بائع الذهب ، محاور جميل لكنه سريع الغضب .
ــــ ( حمدان البو ) تاجر الحبال .
ـــــ ( إبراهيم ظامي ) تاجر الأخشاب .
ـــــ ( سراج عشوي ) بائع الكتب .
ـــــ ( علي النونو ) الدلال الشهير ، وهو يستغل كل اجتماع في تسويق بضاعته .
ـــــ ( عبده أنتل ) وهو فاكهة الجلسة ويسمونه بــــ ( الزَّلاَّخ ) ؛ لكثرة كذبه وحيله واختلاق الوقائع وتلفيق الأخبار وخلق الإشاعات .
وغير هؤلاء هناك الكثير ممن يكون حضورهم غير منتظم .
يتبع ....
|
|
|
|
|
علمتني الحياة أن أبني جسرا من الأمل فوق أي بحر من الأحزان
التعديل الأخير تم بواسطة الغيث ; 08-11-2021 الساعة 09:33 PM
|