تمر حياتنا بأيامٍ لا لون لها، لا فصل لها، لا تاريخ قابل للاحتفاظ بها. وتشتعل الخطوات ونحن وقوف بلا حركة؛ كونها اعتادت السير إليهم. إنهم يفشلون ويعلّقون علينا مآلاتهم، ويحسبون عليها مآلاتنا التي لا ذنب لها في شيء غير أنها طرف، ولربما طرف التلّقي، والاحتمال لأثقالٍ لن ينزعها آخر العُمر إن تقدم ليرينا عجزه ويثبت صدق ما نحسّ به تجاههم.
لو أننا صغارًا، أطفالًا فلن نبالي إن أُخِذ ما جمعناه في حصالتنا بعد إقناعنا بحاجتهم إليه، أو لتربيتنا على العطاء، أو لغرس بذرةً للصدقة، والزكاة في فِطرتنا، وتربيتنا، وسلوكنا. ولكن الأمر ونحن كبار يختلف كليًا لأن ما سينزع منّا ليس ماديًا، بمقدار ما هو حسيًا، وقد نكون عانينا في احتمال أن يغدو سبيلنا لإنجاب ذاكرة متحولة إلى صديقة لواقعنا حين نكبر ولا نجد سواها نحدث بها بعضنا: فعلنا، دخلنا، جلسنا، شربنا، طلبنا، تسوقنا، تعطّرنا، وكتبنا. أتذكر؟ أتذكرين؟ أتذكرون؟
كل وقائعنا الآسرة لنا يُحال أن نتنازل عنها بسهولة كأولئك الأطفال؛ لأننا فهمنا جيدًا أنّ حافظة صدورنا ليست كحافظة نقودنا أبدًا.
القلب يألف، يُحِب، يتعلق، يُصادق، يُصاحب، يستلطف، يأمن، يفي، يعِد، يعطي، يُمنّي ويتمنى ولكنه إن أُخِذ على حين غرّة فهو يقظ لحماية أرصدتنا الباقية، والتي يجمّدها دعاؤنا الدائم بأن يحفظ الله علينا صدورنا من الإنكسار، وأحلامنا من التمزيق، وطرقنا ودروبنا من الإشتياك بشوكٍ ليس من صنع أيادينا، وإنما وضِع فيها لمنعنا من المرور لعمرٍ آخر.
القفز على الحبل ليس كالقفز على القلب؛ لأن حبال القلب لا تتقطع إلا بفعل فاعل، وقفزات نبضاته لا تتوقف إلا بصناعة غيره؛ لأنه حين تدرب على الشعور الصادق عرف نعمته، وطعمه، ونمت خلال هذه الدُربة على العكس تمامًا، على التيمم السريع لأداء صلاة عاجلة، أو قصرها قبل وصول الطريق إلى منتهاه.

الكاتبة المبدعة عُقدة:
هذه الزكاة مقبولة من أرضك المثمرة، وروحك المبدعة، وأبجديتك الزاخرة.
أنتِ بحق كاتبة رائعة، تصنعين للكلمة معناها، ومبتدأها ومنتهاها.

عيدك أسعد وأبهج

جابر