منتديات مدائن البوح - عرض مشاركة واحدة

02-06-2023, 07:38 PM

وما ان نطق اسمي..حتى شعرت بارتجاف جميع مفاصلي..

ثوانٍ وكأن الزمن قد توقف هنا..
ومر كل شيء أمامي في لحظة..
طفولتي المسلوبة، والدي وقسوته وسنين السخط والحرمان الذي عشناه أنا وامي..
وترف لم ننعم به...
تمتماته جعلتني استفيق على واقع.....
اخي الغير شقيق..غارقاً بدمائه..
مردداً اسمي..وآخر رمق..لفظ انفاسه الاخيرة..!

التفتُّ يمينا وشمالاً فلم ارَ سوى خيالات جرذان الحقول تتقافز على جانبي جدار منزله وسط الأحراش الطويلة..
ثم ركضتُ دون وعي حتى انهكني التعب..جلست على ركبتيّ أتنفس بصعوبة، وكأن كل هواء الارض..لايكفيني هذه الليلة..
.
لم اعرف كم مضى من الوقت حتى دعاني الفجر لأستنشق هواءه العليل قبل ان تبعثره أنفاس البشر المقبلين على اعمالهم..
جلستُ على رقعة من العشب الندي،نضح من بين شقوقها القليل من ماء البركة القريبة فــ امتزج بترابها، شدتني لزوجتها لأن أحفر واخفي سكيني ثم مضيت لاهثا إلى الحي القريب..حيث أقطن..
اخذت اتحسس ممراته الضيقة وجدران المنازل المتهالكة، وأنا اتعثر بتعرجات الاسفلت تحت اقدامي...
حتى وصلت إلى السلم المؤدي حيث شقتي..
تنبعث رائحة الرطوبة من كل شيء،
وبقايا قطرات المطر المتجمعة في السقوف..تسيل على زوايا الجدران المتقشرة..
أدرت مفتاح الباب..وما ان فتحته حتى لطمت وجهي نسيمات الفجر..من نافذتي اليتيمة..
اسرعت الى حنفية الماء..وتركتُ رأسي تحتها
لم اشعر بوخز برودة الماء إلا بعد دقائق..حين سكنت جمرات أفكاري..اللاهبة بالخوف..والشتات..و غياب الوعي..
استلقيت بعدها على سريري..متأملاً نسائم الفجر وهي تتلاعب بستارة النافذة..فتغدو كأنها جنية بيضاء..
تلك النافذة..كنت اشحذ منها الهواء لرئتي امي ..
تفاصيل صغيرة تجذبني نحو ذكرياتٍِ بعيدة..وكل يوم تقنعني بلاجدوى المحاولة
عجز وخيبة من لحمٍ ودم..كنت انا..
وفقدتها..ذات صباح..بعد ان انهكها المرض..

يتبع…

..