عاد الزوج من العمل ، وكان في نيته أن يخبر زوجته بقرار مصيري اتخذه ،
فوجد زوجته تعد له الطعام ، فانتظرها حتى تنتهي ، وجلس معها على
طاولة الطعام ، وبينما هي تنظر له وهى سعيدة بعودته من العمل ، شعر
بالخجل مما يريد أن يخبرها به ، انتهى الزوجان من تناول الطعام .
ذهبت الزوجة لإحضار بعض الحلوى ، وكانت قد أعدتها لزوجها وقدمته لها
، وبينما يتذوق الزوج الحلوى ويستمتع بطعمها ، يفكر في الوسيلة التي
سيخبر بها زوجته بذلك القرار ، ثم انتهى الزوج من تناول الحلوى وشعر
بمشغولية زوجته ، فقرر أن يؤجل القرار حتى المساء .
ذهب الزوج للنوم قليلا ، وعندما استيقظ وجد زوجته تغسل الملابس ،
وتنظف المنزل ، وهى مازالت مشغولة بالمنزل ، فأحس الزوج أنه لا مزيد من
التأجيل ، وعليه أن يخبر زوجته فطلب من زوجته أن تستمع له قليلا ،
تركت الزوجة ما تقوم به من أعمال ، وجلست مع زوجها ، وهى تنظر له
مبتسمة ظنًا منها أنه سوف يخبرها خبرًا سار ، أو قد أعد لها مفاجأة بسبب
اقتراب موعد عيد ميلادها .
أخبر الزوج الزوجة أنه يريد الطلاق ، ولن يستطيع أن يكمل الحياة معها ،
وأن قلبه وعقله أصبحوا ملكًا لسيدة أخري ، فاندهشت الزوجة من كلام
زوجها ، وشعرت أنها مقدمة لمزحة أو مفاجأة ، وظلت ناظرة له ومتألمة ماذا
بعد ، فلم تجد شيئًا ، ودخلت الزوجة إلى زوجها الغرفة ، وأخبرته : هل هذا
حقيقي ؟ أم مزحة ؟ .
ولكنه أخبرها أن الأمر حقيقي ، وأنه سعى في تنفيذه منذ أيام قليلة ، وبدأ في
كتابة جزء من ممتلكاته لها ولطفلته .
لم تتحدث الزوجة بكلمة واحدة ، لكنها خرجت تبكي بكاء شديدًا ، ولم
تصدق ما تسمعه ، وحل وقت العشاء وذهب الزوج إلى الفراش دون تناول
العشاء ، وظلت الزوجة تبكي وحدها واستيقظ الزوج في الصباح ووجد
زوجته نائمة على الأرض ، ومنهكة من كثرة البكاء والتعب .
أيقظ الزوج زوجته لكي تنام بالغرفة ، فاستيقظت الزوجة وعيناها متعبتان
من البكاء ، وطلبت من زوجها أن يؤجل تنفيذ الطلاق ، حتى تنهى طفلتهما
اختبار نهاية العام ، وحتى لا يتسبب ذلك القرار بحدوث اضطراب نفسي
وفشل دراسي لهما ، سأل الزوج عن موعد انتهاء اختبار ابنته ، فوجد إنها
فترة زمنية قصيرة يستطيع أن يحتملها وهى 7 أيام . عاد الزوج من العمل ووجد زوجته تاركة ورقة في الغرفة ، تخبره بأنها تريد أن
يمكث معهم هذا الأسبوع الأخير ، حتى يثري الطفلتين بمشاعر الأبوة ، التي
بالتأكيد ستنعكس على الأداء الدراسي لهما ، فوافق الزوج وأخبر السيدة
الأخرى أنه سوف يعجز عن لقائها لمدة أسبوع ، وهذا هو الأسبوع الأخير
قبل تنفيذ الطلاق ، حتى تنهى الطفلتين من الاختبارات المدرسية .
قدم الأب إجازة من العمل لمدة أسبوع ، ومكث خلالها بالمنزل ، وفي اليوم
التالي استيقظ الأب فجرًا ، ولم يجد زوجته بجانبه ،فخرج فوجدها تقوم
بأعمال التنظيف :
فقال لها : ماذا تصنعين ؟
فقالت له : لقد أعتدت بعد ذهابكم للنوم أن أقوم بأعمال المنزل ؟ حتى تراه
جميلًا في الصباح.
فسألها : ومتى تخلدين إلى النوم ؟ فعندما نستيقظ صباحًا نجدك
مستيقظة وتقومين بتجهيز وجبة الإفطار .
فقالت : موعد نومي الفجر وحتى الصباح . وبالرغم من إنها ساعات قليلة
لكنها تكفيني ، لأجد كل شيء معد من أجلكم .
خجل الزوج وبدأ يفكر ، كيف لا يعلم طوال هذه الأعوام ، أن زوجته لا تنام
فترة زمنية كافية ، وبالرغم من ذلك لا تشكو أو تطلب منهم أن يساعدوها
بشيء .
فدخل الزوج للنوم ، وعند الاستيقاظ ، وجد زوجته مستيقظة تقوم بكي
الملابس ، فنظر لها وتأملها وهى منحنية على المنضدة ، لكي تجهز الملابس
لهم .
وقال : كيف لم يدور في ذهني ، من يقوم بكي الملابس يوميًا ، وكنت فقط
ارتديها كعادتي دون تفكير ، وبدأ الزوج يتأمل تصرفات زوجته خلال هذا
الأسبوع ، ويتأمل جسدها المتهالك في مهام المنزل ، ومع طفلتيه وشعر
بالخجل .
فهناك أمور عديدة لم تدخل ضمن تفكيره ، وبتأمله لها جعلته يدرك حجم
الألم والإرهاق ، الذي تتعرض له زوجته من أجل إسعاده ، دخل الزوج إلى
غرفته ، وأغلق الباب ، ثم أخرج ألبوم صور زفافهم ، وبدأ يستعيد شكل
زوجته قبل الزواج .
وبينما الزوج يتصفح الصور وجد ورقة بها تحاليل طبية ، فتح الورقة وبدأ
يقرأ محتواها ، فوجده تحويل طبي لزوجته لمستشفى الأورام ، لوجود ورم
في الثدي ، وكانت زوجته قد أخفته داخل البوم الصور ، لأنها تعلم أنه
المكان الوحيد الذي لن يتطرق زوجها إليه ، وامتلأت عيون الزوج بالدموع ،
وخرج لزوجته وأخبرها بأنه علم بمرضها .
شعرت الزوجة بتعاطف الزوج معها ، وأخبرته إنها لن تريد مشاعر تعاطف ،
ولكن الزوج اكمل الحديث معها وأخبرها أنه منذ أيام يتأمل تضحيتها من
أجلهم ، مما جعله يشعر بالخجل من قرار الطلاق ، وترك لزوجته الحرية في
اختيار قرارها ، إما عودة الحياة الزوجية ، وإما إنهاء الزواج .
في ذلك الوقت عادت الطفلتين من المدرسة ، فوجدا الأب والأم معا فركضا
فرحًا ، كأنها لم يشاهدهما منذ سنوات .
في تلك اللحظة
أدركت الزوجة ما هو القرار الذي يجب أن تتخذه .
برأيكم ماذا قررت !!