عرض مشاركة واحدة
قديم 08-07-2021, 06:36 PM   #23


الصورة الرمزية الغيث
الغيث متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 395
 تاريخ التسجيل :  May 2021
 أخر زيارة : اليوم (11:55 AM)
 المشاركات : 314,619 [ + ]
 التقييم :  820825
 الجنس ~
Male
 MMS ~
MMS ~
لوني المفضل : Cadetblue


افتراضي رد: الكرسوع ( رواية )






*
الكرسوع






أومأ محمود برأسه وهو يعرف أن بعض الهواة يمتطون ( أرماصَهم ) الخشبية أو تلك المصنوعة من الفلين ــــ بعد الفجر ـــــ ويذهبون إلى أطراف المياه العميقة ليمارسوا هوايتهم في فترة صيد سريعة تنتهي باصطياد بعض أسماك الشعور والكِشْرَة والناقم والشُّون والحباري ، أضف إلى ذلك ما يجمعه أصحاب الشِّباك مما علق في شباكهم من أسماك العربي الصغيرة والقزامي ، كل ذلك المحصول يعرض للبيع على الساحل مبكرا ؛ لتعد منه الأسر الجيزانية وجبة الإفطار .
وفي هذه الأثناء ظهر أحد جيران محمود :
ــــــ هلا صلاح .. ليش متأخر عن موعدك اليوم ؟
ــــــ والله يا محمود ذهبت ( للميدان ) أبغى ( حبحب صغير ) للوالدة وأعجبني المنظر هناك وقعدت أتْفَرَّج .
ربَّت محمود على كتف جاره صلاح وهو يعرف تلك المساحة المكانية الجميلة التي تسمى بــــ ( الميدان ) حيث يتجسد على جوانبها ذلك المشهد الرائع لحركة البيع والشراء للمنتجات الجازانية ، فهناك الأواني الفخارية والأدوات الخشبية والحجرية والمنتجات السعفية المحلية يدوية الصنع ، وهناك بائعو المواشي والدجاج والبيض البلدي ، وهناك بائعو المنتجات الزراعية المحلية ، وكذلك بائعو ( القَصَب ) المستخدم علفا للمواشي ، وكثيرا ما يكتظ ذلك المكان بالحركة وتختلط في أجوائه هتافات الباعة بأصوات الأغنام ورغاء الجمال الجاثية بعد أن أنزلت حمولتها التي قدمت بها من القرى المحيطة بالمدينة .
بعد أن تناول محمود إفطاره حمل بضاعته المتواضعة متجها نحو السوق الرئيسي للمدينة ، والذي يجثو بعراقته وأصالته وطيبة أهله على كفيها الحالمتين ، وقد بدأت بعض الدكاكين تفتح أبوابها للمبكرين في الشراء حيث شرع بائعو الأقمشة بعرض بضائعهم في زوايا دكاكينهم بطريقة خاصة تجذب المشترين ، وفي زاوية من وسط ذلك السوق جلس محمود في مكانه المعتاد عارضا أمامه عددا من المقاعد الخشبية ( الأرضية ) وبعضا من الطاولات الشعبية ( التُّخُت ) انتظارا لفرج الله أن يسوق له بعض المشترين ليكسب منهم بعض النقود ينفقها على نفسه ووالدته ، تلك المهنة التي اكتسبها ( محمود ) من والده الراحل لا تكاد تكون مربحة إلا أنها تسد شيئا يسيرا من الحاجة إذ ليس له مصدر آخر من الدخل غيرها ، خاصة وأنه انقطع عن التعليم وخرج منه مبكرا .
هنا يمر من أمامه ( عايش ) المحلوي وقد ملأ قيروانته بأصناف من الخبز الصغير المدور والمحلى بالسكر وأنواع أخرى من المخبوزات العسلية ( المغمورة بالشيرة ) ، وعندما اشتاق ( محمود ) لشيء منها لم يجد لديه إلا القليل من النقود اشترى بها ما تيسر من ذلك المحلوي ، ثم أخذ يتأمل حركة السوق ويوزع نظراته بين زواياه وهو يشاهد ذلك الرجل العجوز ( دفَّاش الغيدي ) بائع المتروكات القديمة وقد تربع في زاوية من دكانه العتيق ، هذا الرجل الذي اشتهر ـــــ بجانب بيع المتروكات ـــــ ببيع القاز الصافي الذي كان يُطلَق عليه ( قاز ولايتي ) والذي كان يأتي في صفائح ( تنك ) من الصاج اللامع ، وكان يبيعه لزبائنه بالمكيال الذي هو عبارة عن علبة معدنية من الفوارغ مثبتة في ذراع معدني أو خشبي طويل يستطيع الوصول إلى أعماق تنكة القاز ، وكان هذا القاز يأتي عن طريق بعض دول الخليج التي بدورها تستورده من بعض بلدان العالم التي تنتجه ، وفي الجزء الشمالي من السوق ترتص مكائن الخياطين على جانبي ما يعرف بــــ ( زقاق الخياطين ) ، حيث حضر العم ( أمان ) مبكرا في صبيحة ذلك اليوم ، وما إن هم بمزاولة مهنته حتى لاحظ بقعة ضوء في منتصف موقع مكينته ، مكتشفا أن سببها فتحة بسيطة في سقف المكان تتسلل منها أشعة الشمس ، فكر قليلا ثم بحث عن قطعة من الكرتون بين مخلفات الدكاكين ، ثم صعد إلى السقف ؛ ليغطي تلك الفتحة ولم ينتبه لوجود فتحة أخرى متسعة ــــ نسبيا ــــ هي الأخرى مغطاة بالكرتون ،


يتبع ........

***

الغيث
حصري للمدائن






 

رد مع اقتباس
 
1 1 1 2 2 2 3 3 3 5 5 5 6 6 6 7 7 7 8 8 8 10 10 10 11 11 11 12 12 12 13 13 13 15 15 15 16 16 16 17 17 17 28 28 28 30 30 30 31 31 31 32 32 32 37 37 37 38 38 38 39 39 39 41 41 41 44 44 44 45 45 45 46 46 46 47 47 47