الحركتان البرتقالية والمملوكية

في سنة 911ه / 1506م ( بدايات القرن العاشر الهجري ) كان البرتغاليون قد سيطروا على سواحل البحر الأحمر ، وتسببوا بذلك في تحويل طريق التجارة الشرقي إلى طريق رأس الرجاء الصالح ، مما أفقد خزينة الدولة المملوكية العائدات التي كانت تجنيها من سواحل مصر والشام والحجاز ، وأفقد ـــــ من قبل ـــــ السلطان عامر بن عبدالوهاب الطاهري الإيرادات الضخمة التي كان يجنيها من الموانئ اليمنية ؛ رغم محاولات السلطان عامر التصدي للبرتغاليين بحملة صغيرة ، وإزاء ذلك جهز السلطان المملوكي أسطولا من ثلاثة عشرة سفينة بجندها وعتادها بقيادة ( حسين الكردي ) لمحاربة البرتغاليين في السواحل الهندية ، وقد حوت خطة الحملة أهدافا أخرى غير معلنة تمثلت في تقوية نفوذهم في البحر الأحمر ، وحماية سواحله قبل التوجه إلى الهند ، فأبحرت من السويس متجهة إلى جدة ، حيث قام حسين الكردي بتدعيم دفاعاتها وبناء سور عظيم حولها تحسبا لأي اعتداء عليها من قبل البرتغاليين ، ثم توجهت تلك الحملة إلى سواكن فاستولت عليها دون حرب ، وأقامت بها بعض الاستحكامات ، ثم توجهت إلى اليمن فمرت بميناء جيزان ؛ للتزود بالماء وغيره ، ثم إلى كمران سنة 913ه / 1508م ـــــ ويبدو أن حسين الكردي في حملته تلك أنزل بعض العساكر المملوكية في بعض سواحل اليمن لإيجاد موطئ قدم ، وتشييد بعض التحصينات والاستحكامات بها ؛ لاتخاذها قاعدة عسكرية مبسطة للرجوع إليها عند الحاجة ـــــ ثم توجهت الحملة إلى المخا ، ثم إلى عدن ، وهناك استقرت بعض الوقت قام خلاله حسين الكردي بإفهام والي عدن من قبل الطاهريين بأن هدف الحملة هو التوجه إلى الهند ؛ لمحاربة البرتغاليين ، ثم طلب منه تزويدهم بالماء والطعام وبعض المؤن فأمده بها بعد موافقة السلطان عامر بن عبد الوهاب ، وبعدها توجهت إلى جزيرة ( الديو ) بسواحل الهند وتحالفت مع مراكبها ومع أسطول ( كجرات ) ، وانتصر المتحالفون في بداية الأمر سنة 914ه / 1508م ، لكن البرتغاليين حصلوا على مدد كبير واستطاعوا هزيمة الحملة المملوكية ومن تحالف معها سنة 915ه / 1509م حيث غادر حسين الكردي عائدا إلى مصر ، وعرفت هذه الحملة بالأولى ، أو الوجود المملوكي الأول في تهامة اليمن .
..... يتبع
***
الغيث
حصري