عرض مشاركة واحدة
قديم 08-07-2021, 07:07 PM   #24


الصورة الرمزية الغيث
الغيث متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 395
 تاريخ التسجيل :  May 2021
 أخر زيارة : اليوم (01:42 AM)
 المشاركات : 315,971 [ + ]
 التقييم :  822758
 الجنس ~
Male
 MMS ~
MMS ~
لوني المفضل : Cadetblue


افتراضي رد: الكرسوع ( رواية )






*
الكرسوع






وما إن داس بقدميه على مكان تلك الفتحة المغطاة بالكرتون حتى سقط إلى الأسفل ، ولفطنته فَرَدَ ذراعيه بصورة متعامدة مع السقف ؛ لتمنع سقوطه كاملا إلى أرضية السوق ، ليبقى جزؤه السفلي متدليا للأسفل والآخر في الأعلى ثم أخذ يستنجد بالحاضرين ، وما إن وصل صوته مستنجدا حتى هب الجميع لنجدته ، صعد الفتى ( محمود ) ورجلان آخران إلى أعلى السقف وأخرجوه من وضعية السقوط وهو يكاد يغمى عليه من شدة ارتطام ذراعيه بخشب السقف ، ثم أنزلوه إلى أرضية السوق وأفاضوا عليه شيئا من الماء ، طلب الفتى محمود من أحد الحاضرين مساعدته في حمل العم ( أمان ) إلى منزله مستندا على كتفيهما ، ولم يكتف محمود بذلك بل ذهب يبحث عن الغمَّاز ( علاَّن ) المشهور بالغميز ؛ ليقوم بما يتطلبه الأمر نحو العم أمان ؛ حيث قام ( علاَّن ) بتدليك جسد العم ( أمان ) وفحص الأجزاء المتضررة منه مستخدما في ذلك خبرته وشيئا من زيت السمسم الساخن ، ثم طلب من أهله عمل لبخة من الزيت والدقيق والكركم ( الهُرْد ) على النار وهو ما يسمى محليا بــــ ( المِسَبَّخ ) ؛ كي يدهن بها تلك الأجزاء المصابة ، ثم يلف عليها بشيء من القماش القطني لمدة ثلاثة أيام ؛ لتمتص أي تجمع دموي أو كدمات سبَّبها ذلك السقوط ، بعد أن غادر ( علاَّن ) منزل العم ( أمان ) عاد الفتى ( محمود ) إلى زاويته في السوق الرئيسي ، حيث فتحت جميع المحلات التجارية أبوابها للمشترين ، وعمَّت الحركة الأرجاء ، وفي طرقات السوق بدأت العربات التي تجرها الحمير في نقل البضائع بين تجار الجملة ودكاكين التجزئة وأصحابها يسيسونها ما بين لطف وعنف ، فهذا صاحب حمار قد شرع يكيل السباب واللعنات على حماره وقد حَرَن معاندا من ثقل الحمل الذي يعلو عربته ، وذاك حمار قد رفع عقريته بالنهيق حينما اشتم رائحة أنثى من جنسه تمر بالقرب منه ، وهناك الصبيان بائعو الماء البارد يجوبون طرقات السوق وقد أمسك كل منهم بــــ ( بِتِرمِسِه ) الذي يحفظ فيه ماءه البارد وأخذ يصيح :
ـــــ برِّد .. برَّد .. الكأس بقرش .. برَّد .. برَّد .. الكأس بقرش .
في الناحية اليمنى من السوق جلس تاجر الجملة الكبير ( با صَدِّيق ) على مقعده الخاص في منتصف متجره ، وقد شرع يباشر البيع لزبائنه من التجار الصغار وأصحاب دكاكين التجزئة ، حيث يبيع عليهم المفروشات وأغطية السرر و ( الحِيَك ) والمصانف وبعض الكماليات المنزلية ، يقوم على خدمته وخدمة زبائنه طول النهار عامله ( عرَّاش اليماني ) حيث يجلب له الإفطار من المنزل ، ثم يقدم الماء والشاي والقهوة له ولمن يحضر إليه من المشترين ، وذاك ( حامد القمَّاش ) قد فتح دكانه الذي يبيع فيه مستلزمات صناعة وصيانة القوارب مثل : فتايل القطن التي تستخدم لحشو الفراغات بين فتحات الأخشاب في القوارب ، ومسامير ( البروما ) السوداء ذات الرأس الدائري والمستخدمة في تثبيت ألواح القوارب الجديدة ، كذلك الشحم المستخدم في طلاء القوارب من الخارج ؛ لحفظ هيكلها من عوامل تعرية الماء ، وعلى مقربة من القمَّاش كان العم ( عبد الله مهربِج ) في دكانه وقد شرع ببيع المواد الغدائية مثل : الأرز ، السكر ، الشاي ، السمن البلدي والسمن الخشبي ، العسل ، وبعض المعلبات ، في جانب آخر يعلو صوت شجار بين بائع الذهب ( يوسف النوحي ) وأحد المشترين ، ذلك الشجار الذي يكاد يشتعل يوميا مع بعض الزبائن بسبب عصبية البائع الزائدة ، والذي كاد أن يتحول لعراك في ذلك اليوم لولا تدخل كل من : ( حمدان البَو ) بائع الحبال بالسوق ، و ( إبراهيم ظامي ) بائع الأخشاب ، و ( سراج عشوي ) بائع الكتب ، وكلما تقدم النهار قليلا ازدادت حركة البيع والشراء


يتبع ........

***

الغيث
حصري للمدائن






 

رد مع اقتباس
 
1 1 1 2 2 2 3 3 3 5 5 5 6 6 6 7 7 7 8 8 8 10 10 10 11 11 11 12 12 12 13 13 13 15 15 15 16 16 16 17 17 17 28 28 28 30 30 30 31 31 31 32 32 32 37 37 37 38 38 38 39 39 39 41 41 41 44 44 44 45 45 45 46 46 46 47 47 47