عرض مشاركة واحدة
قديم 08-07-2021, 06:28 PM   #22


الصورة الرمزية الغيث
الغيث غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 395
 تاريخ التسجيل :  May 2021
 أخر زيارة : اليوم (02:51 PM)
 المشاركات : 317,074 [ + ]
 التقييم :  825235
 الجنس ~
Male
 MMS ~
MMS ~
لوني المفضل : Cadetblue


افتراضي رد: الكرسوع ( رواية )






*
الكرسوع




الفصل الثاني


أشرقت الشمس في ذلك الصباح الجميل ومعها أشرقت كل الابتسامات البريئة على محيا الطيبين ، وعلى دروب الصفاء تفتحت الزهور البيضاء في نفوس وقلوب الملتحفين بالطهر والنقاء ، وانتشر الكل ساعين إلى رزق الله وفضله ، كان الفتى ( محمود ) يتهيأ لذلك السعي وهو يسمع من خلف جدار منزله همهمات التحايا الصباحية المفعمة بالود والرضا ، تصاحبها أصداء وقع أقدام المنتشرين نحو مبتغياتهم :

يا فتَّاح يا عليم يا رزَّاق يا كريم

يالله على بابك يا كريم

خرج محمود مع انطلاق صياح الديكة ــــ قبل الأخير ـــــ معلنة بداية المعترك الحياتي اليومي لخلق الله جميعا ، وفي طريقه كان يشاهد بعض العُمَّال وقد حملوا أدواتهم على أكتافهم متجهين نحو دروب الكفاح ، وفي زقاق آخر شاهد البعض يحمل بين يديه زنبيلا منسوجا من السعف ؛ ليجلب فيه إفطار أسرته ، مناظر كانت ترتسم على صفحات روحه كلوحات سريالية ، ألوانها الصدق والأمانة ، وعناوينها الإخاء ، وهنا التقى بالحدَّاد ( عاكف ) :
ـــــ صباح الخير يا عم عاكف .
ـــــ يسعد صباحك ياولدي .. ويمن عليك بالزرق الحلال .
كان محمود يقترب من أطراف السوق الرئيسي للمدينة وبين يديه إناء معدني صغير متجها نحو العم ( هجري ) الذي كان يقف خلف جرته المليئة بالفول المطشوش وهو يحرك مغرفته ذات الذراع الطويل داخل تلك الجرة ذهابا وإيابا ليملأ تلك الآنية الصغيرة ــــ التي يُحضرها المشترون ـــــ بالفول المميز ، وعلى الجانبين أسفل الجرة تتنافس بعض الآنية متوسطة الحجم في تقديم التوابل والطحينة السائلة ومسحوق البسباس الأحمر ؛ ليأخذ منها الفوال ( هجري ) قدرا مناسبا يضيفه على ذلك الفول الذي أفرغه في تلك الآنية ليضفي عليه نكهة رائعة ، وفي زاوية مقابلة يقف السيد ( قاسم ) بائع الخبز المشهور وقد امتدت حواليه طاولات خشبية ملأى بأنواع الخبز المحلي : ( الصامولي ، المدور ، الشامي ، الشريك ) وغيرها ، وقد اشتهر ذلك البائع منذ القدم بسماحته مع الفقراء والمساكين ، فكثيرا ما كان يمنحهم الخبز بأقل من ثمنه ، ولربما منحهم إياه مجانا لذلك تجد ربحه مباركا على الدوام .
عاد محمود إلى داره حاملا ( صينية ) الفول وناولها لوالدته ، ثم خرج ميمما نحو الساحل ؛ لشراء بعض السمك ؛ لإكمال وجبة الفطور التي تتفنن فيها والدته ، وعند وصوله للساحل كان على موعد مع الألق والجمال الآسر المتجلي على تلك الشواطئ الجميلة الحالمة والمتكئة على وسائد الطبيعة البكر ، كانت صفحة البحر رقراقة صافية وقد اكتست بلون زئبقي نتيجة لانعكاس السحب الملبدة في أجواء المدينة عليها ، كان الصباح رائعا والمنظر يأخذ بالألباب ، لكن المراسي الطبيعية كانت خالية من القوارب إلا ماكان مُعدًّا منها للصيانة .
هنا بادر بإلقاء التحية على العم ( شوران ) صانع القوارب :
ــــــ كيفك يا عم شوران .
ـــــ أهلا بك يا محمود .. بخير والحمد لله .
ـــــ أشوف المكان فاضي !
ـــــ نعم .. فقد بكَّر الصيادون بعد صلاة الفجر ؛ لطلب أرزاقهم في أعماق البحر وحول الجزر القريبة من المدينة .
ـــــ طيب والعمل.. نبغى سمك للفطور !
ـــــ انتظر يا محمود .. بعد قليل يأتي السمك مع أهل ( الدُّوْل ) والمبكرين من الصيادين الهواة ، فإن مع العسر يسرا .


يتبع ........

***

الغيث
حصري للمدائن






 

رد مع اقتباس
 
1 1 1 2 2 2 3 3 3 5 5 5 6 6 6 7 7 7 8 8 8 10 10 10 11 11 11 12 12 12 13 13 13 15 15 15 16 16 16 17 17 17 28 28 28 30 30 30 31 31 31 32 32 32 37 37 37 38 38 38 39 39 39 41 41 41 44 44 44 45 45 45 46 46 46 47 47 47