عرض مشاركة واحدة
#1  
قديم 06-13-2021, 01:52 PM
علي المعشي غير متواجد حالياً
Awards Showcase
لوني المفضل Cadetblue
 رقم العضوية : 311
 تاريخ التسجيل : Feb 2021
 فترة الأقامة : 1219 يوم
 أخر زيارة : 02-05-2024 (08:04 AM)
 المشاركات : 49,922 [ + ]
 التقييم : 75735
 معدل التقييم : علي المعشي has a reputation beyond repute علي المعشي has a reputation beyond repute علي المعشي has a reputation beyond repute علي المعشي has a reputation beyond repute علي المعشي has a reputation beyond repute علي المعشي has a reputation beyond repute علي المعشي has a reputation beyond repute علي المعشي has a reputation beyond repute علي المعشي has a reputation beyond repute علي المعشي has a reputation beyond repute علي المعشي has a reputation beyond repute
بيانات اضافيه [ + ]


افتراضي علمني الطير كيف أعيش












علمني الطير كيف أعيش

بقلم / علي أحمد معشي

توقفت أمام إشارة المرور المنتصبة كجنديٍ محارب ، وبينما تصطف المركبات خاضعة أمام كبرياء تلك المتوشحة بالأحمر القاني ، تنتظر عودة ابتسامتها الخضراء استعداداً للانطلاق ، إذ تسلل ذلك الطائر الصغير تحت إحدى الشاحنات يقطر منها الماء قطرات ضعيفة ، وقد بلغ منه العطش كل مبلغ ، حتى بدأ يفتح منقاريه ، لتقع بعض قطرات الماء في حنجرته الجافة عطشاً ، ليروي عطشه ويناقل بين قدميه من شدة حرارة الإسفلت تحته ، فبقيتُ للحظات أراقبه متعجباً لحال الدنيا وقوانينها التي تفرض على كل كائنٍ فيها أن يسعى لرزقه ويبحث عن طعامه وشرابه في أقسى الظروف وأحلك الأحوال .
وحينما طوفت بنظري إلى أصحاب المركبات وهم ينتظرون أن تفسح لهم الأميرة الحمراء الطريق وتمعنت في أعينهم التي تكاد تخرج من محاجرها ، بانتظار لحظة الانطلاق نحو مصالحهم وأعمالهم ، وليذهبوا لالتقاط قطرات رزق من فوهة الحياة مهما كان الأمر عصياً ، تماماً كما صنع الطائر الصغير، فما أجمل بلوغ الآمال وتحقيق الأحلام بعد الجهد والاجتهاد والعمل الشاق .
إن أمر الطائر المسكين أمر فيه من الفوائد والعبر الشيء الكثير ، فهو يعمل ويبحث ويصبر على كل الظروف وقد أرشده الله إلى وسائل النجاة من الجوع والعطش وطرق البحث عن الرزق ، وكما علمنا الطائر الأول غراب ابن نوح عليه السلام ، فما زالت تعلمنا الطيور والحشرات والحيوانات فنون التعامل مع الدنيا ومهارات الفوز بالنتائج النهائية.
إن كل المتقاعسين عن العمل والنائحين من قلة الزاد لو انطلقوا في الأرض يسعون وعلى ربهم يتوكلون لوجدوا الله أمامهم يمهد لهم السبل ويهيئ لهم الرزق ، ولكن الخمول والتشكي لا يصنعان الفرص ولا يفتحان الأبواب .
لقد أمرنا ربنا سبحانه بالسعي في مناكب الأرض وابتغاء فضله وكرمه العظيم، ووعدنا بتيسير الأمور وتوفير الرزق والفضل فهو مالك خزائن السموات والأرض ، ولن ينقص من خزائنه الملأى شيء ولو أعطى كل سائلٍ سؤله .
وهو سبحانه الذي أخبرنا بأن الرزق في السماء " وفي السماء رزقكم وما توعدون "
وما أحوج المسلم اليوم إلى رفع رأسه إلى السماء واستمطار الرزق والفضل من الله مع السعي والانطلاق والابتكار والبحث عن وسائل يصنع منها مشاريع عمل وانتاج يبني بها وطنه ويجني منها رزقه ، وهذا ديدن كل الناجحين في الحياة على مر التاريخ ، وقد كان الآباء والأجداد مثالاً عملياً واقعياً في صدق توكلهم على الله وحرصهم على العمل واتقانه بعيداً عن الاعتماد على غيرهم ، حيث شمروا عن سواعدهم وتصبب منهم عرقهم حتى جاءتهم اللقمة سائغة لذيذة شعروا بحلاوتها وقيمتها فارتسمت البسمة الراضية على شفاههم ورفعوا بها رؤوسهم ،فلم يرتهنوا أنفسهم لأحد ، ولم يرضوا أن يمدوا أيديهم لأحد ، فرعوا أسرهم وعائلاتهم رغم شظف العيش وضيق ذات اليد في زمن ليس فيه شيءْ مما نراه اليوم من وسائل الراحة والرفاهية والموائد الشهية والمشروبات الباردة النقية .
ومن المعلوم أن الدنيا لا تدوم على حال بل هي محفوفة بخطر التبدل والزوال ، وعلى العقلاء اليوم ، أن يتبنوا تعليم النشء والجيل الحاضر ، أن العمل والاجتهاد شرف كبير وأن الخمول والكسل والتواني مصادر افلاس وتبلد احساس تعود وخائمه على المجتمع بأكمله فيغدو مهدداً بالضعف والاضمحلال ،حتى يصبح مطمعاً وهدفاً لأعدائه والمتربصين به.
للمزيد من مواضيعي

 

الموضوع الأصلي : علمني الطير كيف أعيش     -||-     المصدر :     -||-     الكاتب : علي المعشي





 توقيع : علي المعشي




رد مع اقتباس
 
1 1 1 2 2 2 3 3 3 5 5 5 6 6 6 7 7 7 8 8 8 10 10 10 11 11 11 12 12 12 13 13 13 15 15 15 16 16 16 17 17 17 28 28 28 30 30 30 31 31 31 32 32 32 37 37 37 38 38 38 39 39 39 41 41 41 44 44 44 45 45 45 46 46 46 47 47 47