رائحة الصباح .. 🌼
بقلم / علي معشي
تستحم الربى بأشعة الشمس الذهبية كل صباح
وتصحو الزهور من سبات الليل على أنغام الطيور
ويعبق النسيم العذب في الحقول الوارفة والجداول الرقراقة ، بينما تقودني رائحة الصباح نحو عالمي الساكن خلف الذكريات، هناك في رحاب الريف القديم فأتبعها لأحتضن السماء بذراعين منفرجتين وقلب ينبض بالحب والشوق ، حيث صوت أبي بين أغنامه وصوت أمي بجوار تنورها الثائر باللهب ورائحة خبز الصباح .
وجلبة الواردين إلى البئر على ظهور الحمير وأهازيج الرعاة وثغاء شياههم .
ما كان الغبار يوماً ممقوتاً ولا الطين مزرياً ولا دخان الحطب خانقاً ، لقد كانت تلك الروائح عطوراً تنتشي بها النفوس ويسعد بها الريفي الأصيل .
إيهٍ يا رائحة الصباح ، خذيني على سجادة الشوق الطائرة نحو الذكريات ، طوحي بي على تلك الربى واكشفي تلك الملامح التي غطاها الزمان بأرديته الحديثة ، اسلكي بي مساراتي القديمة ، دعيني أنبش بين الركام عن آثار أبي وجدي ، عن مرابعهم وديارهم ، أرخي سمعك معي نحو ذلك الناي الحزين يبكي على الأطلال ، دعيني أسح دموعي هناك لعلها تورق الأيام ، وتزهر الأنسام ، دعيني أدندن وألقي بذور الأمل في الطريق حتى يحين اللقاء.