رشيدة
( كتبت هذا النص في طالبتي رشيدة وهي طالبة صمّاء
كان مستواها العلمي رائع جداً وكنت أرقبها وأنا أقرأ درس في اللغة العربية )
كم تربكني ابتسامتك
خالية من أي صوت سوى همهمات
تجعل قلبي يعتصر حباً لذاك الوجه البريء
أطلت النظر إلى تقاسيم حباها إياها الكريم
وجه حالم وشعر قصير فاحم وقامة جميلة
وعين تنظر إلى المستقبل بلا صوت
تحرص على تثبيت تلك السماعة الملتفة بقسوة حول أذنها الصغيرة
وكأنها بوابتها إلى ركوب بساط الريح لتجول به العالم
سريعة البديهة حريصة على التعلم
حين تتحرك وتكتب كأنها تحاول بيد بيضاء مسح فكرة أنها صماء
وأنها مختلفة عن من حولها
تأخذني أصابعها الصغيرة إلى وطن من ريحان
وهي تحركها مع ابتسامتها الدافئة فيصل ما تود قوله بكل هدوء
وجدتها أنيقة ترتدي معطف أسود فوق اللباس المدرسي
وتلف حول عنقها شال أبيض كقلبها
حذاءها جميل يناسب برودة الشتاء في مدينتي ..
رشيدة ذات العشر سنوات في الصف الرابع
كم أنتِ بارعة في ترتيل حكايات الصمود
بقوة كستها البراءة
فحين علا صوتي بالقراءة وصمت الجميع أدركت انكِ في غربة
وتمنيت لو أستطيع أن أُعيرك جزء من سمعي
رشيدة يا حلماً أتمنى من الله أن يكتمل
يا سنابل الحنطة
يا شيئاً من ريح الجنة
يا غيمة حُبلى بالعطاء
زيني خصلات شعرك يا حبيبتي بالياسمين
لن تكون ضحكتك غريقة في قاع الحزن
لن يكون صوتك عائق لغدك
خطت على دفتري جملة جعلتني أغرق في صفاء اللحظة
( شكراً معلمتي )
وكأنني تفيأت بها في ظل سنديانة في يوم قائظ
ستكتبين يا حبيبتي على خد الورق قصيدة
أو سترسمين بريشتك الأمل على حائط التحدي
وستغنين بلا صوت أغنية البقاء
رشيدة
لكِ كتبت اليوم رداً على أحرفك الصغيرة التي تشبثت بسطرها
واصطفت لأقرأها فحضرت القصيدة
تعالي يا إبنتي لنزيل ضباب حولنا ونرد على بعض الحماقات
ولنجعل للصمت أبجدية يغزل بها من خيوط الشمس
أملاً بأصم واعٍ مثقف صمته حديث
وإشارته حديث يليق به أن يُحكى
أحبك رشيدة يا لغة الورد في موسم المطر
ايمان حمد
أنثى القمر
للمزيد من مواضيعي
آخر تعديل سنابل البوح يوم
08-15-2021 في 02:04 AM.
|