عرض مشاركة واحدة
قديم 12-21-2020, 10:26 PM   #23
وه


الصورة الرمزية جابر محمد مدخلي
جابر محمد مدخلي غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 5
 تاريخ التسجيل :  Sep 2020
 أخر زيارة : 05-16-2024 (11:15 PM)
 المشاركات : 38,523 [ + ]
 التقييم :  105964
 MMS ~
MMS ~
 SMS ~

لوني المفضل : Cadetblue


افتراضي رد: قلبٌ مثقوب وذاكرة معطوبة




23

الثناء ليس إلا صنعاً إنسانياً لو قام به البشر فيما بينهم لما رأينا ضعيفاً، ولا رأينا محتاجاً، ولا هممنا بالتربيت على كتف مسكينٍ ببضع نقود. الثناء لحمةٌ طاهرة لا خنزير فيها، ولا ميتة، ولا تحتاج لوضوء إذا حانت الصلاة. الله تبارك وتعالى أثنى على المسلمين في مواضع كثيرة، ومختلفة. وكذلك الرسول صلى الله وعليه وسلم. لم تكن الملامح الطاهرة في الثناء إلا يقيناً لما يتوالد داخل أية روح كانت. أعرف الكثير على هذا الكوكب: وكلهم يعملون بجهد مكثّف، ويشعرون دوماً أنهم بحاجة إلى الكتابة، والوضوء بالثناء من الآخرين، إما على عباراتهم، أو على محاوراتهم، أو على مشاعرهم الطيبة، أو على سهراتهم التي يبذلونها في تتويج الأمسيات بأحاديث حالمة، وخيالية نقية، لا يمسها إلا المطهرون. الأدباء يصنعهم الحوار، ويرفعهم الثناء دوماً. والمثقفين يبدون بحاجة إلى الكثير والمزيد من العبارات لكي يقوموا بدور إجتماعي هام في إيضاح حقائق البشر وإثباتها، والنطق بها صدقاً، خالياً من كل النيّات الغبية. ثمة أحاديث تكبر بين كل الأرواح لتتحول إلى منهج، أو ذاكرة نقية لا يمسها لغب. حين أتحدث على الحدود الخارجية مع أيّ زميل للحرف فإنني أغتبط أيما اغتباط. على سبيل المثال: البريد الإلكتروني يستدعيني دائماً لترتيبه، وجعل لي أكثر من نافذة أصنع فيها ترتيباً إنسانياً، وروحانياً. لكل لسانٍ منهج، ولكل قلب حوار، ولكل عقلاً نافذة. أجلس طويلاً لأرتبهم، واقرأ تجاربهم، أو أحاول الإشادة بخواطرهم الرائعة، أو استشارتهم بتجاربي الكتابية. لا بأس من كل هذه المتعة، فكل المتع تلد عندما تشعر أنك قدمت لصديق الحرف، أو روح متعبة دواء صالح، إما لنصٍ، أو قلب. هناك المزيد من الجمال في تذوق الطهارات، والاقتراب للحظات خالدة. ربما تُصنع منها عالماً رائعاً، قد لا يولد إلا في الأفلام، والتلفزيونات النادرة. الحكايات عن قرب دوماً تصنع مصالحةً للعقل، وتعطّره بدفء مسالم، وتصنع الكثير من الحوارات في جلب الحظوظ، والاعتراف بقليلٍ من الأمطار التي تحدث أثناء السلام الذي يعمّ المحاورات، والمناقشات، وتقديم المساعدات الإشادية، والثنائية على كل روح تستحق، أو تحاول دوماً لتستحق. جميع أصناف البشر يأخذونا على حدودهم، ونأخذهم على صدورنا لكي نثبت أننا قادرون على الحياة، وأنّ هذا العالم ليس افتراضياً. بل هو مزيج من البشر الذين يسكنون، ويتعارفون خلف شاشات زجاجية، وأخرى بلاستيكة، وثالثة ضوئية تشبه الكواكب والنيازك التي لا تؤذي ولا تصهر أحداً.
الناس تريحهم البساطة، وتسعدهم العبارات الإضافية حين نقولها ويسمعوها لأول مرة. كذلك يسعدهم أنهم يتحسنون كل يوم في كسب المزيد من الهبات، والمواهب، وصناعة الكلام، وترتيب الروح من تعب الواقع، ودكتاتورية المحيط المؤسف. ولو لم يتقارب الناس ويتصالحون بالحديث لتفجرّوا كأنابيب غاز غاب عنها عاملها. لذلك التواصل مثل جسر معلّق كل الناس يتدافعون حوله، يصلح لأن يحملهم جميعاً دفعةً واحدةً إلا أنهم يحبون هذا الجسر فيخافون عليه من السقوط. فتراهم عادلين بتفهم إخلاص هذا الجماد، ثم لا يلبثوا أن يرتّبون أنفسهم لأجل سلامته فيسيرون عليه بأحمال أخف، وأرواح مثقلة بالسلام الذي خُلِق بينهم لأجل جماد لا يعدو كونه أكثر من جسر معلّق. هكذا يجب أن تكون أصناف البشر. يجب أن يكونوا جسوراً، فيعيشوا كل ما يقع على أيديهم، ويسعدوا بلحظاتهم، ويحاولوا تخليد كل ما يمكن تخليده من صدورهم، ومشاعرهم، وبياض عطاياهم، وسلامهم النقي. واحتياجاتهم الدائمة لكل شيء يسعد، وكل شيء يبهج، وكل شيء يصنع الخلود.. وإن كان خلوداً يوازي لحظة المرور على جسرهم المعلّق ثم الإنتهاء منه في الناصية التالية.
اللحظات الخالدة لا تتطلب إلا سلاماً وإيماناً متى وجدا فالناس في رضا، وابتهاج دائمين...



 
 توقيع : جابر محمد مدخلي


إلهي منحتني نعمة الكلام ، إلهي فاجعل آخره الشهادة...


رد مع اقتباس
 
1 1 1 2 2 2 3 3 3 5 5 5 6 6 6 7 7 7 8 8 8 10 10 10 11 11 11 12 12 12 13 13 13 15 15 15 16 16 16 17 17 17 28 28 28 30 30 30 31 31 31 32 32 32 37 37 37 38 38 38 39 39 39 41 41 41 44 44 44 45 45 45 46 46 46 47 47 47