عرض مشاركة واحدة
قديم 12-20-2022, 11:50 AM   #11


الصورة الرمزية بُشْرَى
بُشْرَى متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 20
 تاريخ التسجيل :  Sep 2020
 أخر زيارة : اليوم (08:21 AM)
 المشاركات : 221,252 [ + ]
 التقييم :  730536
 الدولهـ
Saudi Arabia
 الجنس ~
Female
 MMS ~
MMS ~
 SMS ~
لوني المفضل : Indianred


افتراضي رد: أدب أجنبي مُترجم



.
.
أبو الكلب - قصة قصيرة بقلم : موشي سميلانسكي / ترجمة : د . مح
أبو الكلب
قصة قصيرة
بقلم : موشي سميلانسكي
ترجمة
د . محمد أيوب
أبو الكلب ، هكذا سموه ، على اسم كلبه الذي أحبه أكثر من أي شيء آخر ، كان اسمه عبد الله ، هكذا أسماه أبوه ، كان أبوه عبداً ، اشتراه أحد أفندية يافا من السوق في مصر ، وبعد سنوات طويلة تحرر الأب وتوجه للإقامة في إحدى القرى ورعى الضأن ، وعندما كان عبد الله رضيعا ماتت أمه ، وعندما أصبح باستطاعته أن يخرج مع القطيع إلى الحقل مات والده ، كان عمره آنذاك خمس سنوات .
كان عبد الله عبدا أسوداً مثل أبيه ، وهنا تكمن مصيبته ، ومع ذلك وجد له في الحياة نصيباً ، وفي القرية أصبح عبد الله راعي ضأن ، كانت القرية صغيرة جدا ، بيوت معدودة فوق الصخور قرب شاطئ البحر على الطريق بين يافا وقيسارية ، هذا هو كل ما في الأمر ، وفي هذه القرية كان عبد الله هو الأسود الوحيد ، كان الشباب يسخرون منه ، لقبوه بلقب العفريت الأسود ، وكانت النسوة يشحن بوجوههن عنه عندما يمر في الشارع ، وكان الأولاد يرجمونه بالحجارة ، لم يكن ذلك من باب الكراهية ، وإنما من باب شقاوة الأولاد ، وقد فعلوا مثل ذلك مع كلب عبد الله الذي كان أبيض اللون ، نعم كان كلب الراعي الأسود الصغير أبيضا ، ومن أجل ذلك أحبه كثيرا .
كان راعي الضأن يسير على شاطئ البحر عندما وجد كلبه الأبيض جوعانا يرتجف من البرد، وقد سر عبد الله بالكلب الذي وجده وكأنه وجد كنزا ، فقد سبب له لونه الأسود الكثير من الألم والشعور بالتفاهة ، فقد كان لديه شعور بأنه ينقصه شيء ما ، ولكنه لا يعرف كنهه ، ومذ كانوا يسخرون منه أو يضربونه ، أو عندما كان جوعانا لم يبك ، ولم يصرخ ، كان يتجه إلى إحدى الزوايا ويجلس هناك ، يدرك كيف أن كل شيء بداخله يؤلمه ، ليست الضربات ولا السخرية ولا الجوع ، وإنما شيء آخر .. الشعور بالوحدة ، ولكنه لم يدرك السبب ، ولا كيف يمكن أن ينادوه باسمه .
ومنذ أن وجد الكلب ، أدرك أنه وجد ما ينقصه ، ومنذ ذلك اليوم لم يعد وحيدا ، فقد أحب الكلب الأبيض صديقه الوحيد وحافظ عليه كثيرا .
وعندما يحصل على قليل من الخبز والأرز، كان يأكل الخبز ويعطي الأرز لكلبه ، أما إذا حصل على الخبز الجاف فقط فإنه يقسمه مناصفة بينه وبين كلبه ، كان الكلب صغيرا جدا ، أبيض ولكنه غير جميل ، وكان أطفال القرية يرجمونه بالحجارة كما كانوا يرجمون صاحبه ، ولكن عبد الله الذي لم يكن ينبس ببنت شفة عندما يسخرون منه أو يضربونه ، ولكنه كان يدافع عن كلبه بقلب ثابت ، يدرأ عنه بجسمه ويتلقى الضربات بدلا من الكلب ، وكان في الوقت نفسه يصرخ بالأولاد : ولكنه أبيض !
وفي أحد الأيام مرض الكلب ، ورفض أن يأكل من الخبز الذي أعطاه له صاحبه ، فسرق عبد الله قليلا من حليب الضأن الذي يرعاه وسقاه لكلبه، الأمر الذي لم يفعله لنفسه ولا مرة واحدة، وقد سمع أصحاب الضأن بذلك فأخذوا الكلب وضربوه حتى الموت .
وذات ليلة ترك عبد الله القرية التي ولد فيها ، كان عمره عند ذاك خمس عشرة سنة ، مشى حتى وصل إلى مضارب البدو ، وهناك بقي طيلة حياته .
لم يعد لديه كلب ، ولكن لقب أبو الكلب لازمه طيلة حياته ، وبين البدو لم يكن لونه مصدر إزعاج له ، لم يسخروا منه ولم يضربوه ، ذلك أنه كان يوجد بينهم من كان أسود اللون ، ومع ذلك وفي قرارة نفسه كان يشعر بالألم ، كان يتمنى أن يكون مثل الجميع ، ومذ كان طفلا ، كان يغسل جسمه بماء البحر المالح ويحكه بالرمل حتى الألم ، ثم يعود إلى القرية بقلب مفعم، ولكنه بمجرد أن يسمع الصغار ينادونه بالأسود يدرك أن الأمل لم يأت بعد .
وعندما كبر أدرك أنه لا يمكن أن يكون أبيضا ، ولذا بدأ يحلم بشراء زوجة بيضاء وأن يكون له أولاد بيض ، ولم يتخل عن هذا الأمل حتى أيامه الأخيرة ، حتى عندما أصبح مسنا ، ولكنه لم يستطع أن يشتري زوجة ولو كانت سوداء ، ذلك أنه لم يكن يملك ولا بروطة واحدة " جزء من مائة جزء من الليرة الإسرائيلية القديمة " فأجرة عمله كانت خبزا وطعاما وملابس قديمة ، ولم ير النقود إلا بعد أن بدأ اليهود يأتون إلى المنطقة ، ولكنها كانت نقودا قليلة ، وقد أصبح هو مسنا .
وفي أحد الأيام توجهت إلى البادية للبحث عن حارس لأشجاري ، وقد وافق الراعي الأسود المسن على المجيء معي ، وفي ليلة جلسنا معا على شاطئ البحر وقص علي قصة حياته ، وبعد أن انتهى من الكلام صمت لحظات معدودة ، عاد وكأنه تذكر أمرا هاما ، قال : كان الكلب أبيضا .


 
 توقيع : بُشْرَى

.
.

يا بلسماً في الحب لك الروح ساخية
دم سالماً يا قرّة قلبي بصحة وعافية

#أبي


رد مع اقتباس
 
1 1 1 2 2 2 3 3 3 5 5 5 6 6 6 7 7 7 8 8 8 10 10 10 11 11 11 12 12 12 13 13 13 15 15 15 16 16 16 17 17 17 28 28 28 30 30 30 31 31 31 32 32 32 37 37 37 38 38 38 39 39 39 41 41 41 44 44 44 45 45 45 46 46 46 47 47 47