عرض مشاركة واحدة
#1  
قديم 11-21-2022, 10:57 AM
أحمد عدوان متواجد حالياً
SMS ~

Awards Showcase
لوني المفضل Cadetblue
 رقم العضوية : 99
 تاريخ التسجيل : Sep 2020
 فترة الأقامة : 1343 يوم
 أخر زيارة : يوم أمس (11:31 PM)
 المشاركات : 16,148 [ + ]
 التقييم : 37776
 معدل التقييم : أحمد عدوان has a reputation beyond repute أحمد عدوان has a reputation beyond repute أحمد عدوان has a reputation beyond repute أحمد عدوان has a reputation beyond repute أحمد عدوان has a reputation beyond repute أحمد عدوان has a reputation beyond repute أحمد عدوان has a reputation beyond repute أحمد عدوان has a reputation beyond repute أحمد عدوان has a reputation beyond repute أحمد عدوان has a reputation beyond repute أحمد عدوان has a reputation beyond repute
بيانات اضافيه [ + ]


Arrow •• أواخـرٌ ديسمْبَــــر •• (-3-)













أكنَّا نبالغ ؟
أكانت ساعات السهر تلك ، ساعات الحيرة والقلق وأوقات الحنين والوجع ، وأيام المزاج السيئ وأعوام الانتظار الطويل مجرّد لا شيئ .. مجرّد خرافة أو وهم صدّقته قلوبنا المجبولة على اقتناص الحزن وتعليقه كنياشين ناجٍ من حرب طويلة الأمد ؟
أكنّا نستعذب الآهات ونحتفي بها ؟ نستقبل الأرق كزائر عزيز ونجالسه حتى مطلع الفجر ؟ أكنّا نفعل ذلك عن طيب خاطر؟
لا والله يا صديقة أيامي وأوهامي ..
لقد قصم الفراق ظهر أمنياتي وتكفّل الوفاء بالبقية الباقية من الصبر والصمود الذي بحوزتي
ثم جاء ديسمبر الأول فابتدعَ في نفسي خطوطا متعرجة من الحنين والشوق والوله، أعادني طفلا يبكي لأجل أن يحصل على مبتغاه ، ولكن لا أحد من الكبار بجانبي كي يمنحني رفاهية ذلك الدلال الطفولي ، أتت أواخر ديسمبر فأحالتني فريسة للحزن الذي يلتهم ما تبقى من ذلك العاشق الذي تعرفين بأريحية كاملة ، ذلك البرد الذي يعبث خلف النافذة بأجساد العابرين كأنما ينبع من داخلي ، وتلك الريح التي تجوب الطرقات والشوارع كأنما تصدر من قلبي ولا تلبث أن تعود إليه ، ولا دفء سوى دفؤك ،وأنت محجوزة في الغياب كأنما قد أخذ منك ميثاقا غليظا لا تخلفينه أبدًا .
يأتي ديسمبر مجددا ، ماطرًا وأنت لا تمطرين ، جفاف يلقي سدوله المترامية على بصيص الأمل الذي أطعمه لأيامي، يأتي ديسمبرُ متطرفًا ببرده فيجعل القرب سمة الفارين منه ، وأنت لا تقتربين ، يأتي ديسمبرُ معلنا عن النهايات ،وأنت لا تنتهين ، مغروسة بقلبي كالرياحين وصامدة النخيل ، متشبثة الجذور كأشجار الزيتون والتين .
رسائلك التي كانت تملأ كفي لهفة وقلبي فرحا ، أخبارك التي كانت تعيد للحياة فصولها الزاهية ، تفاصيلك التي كانت تعيد صياغتي من جديد ، الكثير من الأشياء التي فقدتها بفقدك ، تبرز أنيابها بشهر ديسمبر ، تنهش وحدتي ، تقتطع صمتي ، ترتهن لحظتي ، وتجعل من الحزن الذي يعاشرني وحشا مفترسا لا يكفّ عن أخذ حصّته من الوجع بقلبي ،
حتى وأنا أقف على تل مرتفع من الصلابة المقنّعة وأوصد كلّ أبوابي وأدير ظهري لعشرات الأغنيات ، ومئات الرسائل ، وآلاف التفاصيل وكلّ أكوام الحنين المفرط القسوة ، حتى وأنا أفعل ذلك ، تتزاحم تلك الهشاشة التي بداخلي ، تقفز بين يديّ ، وتشير لي بعلامة النصر ، وكأني بقارئة الفنجان تقول لي : وسترجع يوما يا ولدي مهزوما مكسور الوجدان ، كأني بصوتك وابتسامتك تلوح لي من خلف ألف ألف مكان ، كأني بقلبك يقتحم خلوتي برسالة تحطّ من على كاهلي سنين الاغتراب وأعوام الانتظار وجبال الحنين المؤجل .
يا ديسمبر أخبرها بكلّ ذلك الوجد الذي ألاقي، ولكن إياك أن تعود في السنة المقبلة دون أن تحمل نبأ من سبأ ، إياك أن تأتي صفر اليدين منها ومن أخبارها، قل لها أنني حاولت أن أحبّها ببعض قلبي وما استطعت ، وددت لو أنني ادّخرت بعضه ليوم كهذا ، يوم لا أجد فيه قوت حبّي ، ولكن كان لذلك القلب رأي آخر ، لقد تمادى حتى ملأتِه بكل تفاصيلك ، حتى وأنت في ذمة الغياب لم أعرف كيف أستخلص لي جانبا يسيرًا منه أستعين به على غبن الحياة ، أبلغها أنني والله لا أبالغ فيما ألأقي ، ولا أزيد فيما أعاني ، وأنني قد بلغت مداي ، وأنتهت خطاي عند أبوابك الموصدة، أخبرني يا ديسمبر عن درب خالصة للنسيان لا تعبر من تفاصيل الوجع ، ولا تجتاحها تفاصيل الذاكرة المكتظة بها ، ثمّ أبلغها أن تُعتق أو تشفق ، فإن البعد قد أوشك على قصّ أجنحة الفرح التي خبّأتها لأجلك ، إياك أن تعود في الموسم القادم قبل أن يكون في جعبتك شيئ ما ، وإن عاندتك الحظوظ السيئة ، فلا تعد أبدًا قبل أن توقن أنني ما عدت فوق التراب !
أعلم أن بعض النساء يأتين على هيئة أمنيات لا تتحقّق ، وأنت منهن يا رفيقة أحلامي وأيامي ، يا شريكة أوهامي المتعاظمة ، أنت شطر الحياة الذي لا يُنال ، وأنت الفتنة النائمة التي تستنزف أعوامي واحدا بعد آخر. وكلما أوشكت أيام ديسمبر على الانقضاء ، أودِعُك رسالة آخرى وأمضي ، أعلم يقينا أنّك لا تقرئين ، وأعلم يقينا أنّني العاشق الذي يرفض أن يموت وفي صدره شيئ من الندم ، أو شيئ من الأمل ، لقد آليتُ على قلبي أن أستنزف كل ما فيه من حنين ووحشة وانتظار وشغف وحب إلى أن أفرغَ تماما منك ، وأنا أعلم تماما أن ذلك اليوم الذي يحصل فيه ذلك سيكون آخر أيامي .. !
تمنيت أن أفقد أبجديتي قبل حلول ديسمبر، أن أفقد رغبتي بالكتابة إليك ، لا أملك ترف أن أفقد حبّك أو أتخلّص منه ، لكنني لازلت أملك قدرًا يسيرًا من الحروف المكدّسة على ناصية انتظارك ،حروف وكلمات وددت لو أنها كانت أكثر أناقة ولباقة ، أكثر تجمّلا وتعطّرًا كي تصل إليك ، تستدرج آخرالعناقات التي تركتِها لي على معطفي الأسود في ليلة ديسمبرية آثر النسيان أن يتركها على باب ذاكرتي .. تمنيت ألا ألتفت ، أن أتجاسر على السير من طرقات لا تؤدي دروبها إلى حيث أنت ، لكنني ككلّ مرّة أجدني هناك ، دائما أقترب من الحافة ، حافة اليأس ، وحافة القنوط ، وحافة النسيان ، ولكني لا أسقط ، أظلُّ أقاوم وأنجو ، الحقيقة أنني لا أنجو تماما ، أنا فقط أحصل على المزيد من طول الأمل الذي لا أعرف من أن يأتي ، ذلك الأمل الذي يهمس في قلبي ويقول لي : سينتهي ديسمبر وتنتهي الأيام المرّة معه !
للمزيد من مواضيعي

 

الموضوع الأصلي : •• أواخـرٌ ديسمْبَــــر •• (-3-)     -||-     المصدر :     -||-     الكاتب : أحمد عدوان





 توقيع : أحمد عدوان

حسابي على تويتر


رد مع اقتباس
 
1 1 1 2 2 2 3 3 3 5 5 5 6 6 6 7 7 7 8 8 8 10 10 10 11 11 11 12 12 12 13 13 13 15 15 15 16 16 16 17 17 17 28 28 28 30 30 30 31 31 31 32 32 32 37 37 37 38 38 38 39 39 39 41 41 41 44 44 44 45 45 45 46 46 46 47 47 47