الموضوع: المُجاملة
عرض مشاركة واحدة
#1  
قديم 11-19-2022, 09:46 PM
مُهاجر متواجد حالياً
Awards Showcase
لوني المفضل Cadetblue
 رقم العضوية : 591
 تاريخ التسجيل : Feb 2022
 فترة الأقامة : 852 يوم
 أخر زيارة : 05-09-2024 (10:44 PM)
 المشاركات : 17,642 [ + ]
 التقييم : 17983
 معدل التقييم : مُهاجر has a reputation beyond repute مُهاجر has a reputation beyond repute مُهاجر has a reputation beyond repute مُهاجر has a reputation beyond repute مُهاجر has a reputation beyond repute مُهاجر has a reputation beyond repute مُهاجر has a reputation beyond repute مُهاجر has a reputation beyond repute مُهاجر has a reputation beyond repute مُهاجر has a reputation beyond repute مُهاجر has a reputation beyond repute
بيانات اضافيه [ + ]


افتراضي المُجاملة



قال :
هل سيخلو العالم من المجاملات يوما ما ؟
أم أننا سنظل نعيش مطبلين مجاملين للأبد ؟

أثبت التاريخُ أن الكل يلجأُ لدرء الشر ،
عن نفسه وجلب المنافع والخيرات بمجاملته
من لديه منفعته وفي قلمه خفضه ،
أو رفعه أي كأنه حركات التشكيل نراها رافعة تارة ،
وخافضة وناصبة تارة أخرى ،

فيا ليتنا لم ننسَ أن الكسرةَ في الممنوع
من الصرف لا يفرق إلا الحاذق بينها
في حالتي النصب والخفض ،

بل ليتنا لم نتناسَ أن الحقَّ سبحانه وتعالى ،
هو الرافع الخافض وهاتان الصفتان ،
وما شابههما من السنة قراءتهما معا ،
كالمعز والمذل.


قال مُعقبا :
أن التاريخ أثبت ذلك؛ لأتساءل بعدها ما الدوافع ،
التي تجعل بعضنا مطبلا مجاملا اجتماعيا أيضا ،
أمام شخص لا يملك نفعنا ولا ضرنا أبدا.

يعجبني بيت أحمد شوقي الذي قيل أن راقصة
تابت فورَ سماعه : خدعوها بقولهم حسناء *
والغواني يغرهن الثناء ،

نعم غر بعض من يرين أنفسهن مغردات ،
أو مثقفات ، أو كاتبات ، أو جميلات تكالب
بعضُ الشباب عليهم في مواقع التواصل الاجتماعي ،

والمنتديات كما غرَّ بعض الشباب
حسن صورهم وجمالهم وتطبيل أصدقائهم ،
بما يمتلكونه من مميزات أو سيارات ،
أو مقلمة أظافر ؛

فين هذا وذلك اختلط الحابل بالنابل ،
وتبدلت المفاهيم ،
وماتت القيم وصار الجميع يتغنون متباكين
على اللبن المسكوب ((وابكِ المنازل ،
بعد الظاعنين دما..

إن لم ترَ الدمع يقضي عنك ما وجبا)).
والنتيجة؛
رأينا أنفسنا مظلومين بنفس العين ،
التي يرانا الطرف الآخر بها بأننا ظالمين.
حتى لا تتوقف عجلة الحياة عند منعطف خير ،

وتنتحر الآمال عند مصارع الحقيقة ،
التي ندركها متأخرين ،
ولم يبقَ في البرواز إلا بلورا مهشما مكسورا.,
وقبل أن أختم أذكر قصة قرأتها ،
أن شخصا سألوه عن صديقه
في مسألة زواج فقال :
لا أعرفه ، لم أصحبه في سفر ،
ولم أجربه في خطر أي أمر يثبت باطنه،
ومواقفه .

والآن أطرح بين يديكم موضوعي
هذا:
1- هل ترى كلامي بعيدا عن الواقع ،
أو واقعا أو شيئا مبالغا فيه، واقنعني لماذا؟

2- من وافقني أو خالفني هاتِ
لي قصة تذهب بالنظرة السوداوية ،
التي أراها حاليا أو اشرق بها علي بأمل يعيد لي ما فات؟

3- هل تؤمن أن أعضاء القروب الواحد (في الواتساب ألخ) متحابين متناصحين لا متناطحين رغم أن بعضهم ،
ينسفنا نسفا ويذكرنا بما لم يعلق بذاكرتنا
من مواقف لأننا لم نقصد به شيئا ؟

4- هل تؤمن بعبارة الناجحون يبحثون دائما
عن الفرص لمساعدة الآخرين ،
بينما الفاشلون يسألون ماذا
سوف نستفيد نحن من ذلك؟





قلت :
في ميدان الأخوة كان من المنطق ،
والواجب أن يكون حسن الظن هو المحافظ
على أمشاج التلاقي واستمرار التواصل ،

وأن يكون استجلاب الملاطفة ،
والتحفيز هو وقود العطاء ،
واستمطار المحبة والاخاء ،

وما نعيش واقعه في عالم التواصل ،
وذاك التجانس والتداخل ،
والتشابك يحتم علينا :
التحري
و
الدقة
و
الحرص

على مراعاة المنطوق ، والمكتوب ،
كي لا يَفرط منا "حرف طائش" غير مقصود ،
ليُحَطم ، ويهدم قواعد البنيان ،
لتلك الصداقة والتعارف ،
لنكون بذلك رهيني الأحزان ،
والهموم والغموم ،


ما نلمسه هو ذاك الاحساس المرهف المبالغ فيه
_ في غالب الأحيان _ ،
والذي هو موهن لكل علاقة ،
حتى يكاد من ضعفه ووهنه أن يكون ،
أوهن من خيط العنكبوت !

بحيث يجعل من الصداقة ، والأخوة قائمة على
" جُرفٍ هارٍ" يكاد أن ينقض ،
ويسقط على رؤوس المتوادين !


من هنا :
لابد أن يكون لذاك الخطر من طوق نجاة ،
ومن تسوير ووسائل وقاية ،
للحفاظ على مشعل الأخوة ،

ومن ذلك تلكم " المجاملة " ،
التي تطفي نار الفرقة ،
وتُجلي من القلب الشُقة ،

ولا أعني بذلك أن نجعل من نخالل،
ونوادد يهيم بوجهه في الخطأ !
ونحن نصفق له ونهتف على الأثر!

فهناك من الأمور ما نداري بها ،
وما نقي أنفسنا بها الشر إذا ما تجاوزنا الأخوة ،
والصداقة من ذلك الحد ،

ففي الحياة نواجه الكثير من صنوف البشر،
الذين يتمايزون في مشاربهم ، وأخلاقهم ،
وأحوالهم ، فكان لزاما أن يكون منا لذاك ،
ومن ذاك على حذر .


تفكرت في فعل النبي
_ علية الصلاة والسلام _
الذي جاء في هذا الحديث المروي عنه :
عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ, أَنَّ عَائِشَةَ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا- أَخْبَرَتْهُ قَالَتْ :
((اسْتَأْذَنَ رَجُلٌ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
-, فَقَالَ: ائْذَنُوا لَهُ بِئْسَ أَخُو الْعَشِيرَةِ أَوْ ابْنُ الْعَشِيرَةِ,
فَلَمَّا دَخَلَ :
أَلَانَ لَهُ الْكَلَامَ, قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ,
قُلْتَ الَّذِي قُلْتَ, ثُمَّ أَلَنْتَ لَهُ الْكَلَامَ,

قَالَ :
أَيْ عَائِشَةُ: إِنَّ شَرَّ النَّاسِ مَنْ تَرَكَهُ
النَّاسُ أَوْ وَدَعَهُ النَّاسُ اتِّقَاءَ فُحْشِهِ)) .


إنسان شرير بطاش لا يرحم،
فإذا داريته تلطفت معه ،
بششت في وجهه من أجل أن تدفع شره,
فهذا من المداراة .


ولا يعني هذا هو الموافقة ،
والمسايرة لظلمه وإعانته عليه .
( ادْفَعْ بِاَلَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ
وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ ) .


المُدَارِي ( وهو المُجَامِلُ أيضا ) ،
فلا يُضمِرُ الشر لأحد ،
ولا يسعى في أذية أحد في
ظاهر ولا في باطن ،

ولكنه قد يظهر المحبة ، والمودة ،
والبِشر ، وحسن المعاملة ،
ليتألف قلب صاحب
الخلق السيء ،

أو ليدفع أذاه عنه ،
وعن غيره من الناس ،
ولكن دون أن يوافقه على باطله ،
أو يعاونَه عليه بالقول أو بالفعل .


وهو عكس النفاق :
إذا أُطلق لفظ النفاق ،
فإنه يستوحي معانيَ الشر كلها ،
ولم يكن النفاق يوما محمودا ، ولو من وجه ما ،
ويعرِّفُه علماء السلوك بأنه إظهار الخير ،
للتوصل إلى الشر المضمر .

فالمنافق لا يبتغي الخير أبدا ،
وإنما يسعى للإضرار بالناس ،
وخيانتهم وجلب الشر لهم ،


ويتوصل إلى ذلك بإظهار الخير والصلاح ،
ويلبَسُ لَبوس الحب والمودة .

هناك خيط رفيع بين " النفاق والمجاملة " ،
وإن كان ذاك الخيط يحوي بين ضفتيه
معانٍ عظيمة تجعل ما بين المصطلحين
بوناً سحيقاً ،

وما عنيته ما بين هذا ،
وذاك لكون البعض من الناس يرى بمنظوره ،
ولعل وقوده في ذاك الذي استقر في قلبه،
وفكره من معطيات تضافرت
ليكون الاستنتاج ،
والنتيجة من خلال ذاك ،


من هنا :
كان لزاما علينا دراسة الوضع قبل الحكم
_ أتحدث بشكل عام _
من أجل التفريق بين هذا وذاك .


تلكم المجاملة في نظري :
هي طب القلوب ومسكنة لما في القلب يمور ،
وإن كان في المقابل نُراعي " الكم والكيف " ،
وظرفي " الزمان والمكان " ،
كي لا يزيد الأمر ,
ويتجاوز بذلك حده " لينقلب ضده " !


ولا أنكر _ رأي شخصي _
أن يدخل في تلكم " المجاملة " ،
هدف ومصلحة آنية ،

تخرج عن سياق الصداقة ، والأخوة ،
حين تتحول لمشروع دنيوي دني ،
وفي أثناء ذلك يخرج الأمر عن معنى
المجاملة الحميدة المحمودة ،

لتصل وتتصل بأطراف النفاق،
الذي من ضمن معناه هو :
" إضمار الشر وإطهار الخير

من أجل الشر " !

لا أن تكون السريرة صافية ،
ومن تلكم المجاملة ، والمداراة استقطاب البعيد ،
وارجاعه لحوزة الصراط المستقيم .


وما على الواحد منا إلا أن يكون نسيج نفسه ،
وأن يكون هو المُحرك ، وهو الباعث لكل خير .

وتبقى الناس أجناس ،
وخليط يحوي ويحتوي على :
الصالح ، والطالح ،
والوفي ، والخائن ،
والمنافق ، والموادد ،


وأن يكون ذاك الذي يسعي لتقريب البعيد ،
وزرع الخير ، ووأد الشر وقلع :
الشقاق
و
الجفاء
و
الهجر .



مُهاجر
للمزيد من مواضيعي

 

الموضوع الأصلي : المُجاملة     -||-     المصدر :     -||-     الكاتب : مُهاجر







آخر تعديل مُهاجر يوم 11-19-2022 في 09:49 PM.
رد مع اقتباس
 
1 1 1 2 2 2 3 3 3 5 5 5 6 6 6 7 7 7 8 8 8 10 10 10 11 11 11 12 12 12 13 13 13 15 15 15 16 16 16 17 17 17 28 28 28 30 30 30 31 31 31 32 32 32 37 37 37 38 38 38 39 39 39 41 41 41 44 44 44 45 45 45 46 46 46 47 47 47