الموضوع: الحلوى
عرض مشاركة واحدة
#1  
قديم 07-07-2022, 04:03 PM
الغيث غير متواجد حالياً
    Male
Awards Showcase
لوني المفضل Cadetblue
 رقم العضوية : 395
 تاريخ التسجيل : May 2021
 فترة الأقامة : 1109 يوم
 أخر زيارة : يوم أمس (11:23 PM)
 المشاركات : 317,067 [ + ]
 التقييم : 824413
 معدل التقييم : الغيث has a reputation beyond repute الغيث has a reputation beyond repute الغيث has a reputation beyond repute الغيث has a reputation beyond repute الغيث has a reputation beyond repute الغيث has a reputation beyond repute الغيث has a reputation beyond repute الغيث has a reputation beyond repute الغيث has a reputation beyond repute الغيث has a reputation beyond repute الغيث has a reputation beyond repute
بيانات اضافيه [ + ]


افتراضي الحلوى











للتو عاد الصبي ( أحمد ) من مدرسته الواقعة على شاطئ البحر الذي لا يحجبه عن دورها الأرضي إلا بعض المستودعات ذات البناء الشعبي والمحاطة بدكة من البلك المُليَّس بالأسمنت
لحمايتها من البحر الذي كثيرا ما يغمرها بمائه المالح ، وهذه المستودعات كانت تعود لعائلة تجارية مرموقة في المدينة .
اليوم الخميس ، وهو يعد متنفسا لأغلب الطلاب لأن الدراسة فيه تنتهي بنهاية الحصة الرابعة حسب أنظمة وزارة المعارف آنذاك .
داخل شنطة من الطراز القديم وضع أحمد كتبه وحملها بمقبضها العلوي ممتشقا طريق العودة إلى داره ، مبتعدا عن بعض الرفاق الذين يروق لهم إيذاء خلق الله بشرا كانوا أو بهيمة ، فقد تربى في أسرة أرضعته حب الخير واحترام الغير .
واصل أحمد سيره وهو يتذكر مشهدا تمثيليا نفذ في ندوة هذا اليوم ، حيث كان المشهد يدور حول الصراع الفلسطيني الإسرائيلي ، وبطولات الفدائيين ضد الصهاينة ردا على ما يلاقونه من عذاب وتنكيل واضطهاد ، يومها كان الزخم الإعلامي متقدا وعلى كل المستويات مناصرة للقضية الفلسطينية ، وكان جاره الصغير ( عمر ) قد تقمص في هذا المشهد دور أحد الضباط اليهود وهو ينكل بأحد سكان الأرض المحتلة ، وقد عصب عينه اليمنى بغطاء مطاطي أسود على شكل دائرة مثبت حول الرأس برباط من نفس المادة وأخذ يقوم ببعض الحركات الهستيرية ويردد :سيِّدي ، سيِّدي ، مما أثار ابتهاج أحمد وجعله يرسم على شفتيه ابتسامة عريضة ويمني نفسه القيام بأداء إحدى الفقرات في الندوة القادمة وكسر حاجز الخوف والحياء والتردد .
كانت هذه الندوة تقام يوم الخميس بعد الحصة الرابعة بمعدل نصف شهري وتحتوي على التوجيه والمعلومات المتنوعة والفكاهة والمشاهد التمثيلية في إطار ( النشاط اللاصفي ) !
مضى أحمد وهو يتذكر ذلك ــــ تارة ــــ ويسترق النظر إلى بعض رفاقه أخرى ، وهو يشاهدهم وقد تجمعوا حول ذلك المُسن النحيل الذي تربع أمام طشت معدني دائري الشكل مليء بحلوى البقلاوة المحمرة وبجانبها زجاجتان مملوءتان بالشيرة الحمراء يسمونها عسلا حيث يقوم الرجل العجوز بصب الكثير من هذه الشيرة فوق البقلاوة بعد تقطيعها ؛ ليقوم الصغار بغمس قطع البقلاوة في العسل والتهامها بمشاركة كتائب الذباب مقابل بعض النقود الزهيدة ، وعلى النيات ترزقون فلا يصاب أحد منهم بأذى .
يواصل أحمد سيره بمحاذاة الجامع الكبير ويأخذ حذره من أي سيارة قادمة من الشارع الآتي من جهة المضريبة والفاصل بين ساحة وقوف الشاحنات والمحناط قد تباغته فجأة ، بينما تصل إلى أسماعه ضجة السقاة وقد احتدموا في ( بازان ) الماء الواقع بين مبنى الجمارك ومدخل الميناء وقد اختلطت أصواتهم مع نهيق دوابهم وفاحت رائحة فضلاتها المختلطة بالماء المنساب من فتحات الصفائح القديمة ( التنك ) أو براميل العربات التي تجرها الحمير على تلك الأرض الموحلة حتى كادت أن تلامس أنفه الصغير .
استحضر أحمد أحلامه وهو يكاد يقطع المسافة بين زاوية الجامع ومبني البريد القديم ويتمني أن يصل إلى منزل ذويه في حارة الساحل ويرمي شنطته وعناء أسبوع دراسي ، وآثار ضرب بعض المعلمين الجلادين على أقرب قعادة ، ويخرج بسرعة إلى أقرانه ؛ ليستمتع معهم بإجازة نهاية الأسبوع ، لكن القدر كان أسرع حين باغتته سيارة مسرعة قادمة من جهة الشرق ؛ لتنهي أحلامه الصغيرة ، وأمنيته في أن يتناول شيئا من حلوى البقلاوة في بداية الأسبوع المقبل .

***
حصري
الحلوىالحلوىالحلوى
للمزيد من مواضيعي

 

الموضوع الأصلي : الحلوى     -||-     المصدر :     -||-     الكاتب : الغيث





 توقيع : الغيث

علمتني الحياة أن أبني جسرا من الأمل فوق أي بحر من الأحزان

رد مع اقتباس
 
1 1 1 2 2 2 3 3 3 5 5 5 6 6 6 7 7 7 8 8 8 10 10 10 11 11 11 12 12 12 13 13 13 15 15 15 16 16 16 17 17 17 28 28 28 30 30 30 31 31 31 32 32 32 37 37 37 38 38 38 39 39 39 41 41 41 44 44 44 45 45 45 46 46 46 47 47 47