الموضوع
:
مع " لامية العجم للطغرائي رحمه الله تعالى
عرض مشاركة واحدة
#
1
04-22-2022, 11:05 PM
SMS ~
[
+
]
Awards Showcase
لوني المفضل
Indianred
رقم العضوية :
20
تاريخ التسجيل :
Sep 2020
فترة الأقامة :
1356 يوم
أخر زيارة :
اليوم (12:58 AM)
الإقامة :
بين سطور الضّاد
المشاركات :
221,301 [
+
]
التقييم :
731379
معدل التقييم :
بيانات اضافيه [
+
]
مع " لامية العجم للطغرائي رحمه الله تعالى
مع " لامية العجم للطغرائي رحمه الله تعالى
مع
"
لامية
العجم
"
للطغرائي
رحمه
الله
تعالى
د: عثمان قدري مكانسي
قال صاحبي : لعلك قرأت
لا مية
الطغرائي .
قلت : وأنا معجب بها ، ففيها حِكم وعظات ، وخبرة واعية في الحياة لخصها صاحبها
رحمه
الله
خفيفة على البحر الوافر ذي النغمة الموسيقية مقام
"
البيات
"
، وما أقرؤها إلا هكذا- منغمة- أوقاتَ فراغي أو بين معارفي .
قال : أوَما وجدت فيها بعض الأفكار غير الناضجة ؟
قلت : ألا تذكر قول ابن برد :
ومن ذا الذي ترضى سجاياه كلها ؟ كفى المرءَ نبلاً أن تُعَدّ معايبُه
قال : ولكنها أخطاء شاعر كبير !..
قلت : تذكر قول الإمام مالك رضي
الله
عنه وهو في مسجد المصطفى عليه الصلاة والسلام يقول منبهاً إلى الطبيعة البشرية الناقصة :
"
ما من رجل إلا أخذ منه ورُدّ عليه إلا صاحب هذا القبر
"
وأشار إلى حيث يثوي الحبيب المصطفى عليه أفضل الصلاة وأتم السلام ,...
وأردفت متسائلاً : ثم قل لي يا صاحِ : أهي أخطاء فادحة ؟ إني لا أرى ما تقوله ، فهلا أفصحت فما كان يخطر ببالي ما تظنه؟ .
قال : ليست أخطاء بل مآخذ قد أكون المخطئ فيما فهمت ، إنما هي أفكار أود طرحها في لقائنا فأردت استثارتك ، وهذا أسلوب لقدح العقول وشحذ القرائح .
قلت : لا حاجة إذاً للخوض فيما نتفق ، فهات ما تظنه نقصاً أو أفكاراً غير ناضجة كما ذكرتَ، علني أوافقك عليه أو أناقشك في ما لم يرق لك .
قال فلنبدأ بالمقدمة :
اعتزل ذكر الأغاني والغزل *** وقل الفصل وجانب من هزلْ
ودع الـذكـر لـأيـام الـصـبــا *** فـلأيــام الصـبـــا نجــم أفــَـلْ
إن أهـنــا عـيشـة قـضـّيتـُهـا *** فـنيـت لـذّاتهـا ، والإثـمُ حــلْ
واترك الغادة ، لا تحفل بهـا *** تُمسِ في عـزّ رفـيع ، وتُجَـلْ
فالطغرائي يدخل علينا بالأمر : اعتزل ودع واترك ولاتحفل .. والأمر الكثير منفـّر، لا أرتاح له . ويطلب إلينا أن نعتزل النغم والشدو ، وهو سجية من سجايا الإنسان التي جبل عليها ،، وربما أراد التخفيف منها لا تركها بالكليّة ، إلا أنه – برأيي لم يوفق في ذلك .. كما أنه يأمر بنسيان الماضي – أيام الصبا والجمال – ومن منا يرضى أن ينسى أحلى أيام حياته – الشباب - ؟ وعلام ينساه ، والشباب جنة الحياة ونسغها النضير المتفجر بالحيوية والقوة ؟! وهل الحياة إلا ذكرى وحاضر ومستقبل ؟ ولا يقوم الأخيران إلا على الماضي .. ولئن أفل الماضي إنه ليعيش فينا ، ونتنسمه مسكاً وريحانا .
ومن قال إن الإثم ملازم أحلى أيام قضيناها ؟! وهل بالضرورة أن يكون السعد بما يغضب
الله
تعالى
؟! إنها لأفكار شيطانية لا يقول بها إلا من انغمس شبابـَه بالأخطاء ، فلما كبر وعقل ذهبت النشوة وجاءت الحسرة ، وقد كان حياتنا في صبانا طيبة النشر عبقة الرائحة ، ولم يكن فيها إثم بفضل
الله
ورعايته ، إنما كانت في مرضاة
الله
وطاعته ، ولئن ذهبت لذات الشباب إن للكهولة والشيخوخة وكل مراحل الحياة لذاتٍ خاصة بها ، تناسبها ويسعد الإنسان بها . ولو ذهبت اللذات كما يدّعي الطغرائي لانقلبت حياة الناس جحيماً . ولطلبوا الموت
وعلى هذا تراه يطلب التحول عن الغادة وعدم الاهتمام بها ، وكأن اللذات عنده مادية فقط ! ولمَ لا تكون الزوجة – مثلاً – غادة الرجل ؟ ولماذا ينصرف الرجل عن المرأة الصغيرة أو الكبيرة مادام يرى في نفسه الرجولة ؟ أليس في سيرة رسول
الله
صلى
الله
عليه وسلم وأصحابه رضوان
الله
عليهم منارات وقدوة في كل مناحي الحياة ؟! .
وتعال معي إلى أبياته التالية تخجل من التصوير الذي رسمه للغلام الأمرد في غير موضعه ، وسمّه إن شئت تكلفاً ولزوماً من الشاعر لا يلزم :
والـْـهُ عـن آلـة لـهــو أطـربـتْ *** وعن الأمـرد مـرتجّ الكفـلْ
إن تبَدّى تنكسف شمسُ الضحى *** وإذا ما ماس يُزري بالأسلْ
زاد إن قـسـنــاه بالـبـدر ســنــا *** أو عدلنـاه بغصن فـاعتـدل
فهو يسمح لنفسه أن ينظر إلى ارتجاج كفل الفتى فيصوره ، وإلى صباحة وجهه الأمرد ، وجعل جماله يفوق الضوء الشمس ، وميلانه في مشيته ممشوقاً يزري بليونة الرماح النضرة ، وهو أجمل من القمر.. و .. صور مبتذلة تثير التقزز ، وتقدح بالمعنى الذي يتلوه مباشرة :
وافتكـر في منتهى حسـن الذي أنت تهـواه تجد أمراً جـلـلْ
قد انتقل من الأسود إلى الأبيض مباشرة ، فأحرق الصورة الثانية بما أثار من شهوات في الصورة الأولى .
لم أكن أخالف صاحبي كثيراً فيما قاله ، فنحن من مدرسة نقدية واحدة ، وكثيراً ما سمع مني وسمعت منه ، فكنا متقاربين في النظرات ، نتغاضى عن ثانويات ما نختلف فيه .
قلت هات ، فأنا مصغ إليك .
قال : ويقول الطغرائي في الدنيا :
اطـرح الـدنـيـا فمن عـاداتهـا *** تخفض العالي وتعطي من سفلْ
كم جهـول بات فـيهـا مكـثـراً *** وعــليـم بـات مـنهــا فـي عـلـلْ
فـاتـرك الحيـلـة فيهــا واتـئـد *** إنمـا الحـيـلـة في تـرك الحـيــلْ
فالشاعر الطغرائي يرى الدنيا على حقيقتها ، ويعلم أن الرزق مقسوم ، وليس للذكاء و" الفهلوية
"
دور في الحصول على الرزق ، والله
تعالى
يقول
"
وفي السماء رزقكم ، وما توعدون
"
ويؤمن بقوله
تعالى
"
إن
الله
يرزق من يشاء بغير حساب
"
فيطلب الشاعر أن ندع الاهتمام بتحصيل المال ونبتعد عن التحايل له .
قلت : ثم ماذا؟
قال : يقول الشاعر بعدها :
اكتـم الأمريـن فـقـراً وغنى *** واكسب الفلس وحاسب من بطلْ
فنصح بالعمل والبحث عن المال !
قلت لم يتعدّ أن فعل ما أمر به المصطفى صلى
الله
عليه وسلم .
قال كيف ؟
قلت : ألم يأمر الشاب الذي طلب مساعدة - ورآه جلداً- أن يحتطب ، وقال صلى
الله
عليه وسلم
"
لأَن يأخذ أحدكم أحبله ثم يأتي الجبل ، فيأتي بحزمة من حطب على ظهره ، فيبيعها ، فيكف
الله
بها وجهه خير له من أن يسأل الناس أعطَوه أو منعوه "
ثم اقرأ ما قاله متألماً من عصره ومن أيامنا هذه - لو كان حياً – إذ رأى الناس يعظمون صاحب المال ويقدمونه على الفقير :
غيـر أني في زمان من يكن *** فيـه ذا مـال هـو المولى الأجـلّ
واجب عنـد الـورى إكرامُـه *** وقـلـيــل المـال فـيهـم يُســتـقــَلّ
ثم يعلن ما ينبغي أن يكون بحق : أن صاحب الفضل لا يعيبه قلة المال أبداً :
لا يضر الفضـلَ إقلال كمـا *** لا يضر الشمس إطبـاق الطفـلْ
قال صاحبي : لم أكن أقصد التعالم أو النيل من الشاعر
رحمه
الله
، فحسبه كرامة أن أجرى
الله
تعالى
قصيدته هذه بين الناس ، فعرفها القاصي والداني على مر القرون ، وأفادوا منها ، إلا أنني أتساءل ليس غير وأريد الوصول إلى الحق .
قلت هات غيرها يا صاح ،
فقال : ينهى الشاعر الناس أن يفخروا بجدودهم وأصولهم ، ويحضهم على الاعتماد على أنفسهم كي لا يكونوا خاملين فيقول :
لا تقل : أصلي وفصلي أبداً *** إنما أصل الفتى ما قد حصل
قد يسود المرء من غير أب *** وبحسن السبك قد ينفى الدغل
قـيـمـة الإنـسـان ما يحـسنـه *** أكثـرَ الإنـسانُ مـنـه أو أقــَلّ
ثم تراه بعد ذلك يفخر أنه من نسل الصديق رضي
الله
عنه فيقول :
غـيـر أني أحمد الـلـه عـلى *** نسـبي ، إذ بأبي بكـر اتصلْ
قلت لا ضير أن يعتمد الرجل على نفسه ، ثم يحمد
الله
تعالى
أنه ينتسب إلى رجل عظيم كالصديق رضي
الله
عنه ، فيكون قد جمع بين الحسنيين ، العمل الصالح والنسب الأصيل .
ثم رأيت صاحبي ينظر إليّ بعين العتب ، فقلت : مالك ؟
قال : شكوتُ من بعض الأفكار ابتداء وظننت ُ أنها غير ناضجة ليس إلا .
قلت : أبقي شيء ؟
قال : نعم ، واحدة .. ترى الشاعر ينصح ، ونصائحه رائعة ، إلا أنه يفخر بنفسه ويعتد بها مع تحد واضح ، وهذا من الناصح المعلم ممجوج ، كقوله :
أنـا مثـل المـاء سـهـل سـائغ *** ومتـى أســخـَنَ آذى وقـتــلْ
أنا كالخيـزور صعب كسـرُه *** وهْـو لـَدنٌ كيفما شئت انفتل
قلت : لا تنس يا صاح أن من نصائحه التي أعجبتنا أن يحني الإنسان رأسه للإعصار القوي المدمر ليسلم منه ، ينحني لا عن ذل وضعف إنما عن حكمة وتبصر حين قال :
جانب السلطان واحذر بطشه *** لا تعـانـد مَن إذا قـال فعـلْ
ومن ذلك مداراة السفيه وعدم مصادمته والصبر عليه ، أو الانتقال عنه دون مشاكل :
دار جار السوء بالصبر وإن *** لم تجد صبراً فما أحلى النقلْ
فلربما ظن قارئ القصيدة ومن سمعها ضعف الشاعر وخوره ، فهو ينفي عنه ذلك ، ويؤكده قولُ المصطفى عليه الصلاة والسلام أنه
"
ليس الشديد بالصّرَعة ، إنما الشديد الذي يملك نفسه عند الغضب .
"
ألم يصبر الرسول صلى
الله
عليه وسلم وهو بطل الأبطال على أذيَة قومه ، وإساءاتهم ؟ فلا بد من الصبر على الحياة والناس بقوة وحكمة وشجاعة ...
للمزيد من مواضيعي
الموضوع الأصلي :
مع " لامية العجم للطغرائي رحمه الله تعالى
-||-
المصدر :
-||-
الكاتب :
بُشْرَى
المصدر:
منتديات مدائن البوح
.
.
يا بلسماً في الحب لك الروح ساخية
دم سالماً يا قرّة قلبي بصحة وعافية
#
أبي
زيارات الملف الشخصي :
7533
إحصائية مشاركات »
المواضيـع
الــــــردود
[
+
]
[
+
]
بمـــعــدل : 163.25 يوميا
MMS ~
بُشْرَى
مشاهدة ملفه الشخصي
إرسال رسالة خاصة إلى بُشْرَى
البحث عن كل مشاركات بُشْرَى
1
1
1
2
2
2
3
3
3
5
5
5
6
6
6
7
7
7
8
8
8
10
10
10
11
11
11
12
12
12
13
13
13
15
15
15
16
16
16
17
17
17
28
28
28
30
30
30
31
31
31
32
32
32
37
37
37
38
38
38
39
39
39
41
41
41
44
44
44
45
45
45
46
46
46
47
47
47