12-27-2021, 05:50 AM
|
|
|
أشياء صغيرة
أشياء صغيرة:
كان السيد بسام يجلس بجانب النافذة في الحافلة التي تتهيأ للانطلاق إلى وسط المدينة كان يبدو عليه الإجهاد وقد دعاه الجوع إلى ترك مدينته الصغيرة فهو لايستطيع بعد إغلاق مكاتب البريد أن يعمل وسيتوجه إلى أخته الأرملة فقد تعينه وتخفف عنه بالرغم من إنها توبخه على شرب الخمر فمابقى له له من أحد في هذه الحياة إلا هي كان يصرف ناظريه في الأشياء ولايلتفت لأحد من الركاب وحتى عندما صعدت فتاة جميلة الحافلة لم يعرها اهتماما بل ظل الصمت لايفارقه فهو لم يذق طعاما منذ أمس ويرتدي جاكيتا متسخا وبين الفينة والاخرى يخرج قدمه من جزمته لسبب لاادريه بيد أنه ندت عنه حركة إذ كاد يترك مقعده لسيدة بدينة صعدت الحافلة لولا أن تلك الفتاة الجميلة أحبت ان تكون بجانبها وهكذا انطلقت الحافلة وهي تطوي الاسفلت كالسجل والسيد بسام ينظر إلى الأشياء على الطبيعة فتبدو له نافلة ومهزوزة وكأنها ستقع ويتذكر أخته السيدة كريمة المرأة الفارعة الطول الطويلة الانف الطويلة العنق والشعر.
كان بسام يقول في سره أنها الان عند بقالة العم ياسين تشتري اللبن ثم تعود لتطعم الدجاج ثم تجلس على البيانو.
كانت السيدة كريمة قد فقدت زوجها في الحرب ومع أن كثيرا من الجنود العائدين من الجبهة تقدموا لخطبتها إلا أنها كانت ترفض بشدة وتأتي على الفور لصورة زوجها في الرواق وتناحيه: تعرف هؤلاء الخطاب واحدا واحدا فذاك محمود المرابي وذلك جمال البخيل الذي امتنع عن قرضك وذاك يوسف زير نساء انا بخير وسوف تتحسن حالتي واقتات على معاشك من الجيش.
اجتازت الحافلة أكثر من نصف المسافة والسيد بسام لايشارك مع أحد الحديث ويفضل الصمت والتبسم احيانا اذا صجت الحافلة بالضحك ..كان وجهه المجدور وذقته الطويلة وشعره الأكرت تجعل الناس يتذمرون من هيئته كما أن مداومته على شرب الخمر أفقد جسمه الليونه بيد أن نظرات عينيه ماتزال قويتين.
كانت تلك المرأة البدينة تتأهب للخروج فقد أسرت للفتاة أن تناولها حقيبتها فقامت الأخيرة وحملت الحقيبة لكنها لم تستطع المرور بها لضعف بنيتها فرأيت بساما ينهض ويناولها الحقيبة ثم يعود إلى مقعده صامتا.
وعندما توقفت الحافلة نزل بقية الركاب ونزل بسام يرتقي الدرج الصخري حيث مسكن أخته كريمة.للمزيد من مواضيعي
|