عرض مشاركة واحدة
قديم 08-11-2021, 09:39 PM   #32


الصورة الرمزية الغيث
الغيث غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 395
 تاريخ التسجيل :  May 2021
 أخر زيارة : اليوم (01:01 AM)
 المشاركات : 317,075 [ + ]
 التقييم :  824426
 الجنس ~
Male
 MMS ~
MMS ~
لوني المفضل : Cadetblue


افتراضي رد: الكرسوع ( رواية )






*
الكرسوع






حين التحق محمود بعمله الجديد صبيَّا لدى الأستاذ ( أمين الحجازي ) انفرجت معظم همومه ، فمئة ريال في الشهر كانت كافية لمصروف البيت وربما استطاع أن يوفر شيئا منها للأيام ، كان يذهب إلى منزل الأستاذ ( أمين ) بعد شروق الشمس بساعتين ـــــ تقريبا ـــــ فيقوم بتنظيف السكن وترتيبه ، ثم تغيير ماء الشيشة الموَلَّع بها ذلك الرجل ( أمين ) ويتعاهد ( ليَّها ) وينظف الأحجار الفخارية التي يوضع بداخلها الجُراك والجمر ويضع كمية كافية من الفحم داخل ( المِرَكَّب ) تاركا ملقاط الجمر بجانبه ، بعد أذان الظهر مباشرة يقوم بإعداد وجبة الغداء ثم ينصرف ليأتي الأستاذ ( أمين ) وكل شيء أصبح جاهزا ، يعود محمود بعد المغرب لعمل اللازم حتى التاسعة مساء بتوقيتنا الحالي .
رغم ارتياح محمود لهذا العمل الذي يعتبره مربحا إلا أن ثمة أمور كانت تضايقه وتسبب له القلق ، حيث بدأ يشاهد نظرات الناس تلاحقه بالغمز واللمز وكأنها تقول له أشياء لا يعرفها ، كان يشاهد حركاتهم الغريبة ، تهامسهم مع بعضهم البعض ، وعندما تأكد له أنه المقصود بذلك عصفت به رياح الشك والحيرة والارتباك ؛ لعدم علمه بالأمر ، حاول مرارا استقصاء ذلك بطريقته الخاصة فلم يفلح ، فلجأ إلى صديقه ( محبوب ) وكلفه باكتشاف الأمر .
تفاجأ صديقه ( محبوب ) بما يدور في أوساط الناس وما يقال عن صديقه محمود ، وما يقوله الناس عن الأستاذ ( أمين ) من أنه رجل غير سوي ، وأنه .... ، وأن كل من كان يعمل لديه صبيا تلتصق به تهمة الشذوذ ، وأنه كان سببا في انحرافهم بعد تركهم للعمل لديه ، احتار محبوب هل يخبر صديقه محمودا ويقطع عليه رزقه ومصدر عيشه وقد مضت عليه سنتان في هذا العمل أم يكتم عنه ذلك ، لكنه قرر أخيرا إخباره بما يدور ، لكن محمود أكد لصديقه بأنه لم يلحظ على الأستاذ أي تصرف شاذ أو قول مشين طيلة الشهور الماضية ، وعندما اختلى محمود بنفسه بدأ يفكر في الموضوع بجدية ويحدث نفسه :
ـــــ دحين أطلع من الشغل ولا أجلس ؟ ما بقي من الشهر إلا يومين فقط ويعطيني الراتب !
ـــــ طيب يمكن يجي يوم و..... ! لكن بعيد على شواربه ! والله ما ينال مني ولو قتلته .
ثم قرر الاستمرار في عمله لدى الأستاذ ( أمين ) .
حين سلَّم الأستاذ أمين لمحمود راتبه الشهري أخذ منه مبلغ عشرين ريالا وأمَّن المتبقي لدى والدته ، ثم انطلق إلى ساحة الميدان ؛ ليجلب لمنزله بعض الأغراض ، وقبل أن يصل إلى مدخل شارع ( الجمالة ) من الجهة الشمالية كان هناك دكان ( جبران ) الذي يبيع فيه خِيَش الفحم والفَرْص ، ولج محمود إلى ذلك الدكان ليشتري خيشة من الفحم الجيد ، سلم على البائع جبران ثم أخذ يعاين نوعيات الفحم المعروضة ، كان الهمز واللمز والشائعات التي تدور حول محمود قد وصلت إلى مسامع البائع فدعاه إلى معاينة نوعية أخرى من الفحم هي أجود من المعروضة أمامه ، وأشار إليه بأن يدخل معه إلى المخزن الملحق بذلك الدكان ليشاهدها بنفسه ، دخل محمود برفقة البائع إلى ذلك المخزن الضيق وشاهد العينة فأعجبته ، وحين هم بالسؤال عن ثمنها أحس بشيء من التحرش ، فما كان منه إلا أن دفع البائع جبران على خيشة الفحم بعنف وخرج غاضبا وهو يقول :
ـــــ لا حول ولا قوة إلا بالله ..حتى أنت يا عم جبران !! الله يهديك ويصلحك .. والله لولا أنك في سن والدي لكان لي معك تصرف آخر .
ثم أخذ يكيل اللعنات على عمله لدى الأستاذ ( أمين ) وعلى كل من في قلبه مرض .


يتبع .....






 
 توقيع : الغيث

علمتني الحياة أن أبني جسرا من الأمل فوق أي بحر من الأحزان


رد مع اقتباس
 
1 1 1 2 2 2 3 3 3 5 5 5 6 6 6 7 7 7 8 8 8 10 10 10 11 11 11 12 12 12 13 13 13 15 15 15 16 16 16 17 17 17 28 28 28 30 30 30 31 31 31 32 32 32 37 37 37 38 38 38 39 39 39 41 41 41 44 44 44 45 45 45 46 46 46 47 47 47