منتديات مدائن البوح

منتديات مدائن البوح (https://www.boohalharf.com/vb/index.php)
-   سحرُ المدائن (https://www.boohalharf.com/vb/forumdisplay.php?f=7)
-   -   المنــــــــــــــفـــــى (https://www.boohalharf.com/vb/showthread.php?t=9445)

نفيسة شادي 05-26-2022 05:18 PM

المنــــــــــــــفـــــى
 


اللوحة الأولى


.....يأسرُني الوجدُ..أغلقُ بابَ الغرفةِ..إذْ وحدي لا أجدُ ما أبحثُ عنهُ..ليس ثمة سوى إطاراتٍ معلقة بين ثنايا الذاكرةِ والجدرانِ..وكأنها أحلامٌ وأسئلةٌ.. !قبل أن أوجد..قبل أن توجد...لم أشفقْ على نفسي ..أشفقُ عليها مشنوقة...لا أستطيع أن أذرف ولا دمعة واحدة لأنه لم يعدْ لي شيئا أبكي منه،أو أبكي عليهِ..تركتُ الحزنَ ذات مساءٍ حين رميتُ كل شيء ..كل ما امتلكته منكَ ..كل ماامتلكته مني..الأحاسيسُ ..الروائحُ ..الحواسُ....الانطباعات.. الأفكار ..لكن ظل حضوري حضوركَ..فأنا أنتَ..بكَ في غيابكَ..، وما زلتُ أنتظركَ..أبدو للناس أني منشغلة ..أفكرُ..أحَدثُ المجهولَ ..أنظُرُ إلى ساعتي..أنظُر الى صورتي في المرآة..فأجدُ ملامح متوترة تزولُ بصفيِر القطار..وسارعتُ إليكَ قبل أن تصلَ..وشرعتُ يداي وصدري وفرحي وبكائي..فتتشابكُ أحاسيسنا،ونَعبرُ الممرَ..نَظهُر للذين يمرون أمامنا كلوحتين من طينة واحدة،أو مشهد غير مألوف في قصة لا تخلو من مباهج الروح...

...
يأسرني الوجد..أسمعُ موسيقى صاخبة في داخلي ..كجدولٍ من الذكرى تعزفُ ،وتعزفُ، وأرى نفسي أضعُ قلبي في جزءٍ من عينيكَ، وتضعُ قلبكَ في خزان روحي..نُواصلُ النظرَ في بعضنا ، وإلى بعضنا..نُصغي إلى أصواتنا ..نتلو القصيدة تلو القصيدة، ونسرحُ بقطيعِ الأشعارِ ...نتركُ خلايا الجسد مشرعة كأياديي تتصفحُ المسافات.. .مخضبة بالحبِ والوطنِ والجنونِ...

..
في إغفاءة من إغفاءاتي السابقة..حَلمتُ بكَ تنتظرني في حجرة بدون ضوءٍ، وحَدَثَ لي أني لم أرَ بوضوحٍ وجهكَ..، وأن وجهي كان متعبا....لم أشأ أن أفتشَ عن عينيكَ حتى لا تحزنا بتعبي..

..
منفيٌ هناك..عُزلتي حولتني إلى امراة تتكلم قليلا..ولا تُصغي لالضوضاء الناس ، ولا الكوارث ، ولا للأعراس، والأوهام ..، ولا للأصدقاء ولا لأصوات الجنائز والصلوات..حولتني الى امراة لا تبكي..لا تحزن..لا تفرح..روحي عالقة بكَ ..لا أقوى على العيش بدونكَ .، ولكني أتسولُ الحياةَ في زوايا هاته الغرفة..أمُد يدي .....أشحذُ هواء.....فأشفقُ عليكَ أكثر.ألتقطُ كتابَنا من بينِ الرفوفِ..تعرفُ أني لا يمكن أن أتخلى عن الكتاب ..تعرفُ أنهم أبعدوكَ عني لأنهم يعرفون أن رمادَ المنفى يطفىء النجومَ ..لكنهم واهمونَ....قلتُ لكَ إني لا يمكنُ أن أتخلى عن الكتابِِ..أشعرُ معهُ بنفَسِكَ تَنثره في وجهي ، وتُلقيه في دمي ..فيرتدُ إليكَ وجهي.. .فأنا وجهكَ حين أحتمي بكَ منكَ... تشتدُ غربتي.. وماذا بين الوريد والوريد.، والكلمة والكلمة ...غيركَ نبَضي..حزني اللحظة يراودني كالحلم..وأن كلماتكَ تُوشوشُ لي ..فأحنو إلى صورتكَ يَخضلُ الحزن وجهَها ..تهمسُ لي: ((سأجعلُ من ملح دمعكَ إسمنتا نُرممُبه انكساراتنا.))لحظتها كنتُ أكتبُ لكَ شيئا يشبهكَ.


اللوحة الثانية

...
وكتبتُ لكَ شيئا يشبهكَ، وحين كنتُ أقرأ ملامحكَ ..لم تُحجبني عنكََ الرموز..لأني كنتُ أكشفكَ ،وأُدركُ ببصيرتي أنكَ أنتَ...

...
النوافذ تلبسُ الألوانَ، ولأنكَ موجود اللحظة..وجودكَ يتركُ الشمسَ تدخلُ إلى المكتبة..كنسمةٍ رقيقةٍ تسرحُ بين الرفوفِ..فانوسٌ يُضيئ وعيي المتجذر بكَ وفيكَ..كنتُ قبلا مجبَرةً على السير في اتجاه الأماكنِ التي ليستْ بها خطواتٍ ..ولا طرقاتٍ ولا ضوضاٍء .. أماكن خرساء ..لأني جبرت على الإصغاء إليكَ ..حتى لا أرتبكُ في السير ..لم تعد تُربكني الأ صوات الآ تية من السماء أو الصاعدة من الأرض.. ولا ضجيج أصوات سيارات الإسعاف..بل ما يربكني تلك الخطوات الثقيلة..الحديدية..القاتلة ..وكأني أشعُر بها تسحقُ أزهارَ الحياة.ِ...أفرُ بجلدي في اتجاه غاباتٍ..عساني أغزلُ من خيوطِ ما تَبقى من خُضرة هواءً وضوءً ..يَصدُ ظلمةَ منفاكَ. .ولأ ني اللحظة أكتبُ شيئا قريبا منكَ ..أقتربُ منكَ..... فتقتربُ مني..عاجزة أن ألمسَ وجهكَ..لكنْ لستُ بعاجزةٍ أن أحِس أني أغوصُ في تقاطيع وجهكَ..وأنتَ تنظرُ إلي بذاك القدر الكبير من المعاناةِ والفقدِ،والاغتراب..تتفقدُ بروحكَ حُلمي المتيتم في عيني ....تَجول بين البصر والقلب..تُقبلُ كل قِطعةِ صَبر... بذاك الحنو .الذي عهدته منكَ ..حينَ تَشعرُ لحظةً أنه يُحزنكَ بقدر ما يُسعدكَ..حين يتغلغلُ كذراتٍ تخترقُ الأ ماكن الصدئة... فتنقشعُ فجوات ترسم دائرةً من الضوء ..ذاك الحنو البالغ الذي يمكن أن تحويه الحياة برمتها ... ..تحتلني الحياة من جديد،وأنا أنظرُ إليكَ ..ممتلئة بأكثر من دمعة ودمعة..وأنتَ تُبعثرُ أوراقي من جديد..تُحركُ الحلمَ ،وتلم شظايا الانكسار .أحترقُ بالضوء، ولأني كنتُ أخشى الضوء..تَعرضَتْ أحاسيسي للخوف ما أفقدني حقيقةَ الأفقِ..صرتُ كالخفاش لا أميلُ إلا نحو الظلام..ولأنكَ أيها الوجهُ الذي تركني مشتتة ..كدفاترَ قديمة تآكلت بفعل الصدأ ،ولأنك لا تُحدقُ بعينيكَ إلا في الظلام..ولأنكَ منفيٌ عني.. أعرف أنك لا يمكن أن تراني إلا في الظلام..الشيىء الذي يدفعني إلى البكاء .

..
ويأسرني الوجد..وإني تعبتُ بظلي وظلالَ الجدران..والأشياء .لاأستطيعُ إنقاذَ روحي وروحكَ ،ونحن نلتقي سوى في الظلام.

....
أنظرُ إليكَ اللحظة ،وأنتَ تبعث بالأوراق ..كنتَ تكتبُ لي أنك تختلفُ عني قبل أن أوجد.....قبل أن أكون..وحين وُجدتُ..اختلفتُ عنكَ..اختلفنا ولم نفقد هويتنا ....لأ ننا لم نختلف سوى في الحلم ..أنتَ كنتَ تُدللــهُ كطفلٍ ..وأنا كنتُ أواسيه كشيخٍ..ولكن تطابقنا في الحُب..أكتبُ اللحظة بقلمكَ ...كنتَ تتظاهرُ بالكتابة ..وأنتَ كنتَ ترسمني..ترسمُ وجهي..بقعٌ كثيرة من الظلال..بلونٍ واحدٍ..شَعرٌ مسترسل على وجهٍ يَنكشف لبياضِ الورقة..تم كطفل تحنو إليَ وتُظهرُ لي ما رسمتَ..فأعلقُ بابتسامة ..وكفىوأنا اللحظة أرسمكَ..أستمتعُ بألم الفقد واللقاء..كالصورة التي أسرتني ونفتكَ عني.كهاته اللوحة المعلقة..يبكي الجدارُ إذا وقعتْ ..أو يسقطُ الجداُر إذا انتُزعَتْ.أشعرُ بحاجةٍ إلى إرادتكَ..رغبتي أن أشبهكَ..أصيرُ أنتَ ..اللحظة..أَرسمكَ بصورة أجتثُها مني التي سأكون.. ..سأشرعُ يدي للنور..وضجيج الموت والحياة.. هاته الأوراق التي بعْثرتها داخلي ..تُرفرف كطيوٍر..تُغادر اللحظة هذا القفص الصدري .

.....
أستحقُ روحك وبيتكَ حين أُدخِل لهاته الغرفة هواءً .... أفتحُ النافذةَ وأركضُ باتجاه الدقائقِ والساعاتِ والزمنِ الذي مضى يحبو ببطىء نحو الفناء، وأحملكَ حقيبة في يدي..كحقيبة سفرٍ..أمتطي القطارات المؤدية الى المنافي بتذاكر العودة..هاته اللحظة ..أراكَ أنكَ تنهضُ من قبوك في كامل حريتكَ، وبفرح خاص..بحركة بها من القوة ما يُزلزلُ مشاعري..بروح ناضجة باالأوراق..أثمرُ..وأغرقُ في أزهار الحلم ..هاته الغرفة الوحيدة غدتْ حديقةً..والجدران بظلالِ أشجارٍ..وكل واحد منا في يده لوحة من طينةٍ واحدةٍ..كانت الواحدة منهما ..ربما في يدك..أو ربما في يدي ...هي الأفضل.
نفيسة

الفيصل 05-26-2022 05:24 PM

رد: المنــــــــــــــفـــــى
 
لوحتان جميلتان عميقتا المعنى سرحت بي في كُل مكان رأيتُ نفسي فيه ذات يوم,
شكرًا لك

هادي علي مدخلي 05-26-2022 05:46 PM

رد: المنــــــــــــــفـــــى
 
تأسرنا تلك الوحدة
ونغلقٌ الباب دون أحلامنا
وكل الأماني المعلقة
في سقف الحنجرة
تبتهل إلى الله أن تُذرف دمعة واحدة
تُخفف من وجعها وتخفض سقف الكارثة...
إنها ليالي وأيام عصية
ونفوسنا عزيزة رغم كل شيء
ونفتش عنهم وهم يسكون
في ماء العين وسويداء القلب ....

الكاتبة القديرة نفيسة شادي
تبتسم المدائن وتكتحل
بهذا المعرف الفخم
وكأننا أمام رواية عظيمة
حسنناً سنمكث هنا حيثٌ تمتدٌ
أنـواركِ فـتـنـثـر أزهـار
عـطـركِ فـي حـدائـق المدائن
فمرحباً بك كثيراً
يا سيدة الأدب والجمال
للختم والتنبيه ومكافأة المنتدى

النقاء 05-26-2022 05:54 PM

رد: المنــــــــــــــفـــــى
 
ويأسرني الوجد..وإني تعبتُ بظلي وظلالَ الجدران..والأشياء .لاأستطيعُ إنقاذَ روحي وروحكَ ،ونحن نلتقي سوى في الظلام.


الكاتبة الراقيه نفسيه
منوره مدائن البوح ياجميلة الحرف وياهلاوغلا بكِ دومًا

راقني حرفك جدا وكل لوحة وماتحمله من جمل لها رونق خاص
تعابيرك متفرّدة جدا و جذابة جدا
حتى لو كانت بها الكثير من نبرة الحزن في لوحاتك
هي محطات المنفى كثيرة و المنفى بينها قاسيًا
وحين تنفي الذات وتنتهى بدون تذكرة عودة
يبقى المنفى بها آسر
سيعود ذلك القلب ويتبدل الحزن الى فرح
وتمسك عالي بالنجوم وتكتب
شرارة الحياة الى نفس المنفي
قد يمضي المرء بعيدا بقصد الناي
وما علم إنه المسكون بما يحاول الهروب منه

بوحك جميل جدا


شكرًا تتكاثر لروحك الجميلة هنا

الدّانة 05-26-2022 06:58 PM

رد: المنــــــــــــــفـــــى
 
راقية الفكر
ناطقة النبض
مزهرة الترانيم الإيقاعية
الهادئة الصاخبة المدويّة
دمتِ وبوصلة البهاء يا نفيسة الصّفاء

الغيث 05-26-2022 07:49 PM

رد: المنــــــــــــــفـــــى
 
مرحى مرحى
لهذا الهطول الأول في السحر
وترحيب كبير بك يا أختنا نفيسة
وكأني أرى مدائننا تلوح لك بعذب اللقاء
وتزغرد مليا لهذا الفكر الرائع الذي انظم إلى كوكبة المدائن اللامعة
فأهلا ومرحبا بك ما توهجت الثريا في فضاء الكون
نصك يا أخية مليء بالدراما الروحية
أجدت فيه السكب والحبك والصياغة
فتفتقت عنه الكثير من التنهيدات الحارقة
لكنها تنهيدات صامة تكتظ في الداخل بين تجاويف الحنايا
لتخرج من زفراتها شذرات من التيه والتشظي
بسبب الفراق والهجر والغياب
حتى سمعنا صدى أناتها على جدران القلب
فشكرا لك على هذا الجمال ولو خالطه شيء من الألم
بيد أن الأمل ما زال مشرعا أبوابه ورافعا راياته
فرب لحظة تقترت وتعود الحياة للنبض من جدبد
دام نبضك الرائع
وسلمت روحك العليا
ولقلبك السعادة

>::>::

فتحي عيسي 05-26-2022 08:45 PM

رد: المنــــــــــــــفـــــى
 
لأديبة القديرة نفيسة
وهذا النص الفاخر الذي عبر بنا إلى مدن الإصغاء وحلاوة الإنصات لوقع نغمات تتلوها نغمات
بين التنهيدات والذكريات فاضت العبرات حنينا ولوعة وإشتياق بلغة شجية بهية تقتات
من نبع الإبداع ومخزونه المدهش
سلم القلم والبنان
مودتي وإحترامي

رغد الديب 05-26-2022 09:53 PM

رد: المنــــــــــــــفـــــى
 
إيه يا نفيسة وهذا التألق كان ولا زال يجبرني أن أنصب خيمتي حيثه ولطالما كان المنفى وجبة شهية لي ولأن لحرفك حكاية أخرى فقد جاء مروري السريع من هنا كي ألقي عليك محبتي وأحجز مقعدي حيث البذخ والجمال وإلى حين عودة سريعة إن شاء الله
إنتظريني وكوني على الموعد !!!

محبتي يا صديقتي
وحتى ذلك الحين التقطي
>::>::>:: وهذه flll:

علي آل طلال 05-26-2022 10:51 PM

رد: المنــــــــــــــفـــــى
 
قراءة رسائل المحبين عادة صحية..
..
تهلكنا التفاصيل حين نمنحها روحا مع كل ذكرى نحررها لتتقلب في قلوبنا
نلملم الوقت بقبضة الاحتياج ونحن ندرك أن الربيع لايستعيد أنفاسه في ساعات الرمل المراوغة..!

أعدتِنا يانفيسة لزمن البوح الجميل..حين كان الحرف إضمامة شوق تكبّل معاصم البقاء ثم لقاء يتهجاه الحلم..
يبقى حرفك عظيما في ذاكرتنا..>::
.

سالم الزائدي 05-26-2022 11:11 PM

رد: المنــــــــــــــفـــــى
 
حاولتِ أن تغسلي
جميع الجراح
في صورتين مٌتناقضة
سلام لحرفك مالاح نجم
وطل صباح


الساعة الآن 06:39 PM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
مجتمع ريلاكس

Ads Management Version 3.0.1 by Saeed Al-Atwi

new notificatio by 9adq_ala7sas
دعم وتطوير نواف كلك غلا

1 1 1 2 2 2 3 3 3 5 5 5 6 6 6 7 7 7 8 8 8 10 10 10 11 11 11 12 12 12 13 13 13 15 15 15 16 16 16 17 17 17 28 28 28 30 30 30 31 31 31 32 32 32 37 37 37 38 38 38 39 39 39 41 41 41 44 44 44 45 45 45 46 46 46 47 47 47