|
الكَلَبداج Alkalbdag
أعادتني هوايتي هذه المرة إلى الدجاج مرة أخرى ، فانتهزتُ فرصة وجودي في سوق ( الخوبة ) في صبيحة يوم خميس من عام 1430ه ، حيث اشتريتُ دجاجتين وديكا وزوجين من الأرانب ، ثم عدتُ بهم إلى منزلي في مدينة جيزان ، وضعتُ الجميع في مخزن أنشأته ليكون مخبأ لأشيائنا الفائضة عن الاستخدام ، وكان ذلك بصورة مؤقتة ريثما أضع كل صنف في مكانه المناسب .
أتعبتني الأرانب كثيرا لأنها تتطلب مني الذهاب يوميا إلى حلقة الخضار لجلب الفائض من الفجل والخس والجرجير والجزر الزائدة عن حركة البيع ، والتي تكون ـــــ غالبا ــــ قد ذبلت ولم تعد صالحة للبيع ، وهنا ليس أمام أصحابها إلا بيعها بثمن بخس لأصحاب الأرانب أمثالي ، أو رميها في صناديق القمامة ، أضف إلى ذلك ما سببته لي من تلف للشجيرات والزهور التي تزين حديقة منزلي ، حيث تعمد تلك الأرانب إلى الحفر بعمق تحت تلك الشجيرات والزهور ثم تأكل جذورها فتموت النبتة بعد أيام قليلة ، غير أني حين أشاهد السعادة المرتسمة على ملامح الصغار من أسرتي أسعد بذلك وأتراجع عن فكرة التخلص منها . صبرتُ على ذلك ثلاثة أشهر ، وعندما نفذ صبري قررتُ ذبحها وأكلها مع الملوخية على طريقة إخوتنا المصريين ( ملوخية بالأرانب ) ، غير أن هذه الفكرة لاقت معارضة شديدة من زوجتي وبناتي لعدم استلطافهن للحم الأرانب ، لم يكن أمامي إلا أن حملتها معي في سيارتي أثناء ذهابنا إلى ( صبيا ) ؛ لزيارة عديلي وأسرته هناك ، وفي منتصف الطريق أطلقتُ تلك الأرانب في فضاء البراري لتعيش بين المزارع ما شاء الله لها أن تعيش . أما الدجاج فقد أنشأتُ لها قفصا جديدا بديلا عن القفص القديم ألذي أتلفته الأيام وحرارة الشمس ، ثم بدأتُ في تربية تلك الدجاج والاعتناء بها عناية خاصة ، حيث كنتُ أذهب إلى مفرق ( الظبيا ) وأشتري لها من صوامع ( أبو ذياب ) كيسا من الغذاء الصحي المكون من : حبوب الذرة المبشور والمخلوط بفول الصويا وبعض البذور النافعة ، وهذه التغذية لا تتم إلا في مزارع الدواجن الرسمية ، ولم يفتني ــــ أيضا ــــ إخراجها على فترات من ذلك القفص وتركها تجوب الشوارع المحيطة بداري وبعض الأراضي البيضاء حتى تمارس غريزتها في النبش والتقاط خشاش الأرض والديدان ، والتمرغ بين التراب ، واستمرت تلك العناية بها دون أن تفتر يوما من الأيام ، بعد مرور عدة أيام كانت دجاجاتي من أفضل الدجاج الذي يربى داخل المنازل ؛ لما تحظى به من اهتمام وعناية خاصتين مني . ذات يوم نزلتُ إلى منطقة الميدان ( البلد ) ، وحين مروري جوار بائع الدجاج ( بابوري ) لفتت نظري دجاجة جميلة ذات ألوان زاهية من النوع الذي يسمونه ( الأبقش ) فاشتريتها منه ، ثم وضعتها بين مجموعة دجاجاتي كي أحصل على سلالة فريدة من أنواع الدجاج وأشكالها الجميلة ،و تكون مجموعتي مميزة في الحارة . كنتُ خائفا ومتوجسا من أن تصاب مجموعتي هذه بمثل ذلك الداء الذي أصيبت به مجموعتي السابقة قبل سنوات ، ذلك الداء الذي سمي فيما بعد بــــ ( انفلونزا الطيور ) ، لكن ما حدث هذه المرة كان مختلفا عما سبق ، فعندما كنتُ أتعاهد تلك الدجاجات ـــــ كعادتي اليومية ـــــ لاحظتُ أن عدد البيض الذي ترقد عليه بعضها يأخذ في التناقص يوميا من دون أن أشاهد أي كتكوت صغير بجوارهن ، وأحيانا أجد قشور البيضة ولا أجد الكتكوت الذي خرج منها ، وهنا أخذتني الحيرة والدهشة معا ، وسألتُ نفسي : ترى أين يذهب البيض ؟ وأين تذهب الكتاكيت ؟ فلا مجال لخطفها من قبل الغربان أو القطط لأنها داخل القفص ، وعندما كثفتُ الملاحظة اكتشفتُ مصيبة كبرى ! وجدتُ أن مجموعة الدجاج عندما تسمع صوت الكتكوت يهم بالخروج من البيضة ويبدأ في نقر أحد جوانبها تهجم عليه هجمة شرسة ، وتقوم بنقر تلك البيضة وإخراج الكتكوت من داخلها ، ثم القيام بتقطيعه إربا ـــــ بواسطة مناقيرها ـــــ والتهامه فورا ، حيث تبتلع كل دجاجة منهن نصيبها من ذلك الكتكوت ، وجدتُ نفسي أمام ظاهرة غريبة وخطيرة ، فلم أسمع في حياتي بأن الدجاج يأكل صغاره ، أضف إلى ذلك أن تلك الدجاجات على مدى أيام لم تكن تلجأ إلى هذه الوحشية أبدا ، وقد فقَّست من قبل الكثير من الصيصان ولم تفقد بيضة واحدة منه ، وأيقنتُ أن تلك الدجاجة التي اشتريتها مؤخرا كانت مصابة بذلك الداء الخطير وقامت بنقل العدوى إلى البقية . حقيقة أصابني الذعر من تلك الكارثة وخفتُ أن ينتقل هذا البلاء إلى أسرتي فنأكل بعضنا بعضا ، ولم يكن أمامي إلا حملها جميعا والذهاب بها إلى ذلك البائع ( بابوري ) وإعطائه كل الدجاج مجانا وهو يتصرف فيه بطريقته ، وعلى الفور عدتُ إلى منزلي وقمتُ بتكسير القفص ورميه خارجا وتغسيل المكان بالماء والصابون ، ثم رشه بمبيد حشري . مرت أيام وأن أسأل نفسي ترى ما يكون ذلك الداء ، هل هو داء الكلَب ؟ مع علمي المسبق أن داء الكلَب لا يصيب الطيور ، وهل هو فيروس من نفس سلالة ( الكلَب ) طور نفسه وتحور وأصبح يصيب الطيور ؟ وهل .. وهل .. ولم أتوصل إلى نتيجة حتمية في ذلك الأمر ، فأطلقتُ عليه داء ( الكلَبداج ) ، أي أنه داء كلَب لكنه يصيب الدجاج ، وأن أول من اكتشفه هو محدثكم الغيث . وسلامتكم *** >::>::>:: |
رد: الكَلَبداج Alkalbdag
مسلي بما تكتب وتمتع :
بعد هذه الخبرة الطويلة الواسعة في علم الطير والحيوان, أعتقد أنك الآن مؤهلًا كطبيبٍ بيطريٍ بمعرفة فخمة فتنعم بما تهوى وكسب رزق في آنٍ واحد, ثم نتلقى منك ملاحظاتك بما يجدُ من علمها ودورة حياتها, :) |
رد: الكَلَبداج Alkalbdag
قرأتُ قاسمتعت .. فكان لا بد من تحيّة ونبض القلم
دمتَ راقي الفكر وذاكرة السرد أيها الغيث النبيل |
رد: الكَلَبداج Alkalbdag
https://youtu.be/tKEeU35fLKc 🍃 قصة مثيرة وسرد شيق وجميل وراق لي كثيراً هذا المصطلح العجيب 👌🏻… وكعادتي في إشباع نهم فضولي بحثت في أروقة الإنترنت عن هذه المشكلة وحلولها ووجدت ضالتي في فيديو في اليوتيوب لمربي دواجن يناقش فيه أسباب المشكلة وطرق حلها. أتمنى أن يروق المقطع لك 🌷🌷 |
رد: الكَلَبداج Alkalbdag
غريب سبحان الله، حتى القطط تأكل صغارها :o أنا أقول ماشاءالله بالك طويل وحلو تسوي شيء تحبه، ولكن الله يعين زوجتك :) أستمتعت، تقديري |
رد: الكَلَبداج Alkalbdag
.
. ما شاء الله عليك تفاصيل ما تكتب ماتعة .. موسوعة أيها الغيث .. طبت للجمال وطاب بك تقديري الذي يليق بأدبك |
رد: الكَلَبداج Alkalbdag
حقيقة أصابني الذعر من تلك الكارثة وخفتُ أن ينتقل هذا البلاء إلى أسرتي فنأكل بعضنا بعضا ،
... ههه مقال ظريف خفيف الدم والله انّي استمتعتُ بقراءته فعلاً ظاهرة غريبة جداً أول مرة اسمعُها حماكم الله من شرِّ كلِّ بلاء تعجبني طريقة سردك التي تضيف عليها منكهات الطرافة والمُزحة حتّى أني حين أقرأُ نصّك اتيقنُ إنّ الابتسامة زائرتي.. ... اخي الأديب الـغـيث شكراً لردفكَ الممتع ورسمُ الابتسامة على وجوه القرّاء للختمِ والتنبيه والتقييم مع المكافأة # |
رد: الكَلَبداج Alkalbdag
اقتباس:
شكرا يا صديقي وهذا من لطفك والحقيقة أصبحت لدى الخبرة الكافية في التعامل مع هذا النوع من المخلوقات الأليفة بل وأستطيع التنبؤ بما يطرأ عليها من تغييرات أو أمراض وهات 10000 ألف ريال سلف عشان أفتح لي عيادة بيطرية ويبقى قابلني لو رجعتها لك ههههههههه شكرا لحضورك الماتع أسعدك الله وطابت لحظاتك >::>:: |
رد: الكَلَبداج Alkalbdag
اقتباس:
سلمت يا أخية وسعيد باستمتاعك بالمقال وهذا شرف لي شكرا بحجم السماء لحضورك الجميل بوركت وسعدتِ >::>:: |
رد: الكَلَبداج Alkalbdag
اقتباس:
وأشكرك على هذا الفيدو الجميل والحقيقة استفدت منه كثيرا غير أن ما أصاب دجاجي مختلف عن توقعات صاحب هذه المزرعة .. فهو يرجعها إلى نقص في الكالسيوم وفيتامين د .. وهذا وارد في عالم الدجاج .. ولذا يقوم الدجاج بالتعويض بالتهام بعض البيض لكن دجاجي كان لفترة طويلة سليما ولا يقترب من البيض حتى أضفت له تلك الدجاجة التي يبدو أنها مريضة بشيء ما وما لاحظته أن دجاجي كان لا يأكل البيض قبل التخليق بل يأكله بعد أن يوشك الكتكوت على الخروج وهنا يأكل الكتكوت وليس مكونات البيض ولذلك شككت بأنه أتعدى من تلك الدجاجة شكرا لجمال حضورك وتفاعلك مع المقال بوركت يا محمد ولروحك الألق >::>:: |
| الساعة الآن 03:17 PM |
Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By
Almuhajir
مجتمع ريلاكس