لا قيتها في الريف
هناك في تلك الرقعة النائية قابلتها ، شاهدتها عن كثب فكانت كما سمعت عنها ، أسرتني بحسنها وجميل بنيتها ، وفتنتني بروعة تفاصيلها ، أحببتها قبل أن أشاهدها من خلال ما سمعته عنها ، وحين رأيتها ازددتُ حبا وولها وعشقا بها ، اقتربتُ منها شيئا فشيئا ، ثم مددتُ يديَّ إليها في حياء ممن يحيطون بي ، وبدأتُ في مغازلتها على خجل .
الزمان صباح يوم جمعة ، كان عمري حينها ثماني سنوات تقل أوتكثر قليلا ، والمناسبة مرافقة والدي وبعض من أصدقائه بعد أن استجاب لإلحاحي المستمر في اصطحابي معه هذه المرة ، كان الملتقى أمام مبنى بلدية جيزان الواقع في مدخل شارع الجمالة حيث تجمَّع الرفاق هناك ؛ كي تقلنا تلك السيارة القديمة من نوع جيب شراع إلى مبتغانا . رحلة جميلة إلى ريفنا الجميل وإن كانت قصيرة ، لكنها كانت بالنسبة لي تحقيق حلم طال انتظاره ؛ للخروج من حدود الحارة وحدود المدينة ــــ أيضا ــــ نحو الفضاء الرحب . شرعتْ بنا تلك السيارة تشق طريقها نحو الريف وسط سعادتي والأحاديث المتبادلة بين الرفقاء ، هم ثلاثة من أبناء مدينة جيزان ، وثلاثة من إخوتنا الفلسطينيين يعملون في قسم المساحة بالبلدية التي يعمل بها والدي يوم أن كان الأستاذ : عبد القادر علاقي رئيسا لها ، أما أنا فكنتُ صامتا أُمتِّعُ عينيَّ بتلك المناظر الرائعة ، حيث الحقول الزراعية ، واخضرار الأرض المكسوة بلون الحياة ، ومنظر الرعاة وهم يشرفون على رعي أغنامهم ، وتلك القرى الصغيرة المكونة من عشش القش ، أشياء جميلة كم تمنيتُ أن أشاهدها مليا ! جمال فريد لم يكدِّره إلا اهتزازات تلك السيارة وترنحها وهي تسير بين تعاريج الخط الترابي الواصل بين مدينة جيزان وأبي عريش ، وكذلك الطريق الصخري الواصل بين أبي عريش والعارضة حيث محطتنا ( العين الحارة ) في منتصف ذلك الطريق . الهدف من تلك الرحلة القصيرة ـــــ التي انتهت قبل صلاة الجمعة ـــــ هو تعريف إخوتنا الفلسطينيين على تلك العين ، كذلك الاستحمام بمائها الساخن المتدفق من ينابيعها والمشبع بالكبريت الأصفر وبعض الأملاح المعدنية الذي يُعتقد أنه يساعد في الشفاء من أمراض الحساسية والروماتيزم . بعد وصولنا أخذنا قسطا من الراحة ؛ بسبب وعورة الطريق ، تناول الجميع إفطارهم ، أما أنا فكنتُ منشغلا بمن لاقيته هناك ، انتهزتُ ذهاب الرفاق إلى أسفل العين للاستحمام لأختلي بمن أحب ، وهنا مددتُ كلتا يديَّ إليها وشددتُها نحوي بشغف ، وما إن لامستْ شفتاي تفاصيلها حتى أسلمتْ لي نفسها ، هنا شرعتُ في التهامها دون خجل ؛ لعدم وجود أحد بجانبي . نعم ، تلك هي المأكولات الجميلة التي وجدتها في تلك الرحلة الرائعة ، والتي كنتُ أسمع عنها فقط ولم أتذوقها من قبل ، إنها القشطة والمربي والجبنة البيضاء والزيتون التي جلبها الإخوة الفلسطينيون معهم ذلك الصباح . *** الغيث حصري >::>::>:: |
رد: لا قيتها في الريف
قصة مدهشة
تفاصيل ممتعة لك التقدير الختم والمكافأة |
رد: لا قيتها في الريف
الغيث ماتقدر تضحك علينا عرفنا المقدمات التي نهاياتها صدمة :) تفاصيل وسرد بديع، لقلبك الفرح |
رد: لا قيتها في الريف
هههههههههههه
انا قلت الرجال طاح فيها قصصة ظريفة هذا الابداع الحقيقي |
رد: لا قيتها في الريف
اقتباس:
بوركت والجهود مودتي >::>:: |
رد: لا قيتها في الريف
اقتباس:
يعني صارت مكشووووفة :) شكرا لحضورك الجميل وتفاعلك الأمل كل الود >::>:: |
رد: لا قيتها في الريف
اقتباس:
شكرا أختي فاطمة وبارك الله في حضورك كل الود >::>:: |
الساعة الآن 08:55 AM |
Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By
Almuhajir
مجتمع ريلاكس