منتديات مدائن البوح

منتديات مدائن البوح (https://www.boohalharf.com/vb/index.php)
-   الكلِم الطيب (درر إسلامية) (https://www.boohalharf.com/vb/forumdisplay.php?f=2)
-   -   صناعة النهايات (https://www.boohalharf.com/vb/showthread.php?t=10592)

بُشْرَى 09-02-2022 10:49 PM

صناعة النهايات
 
.
.


الحمد لله ربِّ العالَمين، والصَّلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين.

وبعد:
فإنَّ الدنيا دارُ عمل، والآخِرَة دار جزاء، وعلى قدْرِ جهد الإنسان وعرَقِه وتعبه وتضحيته
في الأرض، يكون عناقُ الأماني يوم القيامة، هنا العمل والتضحية والبناء والاستثمار
وهناك غدًا الفوز والأماني والنتائجُ والنِّهايات! ترى هل نُدْرك هذه الحقائق الكبرى؟!
لله ما أعذبَ القرآن وهو يستَجْدي نفوسنا للمعالي، ويكدُّ أرواحنا إلى غاياتها الكبرى
بأروع الصُّور وأعذب العبارات!
﴿ وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ ﴾ [آل عمران: 133]
﴿سَابِقُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا كَعَرْضِ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ﴾ [الحديد: 21].
إن الغاية كُبْرى، تستحقُّ هذا الكدَّ، وتستعطف روح المغامرة والجرأة والتحدِّي في نفوسنا
وإذا كان القرآن الكريم هو الذي يستحثُّ الخُطَى، فما بالك بالغاية التي يدعوك للنِّزال
والتحدي في ساحاتها؟! أوَما قال لنا رسولنا - صلَّى الله عليه وسلَّم - وهو يروي
عن ربِّه تعالى قوله: ((أعددْتُ لعبادي الصَّالحين ما لا عيْنٌ رأَتْ، ولا أذُن سَمِعتْ ولا خطرَ
على قلب بشرٍ)) فاقرؤوا إن شِئْتم: ﴿ فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ ﴾ [السجدة: 17]؟
يا لَها من غايةٍ كبرى، وساحةٍ تستحقُّ النِّضال لآخر لحظةٍ في حياة إنسان!
أعِدْ عليَّ أيُّها الحادي هذا الخبر ((ما لا عينٌ رأَتْ، ولا أذن سمِعَتْ، ولا خطر على قلب بشرٍ))
يا لهفة أذنٍ لم تسمع منها قبل اليوم سوى الصَّوت!
يا لوعة قلب لم يُدْرِك منها قبل اليوم سوى الحرف! أعد أيُّها الحادي فوالله لكأنَّما أقرؤها
هذا المساء أول وهلة! أعِدْ على صاحبك أشواق قلبه ورحلة روحه؛ اهـ.
لو كان هذا المعنى يَجْري في أرواحنا كلَّ مرة، ويهتف بأسماعنا كلَّ لحظة، ويتعرَّض لنا في الطريق
كلَّ يوم ولو مرَّة! هنا في ساحات هذا النعيم، هنا على ظلال هذه الساحات، هنا على ذِكْرى
هذه المعاني يكفي إنسانًا أن يعيش دون واعظٍ أو مذكِّر أو حادٍ، يكفيه من الدُّنيا كلِّها
أن يقرأ في صباحه ((أعددْتُ لعبادي الصَّالحين ما لا عيْنٌ رأَتْ، ولا أذُن سَمِعتْ، ولا خطرَ
على قلب بشرٍ)) فاقرؤوا إن شِئْتم: ﴿ فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ ﴾ [السجدة: 17]
ويكرِّرَ في المساء ذات الحرف.
واشوقاه إلى هذه المعاني الكبار! واشوقاه إلى لقاء الربِّ - جلَّ جلاله - في ساحات القيامة
((أما إنَّكم ستَنْظرون ربَّكم كما تنظرون إلى القمر لا تُضَامون على رؤيتِه)).
يا هذا، هل أنا في اليقظة أو في النَّوم؟ أي لحظةٍ هذه التي ينتظرها المؤمن؟!
اللَّحظة التي يرى فيها ربَّه، اللحظة التي يمتدُّ فيها نظر الإنسان إلى قيوم السماء والأرض
اللحظة التي تأتي كالنِّهاية لأتعاب الدنيا كلها، يكفي منها لمسح لَأْواء الرِّحلة كلها مجرَّدُ نظرة!
تُرى ماذا بقي في حياتك أيُّها المؤمن من ألَم؟ ماذا بقي من لأْواء تذكرها تلك النَّفس
وقد طافت تُقلِّب طرْفَها في ربِّها تعالى؟! هنا أنخ مطاياك أيُّها العاقل! هنا في ساحة الملك
عِش هذه الذكريات، فإن كانت اليوم أمنية، فغدًا حقيقة في أرض الواقع.
واشوقاه إلى جنات الخلد! ((لَمَوضِعُ سوطٍ في الجنة خيرٌ من الدنيا وما فيها))، عذَرتُك اليوم
يا أنس بن النَّضر وأنت تردِّدُ بالأمس على ساحات أحُدٍ الشَّوقَ إلى ريح الجِنَان
"واهًا لريح الجنَّة! إنِّي أجِدُها من دون أحُد"، ما كنت أدري عن أشواق نفسك وأحلام قلبك
إلاَّ هذا المساء حين هتفَ في قلبي بعضُ ما نادت به أشواقُك في ساحات أحُد!
قم أيُّها الجسَد، عانِق أحلامك، أوَما بلَغَك أن الشَّجرة الواحدة يَسِير الرَّاكبُ في ظلِّها مائة
عامٍ لا يَقْطَعها، والزُّمرة الأُولى من أهل الجنَّة يَدْخلون على صورة القمر ليلة البَدْر؟!
أمَا بلَغَك صوتُ الحادي وهو يردِّد على مسمَعِك: ((مَن يدخل الجنَّة يَنْعَم فلا يَبْأس
لا تَبْلى ثيابُه، ولا يَفْنَى شبابُه))؟! أوَما سمعت حديث الخليل وهو يحدِّثُك:
((ينادي مُنادٍ في أهل الجنَّة: إنَّ لكم أن تصِحُّوا فلا تَسْقموا أبدًا، وإنَّ لكم أن تَحْيوا فلا
تموتوا أبدًا، وإنَّ لكم أن تشبُّوا فلا تَهْرموا أبدًا، وإن لكم أن تنعموا فلا تبأسوا أبدًا))؟!
قم يا هذا، فكأنَّما القوم في ربوع الجنان كما قال نبيُّك - صلَّى الله عليه وسلَّم -:
((إنَّ أهل الجنة يتراءَوْن أهل الغُرَف من فوقهم كما تتراءون الكوكب الدُّرِّي الغابر
في جوف الأفق من المشرق أو المغرب؛ لِتَفاضُلِ ما بينهما))، قالوا: يا رسول الله، تلك منازل
الأنبياء، لا يبلغها غيرهم؟ قال: ((بلى، والذي نفسي بيده، رجالٌ آمنوا بالله، وصدَّقوا المرسلين)).
أيسرُّكِ أيَّتُها النفس هذه الأماني وقد قعد بك العمل؟
أيسرُّكِ هذا التاريخُ وقد دنَتْ بك الدرجات؟
أيسرُّك هذا البَوْن الشاسعُ بينك وبين أصحاب الهِمَم والمعالي؟
واشواقاه إلى عظيمٍ خلَّف صاحبه في الدُّنيا، ورحل لعناق الغايات الكبرى!
واشوقاه إلى كبيرٍ في أفق الجنان!
يوشك أن تنتهي الرِّحلة،ويقِفَ كلُّ إنسانٍ على نهايته، ويعانق كلُّ إنسان لذائذ الجهد والتَّعب
والعرَق بعد فوات آثارها، وحينها لن ينفع نَفْسًا حَسْرةٌ على فائت، وسيظلُّ حديثُ نبيِّك
- صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((إن أهل الجنَّة يتراءون أهل الغُرَف من فوقهم كما تتراءون الكوكب
الدريَّ الغابر في جوف الأفق من المشرق أو المغرب؛ لِتَفاضل ما بينهما))، قالوا: يا رسول الله
تلك منازل الأنبياء لا يبلغها غيرُهم؟ قال: ((بلى، والذي نفسي بيده، رجالٌ آمنوا بالله
وصدَّقوا المرسلين))، رسالة تبعثُ في قلبك الأشواق.

د. مشعل عبدالعزيز الفلاحي

هادي علي مدخلي 09-03-2022 07:29 AM

رد: صناعة النهايات
 
صباح الخير
طرح رائع مميز
بارك الله فيك

مشاعر ساكنه 09-04-2022 06:04 PM

رد: صناعة النهايات
 
موضوع تذكيري قيم
سلمت يمناك وربي يجزاك خير الجزاء
ولا حرمك الاجر

تقديري وجل احترامي

بُشْرَى 09-04-2022 07:56 PM

رد: صناعة النهايات
 
اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة هادي علي مدخلي (المشاركة 251763)
صباح الخير
طرح رائع مميز
بارك الله فيك

.
.

أهلا بالرائع
سلم عطركflll:

بُشْرَى 09-04-2022 07:56 PM

رد: صناعة النهايات
 
اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة مشاعر ساكنه (المشاركة 251937)
موضوع تذكيري قيم
سلمت يمناك وربي يجزاك خير الجزاء
ولا حرمك الاجر

تقديري وجل احترامي

.
.

سلمت روحك مشاعر
دمت وطبت

فاطمة 09-12-2022 07:09 PM

رد: صناعة النهايات
 
بارك الله فيك وجزاك الخير والفردوس مستقرا
سلمت وطبت

بُشْرَى 09-13-2022 06:36 PM

رد: صناعة النهايات
 
اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة فاطمة (المشاركة 253103)
بارك الله فيك وجزاك الخير والفردوس مستقرا
سلمت وطبت

.
.

سلم الحضور الرقيق فاطمة
دمت في سعادة غاليتي
تقديري

النورس 09-13-2022 07:10 PM

رد: صناعة النهايات
 
جزاك الله خيراً أختنا الفاضلة

النقاء 09-13-2022 08:03 PM

رد: صناعة النهايات
 
جميل يالراقيه طرحك وقيم

جزاك الله خير الجزاء


شكرًا لروحك الجميلة هنا

ندى الحروف 09-13-2022 08:18 PM

رد: صناعة النهايات
 
أيسرُّكِ أيَّتُها النفس هذه الأماني وقد قعد بك العمل؟
أيسرُّكِ هذا التاريخُ وقد دنَتْ بك الدرجات؟
أيسرُّك هذا البَوْن الشاسعُ بينك وبين أصحاب الهِمَم والمعالي؟
واشواقاه إلى عظيمٍ خلَّف صاحبه في الدُّنيا، ورحل لعناق الغايات الكبرى!
واشوقاه إلى كبيرٍ في أفق الجنان!
...

الله مقال مبارك سامي المعاني
جزاكِ الله خيرًا غاليتي بُشرى
بوركتِ وجمال الروح


الساعة الآن 09:10 AM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
مجتمع ريلاكس

Ads Management Version 3.0.1 by Saeed Al-Atwi

new notificatio by 9adq_ala7sas
دعم وتطوير نواف كلك غلا

1 1 1 2 2 2 3 3 3 5 5 5 6 6 6 7 7 7 8 8 8 10 10 10 11 11 11 12 12 12 13 13 13 15 15 15 16 16 16 17 17 17 28 28 28 30 30 30 31 31 31 32 32 32 37 37 37 38 38 38 39 39 39 41 41 41 44 44 44 45 45 45 46 46 46 47 47 47